محلل سياسي يمني: انتهاكات الحوثيين ضد الأطفال تهدد بتفجير مستقبل اليمن لعقود
محلل سياسي يمني: انتهاكات الحوثيين ضد الأطفال تهدد بتفجير مستقبل اليمن لعقود
تشهد مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي في اليمن تصاعدًا مقلقًا في الانتهاكات الموجّهة ضد الأطفال، وسط تحذيرات حقوقية من أن الممارسات الحالية قد تقود إلى “كارثة جيلية” يصعب معالجتها مستقبلاً.
وتؤكد تقارير ميدانية، أن الجرائم بحق الطفولة لم تعد حوادث فردية، بل تحولت إلى “نهج ممنهج” تستخدمه الميليشيا لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي.
وتشير منظمات حقوقية يمنية ودولية إلى توسّع عمليات تجنيد الأطفال خلال العامين الماضيين، حيث يُستدرج الصغار عبر المدارس والمساجد والدورات الثقافية، قبل دفعهم للجبهات، في مخالفة صارخة للقوانين الدولية.
وتقدّر مصادر محلية، أن آلاف الأطفال جرى تجنيدهم في معارك الحوثيين، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات منهم في خطوط المواجهة.
كما تتحدث تقارير ميدانية عن انتهاكات جسيمة أخرى تشمل التهجير القسري، حرمان الأطفال من التعليم، وتعمّد استخدامهم في الدعاية العسكرية.
وفي الوقت ذاته، تتزايد شكاوى العائلات من عمليات خطف، وضغوط مالية، وفرض أيديولوجيا قسرية داخل المدارس التي تسيطر عليها الميليشيا، حيث يتم تغيير المناهج وتوجيه الطلاب نحو فكر طائفي يخدم مشروع الجماعة.
ويترافق ذلك مع تدهور شديد في أوضاع الطفولة بسبب الانهيار الاقتصادي والخدماتي، إذ أصبحت مناطق الحوثيين من أكثر البيئات خطورة على الأطفال، مع انتشار سوء التغذية والأوبئة وتراجع الخدمات الصحية.
منظمات الأمم المتحدة حذّرت سابقًا من أن “جيلاً كاملًا من الأطفال اليمنيين يواجه خطر الضياع”، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الانتهاكات.
ويرى محللون، أن استمرار هذه الجرائم دون ضغط دولي حقيقي قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التطرف، وتحوّل الأطفال المجنّدين إلى أدوات صراع طويلة المدى، ما يعقّد مستقبل اليمن لعقود قادمة.
ومع استمرار الصمت الدولي وضعف أدوات المحاسبة، تبدو جرائم الحوثي ضد الطفولة مرشّحة للتصاعد، ما يجعل مستقبل ملايين الأطفال في اليمن معلّقًا بين الحرب، والتجنيد، والحرمان، والانهيار المجتمعي.
وحذّر المحلل السياسي اليمني عبدالسلام الشريقي، من أن جرائم ميليشيا الحوثي ضد الأطفال في مناطق سيطرتها دخلت مرحلة “الخطر الوجودي”، مؤكدًا أن استمرار هذه الانتهاكات سيؤدي إلى “تدمير البنية الاجتماعية لليمن وخلق جيل مشوّه نفسيًا وفكريًا”.
وقال الشريقي -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: إن تجنيد الأطفال أصبح الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها الميليشيا لتعويض خسائرها البشرية، حيث يتم استقطاب الصغار عبر المدارس والدورات الطائفية، ثم دفعهم إلى خطوط القتال دون تدريب أو حماية، ما يسفر عن مقتل أعداد كبيرة منهم. وأوضح أن هذا التجنيد “ليس مجرد انتهاك حقوقي، بل جريمة حرب تستخدم فيها الطفولة كوقود لصراع عبثي”.
وأشار إلى أن أخطر ما تواجهه المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين هو “التغيير القسري للهوية”، إذ تتعمد الميليشيا إعادة صياغة المناهج المدرسية وغرس أفكار متطرفة في عقول الأطفال بهدف صناعة جيل يدين بالولاء المطلق للجماعة.
واعتبر أن هذا النهج “يمهّد لكارثة مستقبلية أكبر من الحرب نفسها”.
وأضاف الشريقي: أن الانهيار الاقتصادي في تلك المناطق ساهم في تفاقم الوضع، حيث تزايدت حالات التسرب من المدارس، وارتفعت معدلات سوء التغذية، فيما لجأت عائلات كثيرة إلى تزويج القاصرات أو دفع أطفالها للعمل لتأمين الطعام، في ظل غياب أي خدمات أو مؤسسات حماية طفولة.
وأكد، أن المجتمع الدولي ما زال يتعامل مع هذه الانتهاكات بـ“صمت غير مبرر”، رغم التقارير الدورية للأمم المتحدة التي توثق جرائم خطف الأطفال وتجنيدهم وحرمانهم من التعليم.
ودعا إلى تدخل دولي عاجل لمحاسبة المسؤولين الحوثيين، ووضع ملف الطفولة في مقدمة أولويات أي مفاوضات سياسية قادمة.
وختم الشريقي بالقول: إن استمرار هذه الجرائم “سيحوّل الأطفال المجنّدين اليوم إلى قنابل موقوتة غدًا”، محذرًا من أن اليمن قد يواجه بعد سنوات جيلاً كاملاً مشبعًا بالعنف والطائفية، إذا لم يتم وقف هذه الانتهاكات فورًا وإعادة تأهيل الضحايا وإصلاح منظومة التعليم.

العرب مباشر
الكلمات