أمجد الشوا.. توافق فلسطيني نادر على مدني لإدارة غزة ما بعد الحرب

أمجد الشوا.. توافق فلسطيني نادر على مدني لإدارة غزة ما بعد الحرب

أمجد الشوا.. توافق فلسطيني نادر على مدني لإدارة غزة ما بعد الحرب
أمجد الشوا

في تطور سياسي غير مسبوق منذ سنوات الانقسام، برز اسم الحقوقي الفلسطيني أمجد الشوا كمرشح توافقي لرئاسة اللجنة المكلّفة بإدارة قطاع غزة، في خطوة وصفتها مصادر مطّلعة بأنها "محاولة لكسر الجمود" وإعادة بناء الثقة بين الأطراف الفلسطينية.

 المصادر العبرية تحدثت عن موافقة مبدئية من حركتَي حماس وفتح على اختيار الشوا، بانتظار ضوء أخضر أمريكي لاستكمال المشاورات التي تجري تحت الرعاية المصرية في القاهرة، الخطوة تأتي في سياق المرحلة الثانية من خطة التسوية الإقليمية، والتي تهدف إلى تنظيم إدارة القطاع بعد الحرب، وتوحيد مؤسسات الحكم الفلسطيني تمهيدًا لحوار وطني شامل.

 وبينما يرى مراقبون، أن تعيين شخصية مدنية مستقلة على رأس إدارة غزة يمثل تحولاً نوعياً في التفكير السياسي الفلسطيني، يطرح آخرون سؤالاً أكثر عمقًا، هل يملك الشوا فعلاً مفاتيح التوازن بين الواقع الأمني والسياسي في القطاع؟

حماس توافق


أكدت قناة "كان" العبرية، أن حركة حماس وافقت على تعيين الناشط الحقوقي الفلسطيني أمجد الشوا رئيسًا للجنة إدارة شؤون قطاع غزة، وهي لجنة تكنوقراطية يُفترض أن تتولى مسؤوليات الحكم المحلي والإشراف على إعادة الإعمار بعد وقف إطلاق النار.

وأشارت القناة إلى أن السلطة الفلسطينية أبدت بدورها موافقة مبدئية على هذا التعيين خلال اجتماع جرى في القاهرة بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأن القرار النهائي يبقى رهين الموقف الأمريكي الذي ما زال قيد الدراسة، في ضوء الترتيبات الأمنية والسياسية الجارية في القطاع.

بحسب مصادر دبلوماسية، فإن القاهرة تقود جهودًا حثيثة لتشكيل إدارة مدنية مؤقتة تتولى تسيير شؤون غزة، في انتظار بلورة اتفاق شامل يعيد توحيد النظام السياسي الفلسطيني.

 ويبدو أن اختيار الشوا تحديدًا يعكس توجهًا نحو شخصية غير فصائلية ذات سجل إنساني ومهني يمكن أن تحظى بقبول دولي ومحلي في آن واحد.

الفصائل الفلسطينية، في بيان ختامي لاجتماعاتها بالقاهرة، أكدت أن اللقاءات "ركّزت على دعم اتفاق وقف إطلاق النار، وتفعيل آليات الحفاظ على الأمن والاستقرار في القطاع"، مشيرة إلى توافق على تسليم إدارة غزة للجنة تكنوقراط محلية، مع الإشراف على عملية إعادة الإعمار من خلال لجنة دولية مختصة.

كما شدد البيان على أهمية وحدة النظام السياسي واستقلال القرار الوطني الفلسطيني، وعلى ضرورة استصدار قرار أممي لتشكيل قوة مراقبة مؤقتة تتابع تنفيذ اتفاق وقف النار.

من هو أمجد الشوا؟


ويُنظر إلى أمجد الشوا كأحد أبرز الشخصيات المدنية الفلسطينية في العقدين الأخيرين. فالرجل، الذي وُلد في مدينة غزة، راكم خبرة طويلة في مجال العمل الحقوقي والإنساني، شغل خلالها منصب نائب المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومديرًا عامًا لشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية التي تضم أكثر من 140 مؤسسة في مجالات إنسانية وتنموية متنوعة.

بدأ الشوا مسيرته المهنية مدرّسًا للصمّ ومراسلًا صحفيًا، قبل أن يتدرج في مواقع العمل المدني حتى أصبح أحد الأصوات البارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان والتنمية المستدامة في فلسطين.

وفي عام 2007، قاد الحملة الدولية لفك الحصار عن غزة، كما تعاون مع منظمات دولية عدة بينها منظمة العفو الدولية (أمنستي) ولجنة رعاية الأطفال الفلسطينيين ذوي الإعاقة، ما أكسبه حضورًا مميزًا في الأوساط الحقوقية الإقليمية والدولية.

ويرى مراقبون، أن اختيار شخصية مثل الشوا يحمل دلالات رمزية وسياسية مهمة، فهو لا ينتمي إلى أي فصيل، ويتمتع بسمعة مهنية نظيفة، ما يجعله جسرًا محتملاً بين حماس والسلطة.

ويقول محللون: إن القاهرة وواشنطن تعوّلان على هذا التوجه المدني لتخفيف التوتر السياسي، وإطلاق مسار جديد لإعادة إعمار غزة وفق آليات شفافة، بعيدًا عن التجاذبات الفصائلية التي عطّلت جهود الإعمار في السابق.

لكن التحدي الأكبر، كما يراه بعض المراقبين، يكمن في قدرة اللجنة المقترحة على ممارسة صلاحياتها وسط واقع معقد، يتداخل فيه الأمني بالسياسي، والإنساني بالاقتصادي، في منطقة ما تزال تحت وطأة الدمار والحصار.

كما يلفت آخرون إلى أن القبول الأمريكي سيكون العامل الحاسم في تثبيت هذا التعيين، خصوصًا أن واشنطن تسعى إلى نموذج إدارة في غزة يحظى بمصداقية دولية ولا يُفهم كـ"هدية سياسية" لأي طرف.

وفي حال اعتماد التعيين رسميًا، سيجد أمجد الشوا نفسه أمام مهمة شديدة التعقيد، وهي إعادة بناء الثقة بين مكونات الشعب الفلسطيني، وضمان استقرار أمني هش، وفتح مسار سياسي جديد يعيد غزة إلى قلب المشروع الوطني الفلسطيني.