عزلة أمريكية في مواجهة العالم.. ترامب يُعادي الحلفاء عالميًا
عزلة أمريكية في مواجهة العالم.. ترامب يُعادي الحلفاء عالميًا

منذ عودته المحتملة إلى البيت الأبيض، لم يخفِ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نهجه التصادمي مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، حيث تتزايد التوترات بين واشنطن والعديد من الدول في أوروبا، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، وكندا.
ترامب، الذي طالما عُرف بنهجه الأحادي، يسير بخطى متسارعة نحو عزلة أمريكا عالميًا، مما يضعف تحالفاتها التاريخية ويعزز الشكوك حول التزامها الدولي، حيث يقود ترامب حملات كبرى ضد دول عديدة في الوقت نفسه.
عداء متصاعد مع أوروبا
ولم يكد يمر أسبوع حتى صدم ترامب حلفاءه الأوروبيين بسلسلة من التصريحات والقرارات التي كشفت عن تجاهل غير مسبوق لشركاء الولايات المتحدة عبر الأطلسي، أبرز هذه الصدمات تمثلت في إعلانه بدء محادثات سلام مباشرة مع روسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، دون إشراك أوكرانيا نفسها أو حلفاء الناتو في العملية.
هذا النهج الفردي أثار استياءً واسعًا، إذ رأى القادة الأوروبيون أن الولايات المتحدة تتعامل معهم ككيانات ثانوية، مما أضعف موقفهم الاستراتيجي وعزز النفوذ الروسي.
تصرفات ترامب لم تقتصر على الملف الأوكراني، بل امتدت إلى العلاقات التجارية أيضًا، حيث فرض تعريفات جمركية على البضائع الأوروبية، في خطوة قد تكلف الشركات الأوروبية مئات المليارات من الدولارات.
كما أثار خطاب نائبه، جي دي فانس، في مؤتمر ميونيخ الأمني، استياءً واسعًا عندما وصف مسؤولي الاتحاد الأوروبي بـ"المفوضين السوفيات"، متهمًا إياهم بممارسة الرقابة، وهو ما زاد من توتر العلاقات بين الطرفين.
تحولات مفاجئة في الشرق الأوسط
ولم يكن الشرق الأوسط بعيدًا عن نهج ترامب التصادمي، حيث أشار مرارًا إلى ضرورة تقليص الدور الأمريكي في المنطقة، مما يُثير مخاوف الحلفاء التقليديين مثل السعودية وإسرائيل، تصاعدت التوترات مع إيران في ظل تهديداته المتكررة بإعادة فرض عقوبات أكثر صرامة، مما يزيد من احتمالية اندلاع مواجهات عسكرية.
كندا وأمريكا اللاتينية "حلفاء تحت النار"
ولم يسلم أقرب جيران الولايات المتحدة من مواقف ترامب العدائية، حيث شن هجومًا لفظيًا حادًا على كندا، معتبرًا أنها "تستغل" الولايات المتحدة تجاريًا، كما أثار تهديده بإعادة التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة توترًا مع الحكومة الكندية، التي وجدت نفسها مضطرة للدفاع عن مصالحها الاقتصادية أمام سياسات حمائية أمريكية متزايدة.
في أمريكا اللاتينية، يُعيد ترامب خطابه المتشدد بشأن الهجرة، ويهدد بفرض عقوبات اقتصادية على دول لم تتخذ "إجراءات كافية" لمنع تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة، كما أن مواقفه المتذبذبة تجاه الأنظمة اليمينية واليسارية في المنطقة تزيد من عدم الاستقرار السياسي، حيث يتبنى نهجًا براغماتيًا قد يُؤدي إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية مع العديد من الدول.
وما يثير القلق الأكبر هو أن نهج ترامب المتشدد قد يؤدي إلى إعادة تشكيل النظام العالمي بشكل جذري، حيث يدفع الحلفاء التقليديين إلى البحث عن بدائل استراتيجية. في أوروبا، بدأت بعض الدول تعزيز التعاون الدفاعي بعيدًا عن المظلة الأمريكية، بينما في الشرق الأوسط، تتزايد محاولات الدول الإقليمية لبناء تحالفات جديدة لتقليل الاعتماد على واشنطن.
مع تزايد التوترات على مختلف الجبهات، يتضح أن سياسات ترامب قد لا تقتصر على إضعاف مكانة الولايات المتحدة كحليف موثوق، بل قد تُؤدي إلى تسريع التغيرات الجيوسياسية التي تُعيد رسم خارطة التحالفات الدولية. وإذا استمر هذا النهج، فقد يجد ترامب نفسه رئيسًا لدولة أكثر عزلة في عالم بات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.