"كورونا وفيضانات وإرهاب" مثلث الرعب الذي يحاصر الصوماليين

صورة أرشيفية

تجتمع الظروف على الصوماليين لتزيد من معاناتهم في الحياة اليومية فتهديد وباء كورونا سريع الانتشار يحاصرهم من جهة ومن عدة جهات أخرى تحاصرهم الفيضانات العنيفة والاقتصاد المعطل وأسراب الجراد الصحراوي، بالإضافة إلى الإرهاب والصراع والنزاعات المسلحة؛ الأمر الذي تسبب في نزوح الملايين طلبًا للسلامة، المساعدات العربية والدولية لم تتوقف والطائرات لا تنقطع عن جلب المساعدات للشعب الصومالي الذي تتكالب عليه الأزمات، فيما تشدد منظمات المجتمع المدني الدولية على ضرورة تكثيف المساعدات إنقاذًا لحياة الملايين من الشعب الصومالي.

الأمم المتحدة تحذر من كوارث غير مسبوقة ستضرب الصومال

قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: إن الفيضانات العنيفة والصراع والاقتصاد المعطل وأسراب الجراد الصحراوي إضافة إلى تهديد وباء كورونا سريع الانتشار، كل ذلك يهدد سلامة ما يصل إلى 2.6 مليون نازح في الصومال.

المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أكدت في تقرير حديث لها، خشيتها من تسبب حالات الطوارئ المتعددة والمعقدة بالصومال في عواقب شديدة القسوة ما لم يكن هناك تدخل سريع من المجتمع الدولي والسلطات الصومالية الوطنية والمحلية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الضخمة.

المنظمة الدولية أكدت أن أكثر من 220 ألف صومالي نزحوا داخليًّا منذ بداية العام بما في ذلك 137 ألفًا بسبب النزاع، وأشارت إلى أن الكوارث الطبيعية والكوارث المتعلقة بالمناخ بما في ذلك الجفاف وما ينجم عن ذلك من نقص في سبل العيش والفيضانات تعد من العوامل الإضافية المعقدة والمترابطة للنزوح، وفي الوقت الذي أوضحت المفوضية أن الفيضانات المفاجئة والنهرية في جنوب ووسط الصومال أدت إلى نزوح نحو 90 ألف شخص مع نزوح إضافي متوقع؛ ما أدى إلى تفاقم الاحتياجات الموجودة مسبقًا التي يواجهها النازحون والمجتمعات المضيفة، فإن المنظمة حذرت من أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية فإن أمطار هذا العام تعطي إشارة إلى أنها يمكن أن تشكل نفس التهديد الكارثي مثل أمطار عام 2019.

الجراد والإرهاب.. الأخطر على حياة الصوماليين

كما حذرت المنظمة من أن أسراب الجراد الصحراوي والذي يعد أكثر الحشرات المهاجرة تدميرًا في العالم تهدد بتقويض غلة المحاصيل وتسبب نقصًا واسعًا في الغذاء، وقالت المفوضية الأممية إنها نقلت مساعدات طارئة جوًّا في وقت سابق من هذا الأسبوع لمساعدة 8 آلاف شخص وعلى أن تطلق المنظمة جسرًا جويًّا ثانيًا لتصل مساعداتها إلى حوالي 37 ألف شخص.

ولفتت مفوضية اللاجئين إلى أن العمليات المسلحة لمواجهة حركة الشباب في الصومال أدت إلى اضطرار أكثر من 50 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم، وقالت إن المجتمعات تعرضت بشكل مباشر لهجمات تبادل إطلاق النار وقذائف الهاون في قراهم وتجنيد الأطفال والعنف القائم على نوع الجنس بما في ذلك الاغتصاب والاعتقال التعسفي، كما أجبر القتال بين أطراف النزاع في المنطقة ما يقدر بنحو 40 ألف شخص على الفرار من منازلهم.

النزاعات تهدد الأعمال الإنسانية.. وإسقاط إثيوبيا لطائرة مساعدات غلطة لا تغتفر

المجتمع الدولي حذّر من خطورة تطور النزاعات والإرهاب على مستوى الصومال وما يحيط بها من دول بشكل يؤثر على المساعدات الإنسانية، حيث اعترفت السلطات في إثيوبيا الأيام الماضية بمسؤوليتها عن إسقاط طائرة كينية خاصة في أجواء الصومال؛ ما أدى لمقتل جميع ركابها.

وقال الجيش الإثيوبي في بيان للاتحاد الإفريقي: إن "القوات الإثيوبية التي كانت تحمي معسكرًا في بلدة بجنوب غرب الصومال أسقطت الطائرة المملوكة لشركة كينية خاصة الاثنين الماضي".

وذكر البيان أن الطائرة كانت تحمل إمدادات إنسانية وطبية وطاقمًا مؤلفًا من 3 مواطنين كينيين ومواطنين صوماليين اثنين.

وقال البيان: إن الجنود الإثيوبيين كانوا يعتقدون خطأ أن الطائرة كانت في مهمة انتحارية، نظرًا لعدم إبلاغهم عن الرحلة ولأن الطائرة كانت تحلق على ارتفاع منخفض بصورة غير اعتيادية.

وأعربت كينيا عن صدمتها بشأن الحادث الأسبوع الماضي، قائلة: إن "مهمة الطائرة كانت مساعدة الصومال في التعامل مع جائحة كورونا المستجد".

بتوجيهات "بن راشد": الإمارات تمد يدها لدعم الصوماليين في أزمتهم

من جانبها، سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة بإرسال مساعدات إنسانية للصومال لكبح الأزمات المتلاحقة، حيث أرسلت طائرة مساعدات إنسانية إلى الصومال وعلى متنها أكثر من 35 طنًا من التجهيزات الطبية والمعونات لتعزيز قدرتها على التصدي لوباء كورونا وإغاثة متضررين الفيضانات. 

المساعدات أمر بإرسالها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، جاءت كاستجابة سريعة لنداء منظمة الصحة العالمية ومفوضية شؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لإغاثة دولة الصومال.

والرحلة سيرتها المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، وتساهم أيضًا في دعم عمليات الإغاثة والإعاشة للآلاف من المتضررين من الفيضانات والذين أجبروا على هجر مساكنهم جراء السيول، ومن ثَم توفير المقومات المعيشية الضرورية لهم.

وقال محمد إبراهيم الشيباني، رئيس اللجنة العليا للإشراف على المدينة العالمية للخدمات الإنسانية: "عملنا على الفور على تنفيذ توجيهات الشيخ محمد بن راشد لحرصنا أن تكون الاستجابة السريعة للمدينة العالمية للخدمات الإنسانية ترجمةً واقعية لرؤيته لتأسيس هذه المدينة".

ولفت إلى أن المساعدات "تهدف إلى توفير منصة داعمة ذات قدرات لوجيستية عالية الكفاءة والاعتمادية لاستضافة وتسهيل ومساعدة المنظمات والهيئات والأفراد الذين يعملون في مجال الإغاثة وخدمة المحتاجين، حتى يتمكنوا من العمل معاً كقوة مؤثرة واحدة لتحسين الظروف الصعبة التي قد يمر بها سكان مناطق مختلفة من العالم والتخفيف من معاناتهم".

وفي السياق ذاته، وزع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 15.400 سلة غذائية في مدينة هرجيسا بإقليم صوماليلاند تزن 1.386 طنًا، استفاد منها 92.400 فرد، بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الجفاف وتأمين الغذاء في الصومال.

وتقدم رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الجفاف وتأمين الغذاء في صوماليلاند فيصل علي شيخ بالشكر الجزيل للملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده، ومركز الملك سلمان للإغاثة على وقوفهم ودعمهم الدائم لأشقائهم في صوماليلاند، وكذلك لجهود فرع المركز في إفريقيا لمتابعته الوضع الإنساني في صوماليلاند، وتقديم الإغاثة العاجلة للمحتاجين والمتضررين والفئات الضعيفة.

لولا المساعدات الإنسانية لاندثر الشعب الصومالي.. وظروف البلد تساعد "كورونا"

يقول محمد عمر، 40 عامًا، يعيش في مقديشو، المصائب لا تأتي فرادى، فالأزمات تحاصر الشعب الصومالي من كل اتجاه، ولولا المساعدات العربية والدولية ما كان لشعبنا أن يستمر حتى هذه اللحظات، مضيفًا لا نستطيع توجيه اللوم إلى الحكومة أو أي شخص، معظم الأزمات التي تضربنا باستثناء الإرهاب هي أزمات طبيعية وقضاء وقدر.

وتابع: الوضع الإنساني يزداد سوءًا مع تفشي فيروس كورونا خاصة أن معظم النازحين والذين وصلت أعدادهم لـ3 ملايين شخص يعيشون في مستوطنات مزدحمة ويكاد يكون مستحيل تطبيق ما يسمى بالتباعد الاجتماعي، موضحًا أن من النادر في الصومال وجود مياه نظيفة كافية للشرب وغسل اليدين وهي الظروف الأنسب لتفشي وانتشار فيروس كورونا بشكل يصعب السيطرة عليه.