ظلّ حزب الله في اليمن.. انفجارات الداخل تكشف الواجهة الإقليمية

ظلّ حزب الله في اليمن.. انفجارات الداخل تكشف الواجهة الإقليمية

ظلّ حزب الله في اليمن.. انفجارات الداخل تكشف الواجهة الإقليمية
حزب الله

في وقتٍ تشهد فيه جبهات اليمن هدوءًا نسبيًا، يتواصل الاشتعال من الداخل، وهذه المرة عبر انفجارات غامضة مصدرها مستودعات السلاح التابعة للحوثيين وسط الأحياء المدنية، الانفجار الذي هز مدينة تعز لم يكن حادثًا عرضيًا، بل نتيجة مباشرة لتحويل الأسواق الشعبية والمباني السكنية إلى ترسانة ذخيرة متنقلة، في مشهد يتكرر بوتيرة مقلقة، ما يُثير التساؤلات ليس فقط سقوط الضحايا الأبرياء، بل التعتيم الحوثي الشديد حول هذه الانفجارات، ومحاولات طمس آثارها الأمنية والعسكرية.

 التقارير الواردة تربط بين هذه الحوادث وبين وجود مستشارين عسكريين من حزب الله داخل اليمن، ما يعيد إلى الواجهة التساؤلات القديمة الجديدة حول مدى عمق الارتباط بين الحوثيين ومحور إيران الإقليمي، ومدى خطورة تحويل المدن اليمنية إلى ساحات تخزين وتجريب، فهل بات الداخل اليمني هدفًا مباشرًا لمعادلات صراعات الخارج؟ ومن يدفع الثمن فعلًا؟

*انفجار جديد*


في صباح الخميس، استفاقت مدينة تعز على انفجار عنيف هزّ حيًّا شعبيًا في مفرق ماوية، ليحمل معه مشهدًا جديدًا من الدمار والدم، وليفضح مجددًا ممارسات جماعة الحوثي في تخزين الأسلحة وسط المدنيين.

الانفجار، الذي وقع في طابق سفلي لأحد المباني السكنية، خلّف حصيلة أولية من ثلاثة قتلى وثلاثة جرحى، جميعهم من عائلة واحدة كانت تقطن فوق المخزن مباشرة.

الضحايا، وهم من سكان محافظة الحديدة، وجدوا أنفسهم ضحية خيار عسكري فرضته المليشيات بعيدًا عن أي اعتبار للمدنيين.

أعمدة الدخان الكثيف والنيران المتصاعدة كشفت حجم الكارثة، فيما سارعت العناصر الحوثية إلى تطويق المكان ومنع الصحفيين والمواطنين من التصوير أو الاقتراب، في محاولة لفرض تعتيم تام.

الحادثة لم تكن الأولى، فقبل أسبوع فقط، شهدت منطقة صرف في صنعاء انفجارًا أكبر في مستودع صواريخ حوثي، أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصًا وإصابة العشرات، بينهم أطفال ونساء.

اللافت في انفجار صنعاء أن المعلومات المتقاطعة من مصادر أمنية تحدثت عن مقتل خبير عسكري من حزب الله يُعرف بـ"أبو رضوان"، إلى جانب قياديين حوثيين، أثناء قيامهم بمهمة داخل المستودع.

*حزب الله في قلب المشهد*


الوجود العسكري لحزب الله داخل اليمن لم يعد مجرد تكهنات، فالمعلومات التي رشحت بعد انفجار صنعاء أكدت وجود عناصر لبنانية تدرب المقاتلين الحوثيين وتساعد في إدارة منظومات الصواريخ والطائرات المسيّرة.

هذه المعلومات تعزز فرضية أن مخازن السلاح المنتشرة في الأحياء المدنية ليست فقط لخدمة المعركة المحلية، بل تشكل جزءًا من بنية عسكرية إقليمية تتجاوز الجغرافيا اليمنية.

وبينما يحرص الحوثيون على إخفاء آثار هذه الحوادث، فإن وسائل الإعلام الحقوقية والمراقبين الدوليين بدأوا يدقّون ناقوس الخطر بشأن سياسة تحويل المدنيين إلى دروع بشرية.

فاختيار الأسواق الشعبية والمباني السكنية لتخزين الأسلحة، ثم التعامل مع ضحايا الانفجارات باعتبارهم "أضرارًا جانبية"، يكشف انعدام أي احترام لحرمة المدنيين أو القوانين الدولية.

*الانعكاسات على المدى البعيد*


يقول مراقبون: إن الانفجارات المتكررة تشير إلى أزمة تنظيم داخلي لدى الحوثيين، لكنها في الوقت نفسه تكشف تزايد الاعتماد على الدعم الخارجي لإدارة الشأن العسكري. فبوجود خبراء أجانب، تتداخل المصالح الإيرانية واللبنانية مع السياق اليمني، ما يزيد من تعقيد أي تسوية سياسية قادمة.

وأوضح المراقبون، إن استمرار حوادث الانفجار وسط الأحياء السكنية قد يشعل موجة غضب داخلي من قبل المجتمعات المحلية، خصوصًا في المناطق التي ما تزال تحت سيطرة الحوثيين. 

كما يُتوقع أن تؤدي هذه الحوادث إلى ضغط أممي متزايد لمراقبة استخدام المساعدات الإنسانية والعسكرية، في ظل الحديث عن خروقات مستمرة لاتفاقات الهدنة.

*عقيدة قتالية*


من جانبه، أكد مصدر مطلع، أن ما يحدث ليس مجرد "خلل أمني"، بل يمثل استراتيجية متعمدة من قبل جماعة الحوثي تقوم على عسكرة المجتمع، واستخدامه كدرع بشري لتحقيق أهداف عسكرية.

ويضيف، التخزين العشوائي للأسلحة وسط الأحياء المأهولة لا ينبع من ارتجال، بل من عقيدة قتالية تمزج بين التخفي المدني والتكتيك العسكري، نحن نتحدث عن نمط حرب غير تقليدي يستوحي عناصره من تجارب حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت وغزة.

ويرى، أن مقتل خبير من حزب الله في انفجار صنعاء يعزز فرضية إشراف الحزب المباشر على بعض جوانب الملف العسكري الحوثي، وهو ما يثير المخاوف من تحويل اليمن إلى قاعدة عمليات إقليمية مستترة.

وتابع: المشكلة الكبرى أن هذا التكتيك يترك آثارًا مدمرة على المدنيين وعلى البنية التحتية، ما يعقّد أي جهود لاحقة لإعادة الإعمار أو إعادة الثقة بالعملية السياسية.