خطة أمريكية لغزة.. هل يُعيد التاريخ نفسه على خطى بيروت 1982؟
خطة أمريكية لغزة.. هل يُعيد التاريخ نفسه على خطى بيروت 1982؟

مع استمرار الحرب في غزة وتصاعد المعاناة الإنسانية، تبرز الحاجة إلى خطة شاملة لما بعد الصراع تضمن الاستقرار الإقليمي وتحقق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية بإزاحة حماس عن السلطة.
في هذا السياق، تتجه الأنظار إلى خطة تتبنى نموذج بيروت1982، حين نجحت الدبلوماسية الأمريكية في إبعاد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات عن لبنان.
خطة ترامب لإعادة تشكيل غزة
في خضم هذه التحركات، يُروج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمقترح مثير للجدل يتمثل في "تفريغ غزة من الفلسطينيين" وتحويلها إلى منطقة تحت سيطرة أمريكية، مع الترويج لها كمركز اقتصادي شبيه بالريفييرا.
هذه الفكرة، التي قوبلت برفض دولي وعربي واسع، دفعت الدبلوماسيين الأمريكيين إلى البحث عن بدائل أكثر واقعية.
دانييل شابيرو، السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل، أشار في مقال نشره "المجلس الأطلسي" إلى أن الحل البديل يتمثل في مشاركة الدول العربية في إعادة إعمار غزة وإرسال قوة استقرار متعددة الجنسيات، بدعم أمريكي، لضمان إيصال المساعدات وفرض النظام، في المقابل، سيكون على إسرائيل تخفيف معارضتها لمشاركة السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع.
هذا السيناريو قد يُحقق الهدف الأساسي، إبعاد حماس عن السلطة دون اللجوء إلى سيناريوهات غير واقعية مثل الطرح الذي قدمه ترامب.
النموذج التاريخي.. بيروت 1982
يتطلب إبعاد حماس خطة مشابهة لما جرى في بيروت عام 1982، حين نجحت جهود المبعوث الأمريكي فيليب حبيب في إخراج ياسر عرفات و14 ألف مقاتل فلسطيني من العاصمة اللبنانية إلى دول أخرى، ما حال دون اجتياح إسرائيلي كامل للمدينة.
يرى شابيرو أن نجاح هذا النموذج في غزة يتطلب جهودًا استخباراتية لتحديد قادة ومقاتلي حماس، وتأمين التمويل اللازم لإجلاء نحو 20 ألف مقاتل مع عائلاتهم، وتشمل الوجهات المحتملة دولًا لها علاقات أو تعاطف مع حماس، ولكن ذلك سيتطلب إعفاءات أمريكية من العقوبات لتسهيل عملية الاستيعاب.
ما الذي سيدفع حماس للقبول؟
يُواجه هذا المخطط تحديات كبيرة، لكن هناك عوامل قد تسهم في نجاحه، مع عزم إسرائيل على استئناف هجماتها، ومع غياب قيود أمريكية صارمة في ظل ترامب، قد تجد حماس نفسها أمام خيار "الهروب بدلًا من الفناء".
ضغط عربي منسق، إذا اتحدت الدول العربية الكبرى في إدانة حماس علنًا وحمّلتها مسؤولية معاناة الفلسطينيين، فقد يُؤدي ذلك إلى إضعاف موقفها وشعبيتها.
كذلك رغبة فلسطينية داخلية في التغيير، رغم القمع، يدرك العديد من الفلسطينيين في غزة أن حكم حماس جلب الدمار، وإذا تمكنوا من التعبير عن رفضهم، فقد يُشكل ذلك ضغطًا داخليًا على الحركة.
التنفيذ المعقد
إن تنظيم هذه العملية، بدءًا من الحملة الإعلامية ضد حماس، مرورًا بتأمين التمويل والدعم الدولي، وصولًا إلى ترتيبات الإجلاء، يشكل تحديًا لوجستيًا هائلًا، لكنه ليس مستحيلًا، لقد أثبتت تجربة فيليب حبيب أن هذه الخطط يمكن تحقيقها، إذا توافرت الإرادة السياسية والإقليمية.
وقد أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي أن فكرة إعادة إنتاج نموذج بيروت 1982 في غزة تواجه عقبات هائلة، إذ إن السياق الجغرافي والسياسي مختلف تمامًا، في بيروت، كانت منظمة التحرير تعتمد على بنية لوجستية خارجية مكنتها من إعادة التموضع، بينما في غزة، لا توجد وجهات واضحة لإعادة توطين مقاتلي حماس.
وأضاف فهمي - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - أنه حتى إن تم تنفيذ هذه الخطة جزئيًا، فإنها لا تضمن استقرار القطاع، بل قد تفتح الباب أمام صعود جماعات مسلحة جديدة أكثر تطرفًا، تجربة العراق وسوريا أظهرت أن فراغ السلطة يولد مزيدًا من الفوضى، وليس العكس، وأشار إلى أن أي مخطط لإعادة تشكيل غزة دون موافقة فلسطينية وعربية شاملة سيُواجه عقبات كبيرة، خاصة مع عدم وجود دعم دولي كافٍ لتطبيقه عمليًا.