الرئيس يدعو لتسريع المحاكمات.. ملفات الإخوان على صفيح ساخن في تونس

الرئيس يدعو لتسريع المحاكمات.. ملفات الإخوان على صفيح ساخن في تونس

الرئيس يدعو لتسريع المحاكمات.. ملفات الإخوان على صفيح ساخن في تونس
قيس سعيّد

دعا الرئيس التونسي، قيس سعيد، وزيرة العدل ليلى جفال إلى تسريع البت في ملفات جرائم تنظيم الإخوان، خلال لقاء جمعهما في قصر قرطاج، في خطوة تعكس تصاعد الضغوط الشعبية والرسمية لمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم.

عدالة مؤجلة ومطالب شعبية


أكد سعيد، خلال اللقاء، أن الإجراءات القضائية ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق العدالة التي ينشدها الشعب التونسي.

وقال: "التأجيل المتكرر لبعض القضايا، خاصة تلك المتعلقة بملفات الاغتيالات السياسية، يمثل نوعًا من نكران العدالة. الشعب يريد معرفة الحقائق كاملة والمحاسبة العادلة".

القضايا التي أشار إليها الرئيس تتعلق بجرائم هزت تونس خلال فترة حكم الإخوان، والتي كشفت عن الوجه الحقيقي لتنظيم سعى للسيطرة على مفاصل الدولة بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011.

الاغتيالات السياسية.. ندوب عميقة في الذاكرة التونسية

تعتبر قضية الاغتيالات السياسية أبرز الملفات التي تعكس الانتهاكات التي شهدتها تونس في ظل حكم الإخوان. 

ففي 6 فبراير 2013، اغتيل السياسي شكري بلعيد أمام منزله بضواحي العاصمة، في حادثة صدمت الشارع التونسي وأظهرت حجم العنف الذي رافق صعود الإخوان إلى السلطة.

جاءت الجريمة خلال فترة حكومة الإخوان برئاسة حمادي الجبالي، بينما كان وزير الداخلية آنذاك علي العريض ووزير العدل نور الدين البحيري، وهما من أبرز قيادات التنظيم، يشغلان مناصب حساسة.

ولم تكن هذه الجريمة الوحيدة التي شهدتها تونس خلال تلك الفترة، إذ استهدف السياسي محمد البراهمي في 25 يوليو 2013 بـ14 طلقة نارية أمام منزله وأمام أسرته.

 تلك الجريمة المروعة، التي أثارت موجة غضب شعبي، مثلت قمة التوتر السياسي والأمني الذي عاشته البلاد تحت حكم الإخوان.

محاكمات لم تكتمل


ورغم الإطاحة بحكم الإخوان بعد قرارات 25 يوليو 2021 التي أعادت السيطرة إلى مؤسسات الدولة وحررت القضاء من قبضة التنظيم، فإن ملفات عديدة، من بينها الاغتيالات السياسية، ما تزال قيد الانتظار في أروقة المحاكم.

ويشير مراقبون، أن تأخير البت في هذه القضايا يعكس تركة ثقيلة خلفها الإخوان داخل المنظومة القضائية، حيث عملوا خلال سنوات حكمهم على زرع نفوذهم في المؤسسات الحساسة، لضمان الإفلات من العقاب.

تأتي دعوة الرئيس قيس سعيد لتسريع المحاكمات في ظل ضغوط متزايدة من الشارع التونسي الذي ينادي بالعدالة والمحاسبة، ويرى مراقبون أن خطوة سعيد تعكس التزامه بالمضي قدمًا في مسار تصحيح الأوضاع ومحاربة الفساد الذي استشرى في ظل حكم الإخوان.

وأكد سعيد - في تصريحاته الأخيرة-أهمية تحقيق العدالة وفق القانون الذي يتساوى أمامه الجميع. وقال: "ميزان العدل هو أهم ميزان في الحياة الدنيا. الشعب التونسي يريد حقه في العدالة، ولن يتسامح مع التأخير".

منذ إزاحتهم عن الحكم، يواجه تنظيم الإخوان في تونس أزمة وجودية مع محاصرة قياداته من قبل القضاء وملاحقتهم بتهم تتراوح بين الفساد والإرهاب. 

وكان علي العريض، وزير الداخلية الأسبق، من أبرز القيادات الإخوانية التي طالتها المحاكمات، إلى جانب زعيم الحركة راشد الغنوشي الذي يواجه عدة اتهامات.

ويرى خبراء، أن التحركات الأخيرة تهدف إلى تفكيك شبكات الإخوان داخل المؤسسات، بما في ذلك القضاء، حيث كان التنظيم يعتمد على نفوذه لضمان الحماية لأعضائه المتورطين في جرائم مختلفة.

يمثل تسريع المحاكمات في ملفات الإخوان اختبارًا كبيرًا للحكومة التونسية وللنظام القضائي الذي يسعى لاستعادة ثقة الشعب.

وتبقى العدالة المنشودة خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار في البلاد، خاصة مع تصاعد المطالب الشعبية بمحاسبة المتورطين في قضايا الاغتيالات السياسية والفساد.

وفي ظل التحركات الأخيرة، يبدو أن تونس تتجه نحو مرحلة جديدة من المحاسبة، قد تعيد ترتيب المشهد السياسي وتضع حدًا للإفلات من العقاب الذي طالما ميز سنوات حكم الإخوان.

ويقول الباحث السياسي التونسي، حازم القصوري: إن دعوة الرئيس قيس سعيد لتسريع البت في ملفات الإخوان تأتي في سياق رغبة السلطة في الاستجابة للمطالب الشعبية، التي تضغط منذ سنوات من أجل تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في الجرائم السياسية التي هزت البلاد.

وأضاف القصوري - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن ملف الاغتيالات السياسية هو بمثابة جرح مفتوح في الذاكرة الوطنية، والشعب التونسي لن ينسى دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي، والبطء في المحاكمات يزيد من الشعور بالإحباط وفقدان الثقة في المؤسسات القضائية، وكذلك أشار أن تأخير البت في القضايا يعكس مدى تغلغل تنظيم الإخوان في المؤسسات خلال فترة حكمه.
وأضاف: "الإخوان زرعوا شبكاتهم داخل القضاء لضمان الإفلات من العقاب، وما نشهده اليوم هو محاولة لاستعادة هذه المؤسسات ووضعها في إطارها الطبيعي كجهة محايدة تخدم العدالة.