تضخم وتأثيرات اقتصادية صعبة على العالم.. ماذا أنتجت الحرب بين روسيا وأوكرانيا
تسببت الحرب بين روسيا وأوكرانيا في زيادة التضخم
ضربة قوية يتلقاها الاقتصاد العالمي، مع استمرار الحرب في أوكرانيا التي تسببت في تفاقم أزمة الطاقة، وتوسع أزمة الغذاء وانهيار سلاسل الإمداد، ودخول العالم في موجة جديدة من التضخم.
مؤسسات دولية تكشف
وعبرت مؤسسات دولية وخبراء من تداعيات الأزمة على الاقتصاديات العالمية، حيث سيكون للصراع الجاري "تأثير جسيم" على الأسواق المالية العالمية، التي لم تتخطَّ بعد التداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا.
وأظهرت البيانات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن أسعار المواد الغذائية سجلت ارتفاعا قياسيا في فبراير، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل في فبراير 2011.
وتنبأ المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة المتحدة بتراجع الناتج المحلي الإجمالي للعالم بنسبة 1 في المئة بحلول العام 2023، بما قيمته تريليون دولار وارتفاع معدلات التضخم عالميا بنحو 3 نقاط مئوية في العام 2022 ونقطتين مئويتين في العام 2023.
وتوقع أن تكون أوروبا الأكثر تضررا من النزاع الجاري، نظرا لطبيعة التشابكات التجارية بين "طرفي النزاع من جانب وبين سائر دول القارة، وأن تكون الاقتصادات الناشئة أقل تأثرا بتداعيات الحرب من الاقتصادات المتقدمة".
أكد أندرميت جيل، نائب الرئيس، النمو العادل والشؤون المالية والمؤسسات (EFI)، مجموعة البنك الدولي أن الحرب في أوكرانيا جاءت في وقت هو الأسوأ بالنسبة للاقتصاد العالمي؛ إذ بدأ يتداعى التعافي من الانكماش الناجم عن جائحة كورونا، والتضخم آخذٌ في الازدياد، والبنوك المركزية في أكبر اقتصادات العالم تستعد لرفع أسعار الفائدة، وأسواق المال تضطرب بشدة في خضم حالة من الشكوك وعدم اليقين.
تأثيرات اقتصادية عالمية
قالت الدكتورة عقيلة دبيشي، مدير المركز الفرنسي للدراسات الإستراتيجية والدولية، إن هناك تأثيرات اقتصادية عالمية واضحة على الكثير من الدول جراء الأحداث القائمة بين روسيا وأوكرانيا، وخاصة 80 % من الصادرات الروسية إلى الخارج هي الآن في المواد الخام، الغاز والنفط في المقام الأول.
وأضافت مدير المركز الفرنسي للدراسات الإستراتيجية: أن صناعة البترول في روسيا هي واحدة من أكبر الصناعات في العالم، وهي أكبر مصدر للغاز الطبيعي. ومن الصادرات الرئيسية الأخرى الفحم والحديد والألمنيوم والمعادن النفيسة والأخشاب المنشورة والحبوب، وهذا يجعل الاقتصاد العالمي كله مرهونا لتقلبات الاقتصاد الروسي وقراراتها تجاه قدرتها على التوريد، في ظل الحرب، أو امتناعها عن توريد السلع إلى العالم الذي قرر عدم التعاطي مع الشركات الروسية.
ولفتت أن هذا يعني أن العديد من السلع ستكون مفقودة، وعلى الأغلب لن تكون متوفرة في المستقبل، وهذا يجعل الأسواق تعاني من شح هذه المواد، وهو ما يدفعها إلى الارتفاع الحاد، كما أن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى تعطيل التجارة في البحر الأسود وتعريض ما يقرب من ثلث صادرات العالم للخطر.
وتابعت: إن هناك مخاطرة بشأن التبادلات التجارية بين بعض الدول، خوفا من انخفاض العملات، وعدم الاستقرار المالي، في ظل ارتفاع المواد الغذائية وغيرها من السلع، إلى مستويات مرتفعة، وهناك تخوف كبير من حظر روسيا من نظام سويفت، فتخسر كل الشركات التي لها مديونيات على روسيا أموالها، وبالتالي هذا يجعل كل الشركات تتحفظ على مخزوناتها التجارية، أو ترفع أسعارها خوفا من الإفلاس في ظل عدم الاستقرار، ناهيك عن أنه في مثل هذه الظروف ترفع شركات التأمين قيمة كفالاتها، لأن المخاطر تكون متزايدة، واحتماليات أن تتعرض الحمولات أو الصفقات للخطر وارد بشكل أعلى من قبل، وهذا يدفع هذه الشركات إلى رفع قيمة المواد والسلع الغذائية.
فيما قال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، إن الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا سيكون له تأثير بالسلب على الاقتصاد العالمي بلا شك خاصة في ظل الأثر السلبي الذي تركته جائحة كورونا، إضافة إلى الموجة التضخمية العالمية والتي زادت من أسعار السلع الغذائية وغيرها، موضحا أن هذا الأثر السلبي سيزيد لو زاد التوتر بين روسيا وأوكرانيا وتطور إلى حرب.
أوضح غراب أن الأزمة بين أوكرانيا وروسيا بالطبع ستؤدي لارتفاع أسعار الحبوب عالميا وخاصة القمح، وهذا سيزيد سعره في بقية الدول الأخرى الموردة له، هذا بالإضافة إلى زيادة أسعار البترول عالميا فقد قارب سعره الـ100 دولار للبرميل، وبالتالي سيؤثر على كل دول العالم ومنها مصر، وهذا بالطبع سيؤثر بالسلب على أسعار السلع الغذائية عالميا، مضيفا أن أوكرانيا مصدر رئيسي للقمح والذرة والشعير في العالم، وبالطبع فقلة واردات الذرة الصفراء سترفع أسعار الأعلاف في دول العالم، وبالتالي رفع أسعار اللحوم، موضحا أن رفع أسعار القمح عالميا بسبب الأزمة سيؤثر ويضغط على الموازنة المصرية ويزيد الأعباء بتحملها تكاليف زيادة السعر.