ما بعد الأسد.. الرياض تجمع الأطراف الدولية لدعم سوريا
ما بعد الأسد.. الرياض تجمع الأطراف الدولية لدعم سوريا
في خطوة تعكس أهمية الدور الإقليمي والدولي في رسم ملامح المرحلة المقبلة لسوريا، تحتضن العاصمة السعودية الرياض، اليوم الأحد، اجتماعًا وزاريًا موسعًا يضم وزراء خارجية من دول عربية وغربية وممثلين عن منظمات أممية ودولية.
تأتي هذه القمة بعد سقوط نظام الأسد، لتؤكد التزام الدول المشاركة بمساندة الشعب السوري في إعادة بناء وطنه، وصياغة مسار سياسي جديد يحقق الأمن والاستقرار للشعب السوري، ويرسخ الوحدة الوطنية.
يُعد الاجتماع امتدادًا لمبادرات سابقة، أبرزها لقاء العقبة في الأردن، الذي شدد على أهمية الانتقال السياسي السلمي في سوريا وفق قرارات الشرعية الدولية، مع تصاعد التحديات في هذه المرحلة الدقيقة، يبحث المشاركون كيفية تفعيل المبادرات الإقليمية والدولية لضمان سلامة الانتقال وإعادة إعمار البلاد.
*وصول وفود بارزة*
بدأت الوفود بالوصول إلى مطار الملك خالد الدولي منذ مساء السبت، حيث استقبل المهندس وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، وزراء خارجية عدة دول عربية، بينهم الشيخ عبد الله بن زايد من الإمارات، وأسعد الشيباني من الإدارة السورية الجديدة، وعبدالله علي اليحيا من الكويت، والدكتور بدر عبد العاطي من مصر.
كما وصل المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، وكايا كالاس، المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي.
حيث تستضيف الرياض، اليوم، اجتماعًا وزاريًا موسعًا بشأن سوريا، بحضور دول عربية وغربية، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويجمع الاجتماع أطرافًا رئيسية بهدف استعراض الوضع السوري بعد سقوط نظام الأسد الشهر الماضي، وبحث سبل دعم المرحلة الانتقالية سياسيًا واقتصاديًا.
*محاور الاجتماع*
يركز الاجتماع على عدة ملفات محورية يأتي في صدارتها، تعزيز الانتقال السياسي، ويتضمن مناقشة آليات شاملة لتحقيق عملية انتقالية جامعة تمثل جميع الأطراف السورية، وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254.
في السياق ذاته، يبرز ملف إعادة الأعمار كأحد أهم الملفات التي يجري مناقشتها، وتبحث الأطراف الدعم الاقتصادي لسوريا، بما يشمل إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وتوفير الخدمات الأساسية، وذلك دون أغفال الملف الإنساني الذي يعيره الاجتماع اهتمامًا خاصًا، ويسعى الاجتماع لبحث الأوضاع الإنسانية والسعي لتقديم مساعدات عاجلة لملايين السوريين الذين يعانون من النزوح والفقر.
ويختتم الاجتماع بأحد أهم الملفات في المنطقة وهو ملف محاربة الإرهاب، حيث يتم تناول جهود مكافحة التنظيمات المتطرفة وضمان أمن الحدود السورية.
*اجتماع الرياض امتدادًا للقاء العقبة*
يجري هذا الاجتماع في سياق متابعة نتائج لقاء العقبة بالأردن، الذي شهد تأكيدًا من "لجنة الاتصال الوزارية" على ضرورة مساندة سوريا في تحقيق استقرارها السياسي والاقتصادي.
وأشارت اللجنة إلى أهمية صياغة عقد اجتماعي جديد يحفظ حقوق الشعب السوري، ويحقق العدالة والمساواة بين مكوناته.
كما أكد الاجتماع السابق ضرورة إشراك المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة في رعاية الانتقال السياسي، بما يضمن الالتزام بمبادئ الحوكمة الرشيدة واحترام حقوق الإنسان.
يشدد حضور ممثلي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على الاهتمام الدولي بمستقبل سوريا، قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين في تصريحات لـ"فرانس برس": إن وجود كايا كالاس في الاجتماع يعكس التزام الاتحاد الأوروبي بمواصلة دعم سوريا على الصعيدين السياسي والإنساني.
كما أكد الدبلوماسي، أن الحل السياسي يظل المفتاح لاستقرار البلاد وإعادة الإعمار.
*فرصة تاريخية*
من جانبه، يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية: إن اجتماع الرياض يمثل فرصة تاريخية لإعادة توجيه المسار السياسي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، لكنه يؤكد أن نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى قدرة الأطراف الدولية والإقليمية على تجاوز خلافاتها والعمل بجدية لدعم عملية الانتقال السياسي.
وأشار المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، إلى أن القرارات الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن 2254، تشكل إطارًا قويًا للحل، لكن التحدي يكمن في ضمان التزام جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القوى الإقليمية التي لها نفوذ كبير داخل سوريا.
وأضاف المنجي، ما تحتاجه سوريا حاليًا هو اتفاق واضح يحدد دور كل من القوى السياسية والاجتماعية في عملية الانتقال، إلى جانب توفير الدعم الاقتصادي لإعادة الإعمار.
وتابع أستاذ العلوم السياسية:أن إشراك منظمات دولية في هذا الإطار سيضمن تحقيق العدالة وتوحيد الجهود لإعادة بناء المؤسسات السورية".
وختم بالقول: إن "استمرار الحوار في هذا الاجتماع وما يليه هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار طويل الأمد في سوريا".