بمباركة «حزب الله».. لبنان في طريقها لـ«التطبيع» مع إسرائيل
بموافقة حزب الله اللبناني تقترب لبنان من توقيع اتفاق تطبيع مع إسرائيل بعد سنوات طويلة من الأزمات المتتالية، ويتزامن التطبيع اللبناني الإسرائيلي مع اقتراب إبرام الاتفاقية الإسرائيلية اللبنانية المشتركة لترسيم الحدود البحرية برعاية الولايات المتحدة الأميركية، ورغم استخدام تنظيم حزب الله لورقة الحرب ضد إسرائيل لكسب التأييد الشعبي إلا أن قيادات الحزب ترى أن التطبيع هو أهم ورقة يمتلكها حزب الله ليعطي رسائل إيجابية للدولة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة باستعداده لكافة الخيارات التي تضمن وجوده ومكاسبه.
انصياع «حزب الله» لـ«التطبيع» يعطي رسائل إيجابية لـ«الغرب»
من جانبه يقول "فادي عاكوم"، الكاتب الصحفي اللبناني، إن ترسيم الحدود خطوة من الخطوات التي تصلنا إلى التطبيع مع إسرائيل يعني فمجرد قبول حزب الله بمسألة ترسيم الحدود يعتبر تراجع خطوة إلى الوراء في مواقفه السابقة، وهو ما يعكس مخاوف قيادات الحزب من العقوبات التي تلاحقه والأوضاع الإقليمية المتوترة التي تواجهه وكذلك خوفًا من الداخل اللبناني.
وأضاف، أن انصياع حزب الله للتطبيع مع إسرائيل تعتبره قيادات الحزب أنه أمرًا يعطي رسائل إيجابية للدول الغربية وللولايات المتحدة أن "حزب الله" مستعد لأي خيار آخر من الممكن التوصل إليه مستقبلاً.
وتابع "عاكوم"، مسألة التطبيع بين لبنان وإسرائيل يمكن جدًا الحديث عنها لارتباطها بالعديد من الملفات وأبرزها ترسيم الحدود البحرية والبرية، فإسرائيل ستضع شرطًا أساسيًا للتوقيع بأن ينسحب حزب الله لمسافة 20 – 30 كيلومترًا خلف الحدود وألا يكون له أي تواجد عسكري بضمانة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة على أن ينتشر الجيش اللبناني على طول خط الحدود، وهو ما يناور حزب الله حتى لا ينفذه.
الأمر الثاني عدد اللبنانيين المتواجدين في إسرائيل كبير للغاية وعائلات كثيرة هربت إلى إسرائيل عام 2000 عندما انسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان ومعظم تلك العائلات هي عناصر جيش "لحد" الذي كان يؤمن الحماية لشمال إسرائيل.
فبالتالي أن مسألة ترسيم الحدود والتي يتم التركيز فيها حاليًا على الحدود البحرية وليست البرية باعتبار أن الحدود البرية مجرد تحصيل حاصل وليس عليها خلاف، فالخلاف الحقيقي على الحدود البحرية والتي ستمكن لبنان من الحصول على الامتيازات الخاصة باستخراج النفط والغاز وتمثل عائقًا مستقبليًا على حزب الله خلال المرحلة المقبلة كون لبنان يمر بانهيار اقتصادي غير مسبوق فهذه الآبار التي تم الكشف عن وجودها من خلال شركات متعددة من شأنها أن تعيد التوازن للخزانة اللبنانية.
مفاوضات الترسيم تعتبر خطوة متقدمة جدًا من قبل لبنان كون أنه بات لا يستطيع أن يقف إمام الموجة الجديدة التي تجتاح الشرق الأوسط وأنه لا يستطيع تلقي أي دعم إذا ما كان خارج المنظومة العربية ككل وهو ما يضع إيران والحرس الثوري وحزب الله في موقف حرج جدًا ويدفعه للتحول لحزب سياسي داخلي للتخلي بشكل جزئي عن سلاحه وصولاً إلى التخلي الكامل لصالح الجيش اللبناني الذي سيحظى بقرار الحرب والسلم وهي المسألة الأساسية الخلافية في لبنان.
«حزب الله» يبارك التطبيع ولكن ينتظر الموافقة «الإيرانية»
في السياق ذاته، يقول محمد الرز المحلل السياسي اللبناني،المتوقع هو أن تطول المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وإذا كان الموقفان الأميركي والإسرائيلي واضحين في المنطلقات والأهداف التي يتوخيانها فإن الموقف اللبناني الرسمي يعتريه الضعف في هذا المجال وذلك على النحو الآتي.
وتابع الرز، هناك التباس دستوري حول تفرد رئيس الجمهورية بالإشراف على هذه المفاوضات لأن المادة 52 من الدستور اللبناني تنص على أن التحضير لمفاوضات من هذا النوع ينبغي أن يكون بالتوافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة الأمر الذي لم يحصل، موضحًا أن هناك التباسًا سياسيًا أيضًا حول تركيبة الوفدين الإسرائيلي واللبناني إذ في الوقت الذي نص فيه إطار التفاوض على طبيعته التقنية البحث رفعت إسرائيل من مستوى تمثيلها بالاتجاه السياسي عبر مشاركة مدير عام وزارة الطاقة فيها مع مسؤول في وزارة خارجيتها.
وأضاف، في حين اعترض فرقاء لبنانيون وتحديدا الثنائي الشيعي على رفع مستوى التمثيل اللبناني المفاوض رغم أن رئيس الجمهورية كان بصدد ذلك ثم تراجع عنه، وهذا الخلل في مستوى التمثيل من شأنه إرباك المفاوضات وإطالة مدتها.
وأشار الرز إلى أن هناك التباسًا مبدئيًا في أساس انطلاق المفاوضات يتمثل في الاختلاف حول الإطار، ففي الوقت الذي أعلن فيه أن القرار 1701 لعام 1982 يمثل منطلقا للتفاوض أكد الجانب اللبناني تمسكه باتفاقية الهدنة عام 1948 كمنطلق له، وهذا يعني عدم اعتراف لبنان بالخط الأزرق الحدودي واعتباره خطا للانسحاب الإسرائيلي وتمسكه بلبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر.
وأوضح أن هناك التباسًا في موقف حزب الله من هذه المفاوضات حيث يلجأ للصمت في تعامله مع مجرياتها، وقد اتضحت صورة هذا الموقف الصامت بأنه ينتظر تعليمات محددة من إيران، إذ من المعروف أن ثمة مفاوضات غير معلنة تجري بين طهران وواشنطن وكان آخرها بالأمس حيث اتفق الجانبان على تبادل معتقلين وتحرير سبعة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المتحفظ عليها، إذن، فإن حزب الله ينتظر نتائج هذه المفاوضات ليحدد إستراتيجيته المقبلة سواء في ما يختص بالوضع اللبناني عامة أو بمفاوضات الترسيم.
واختتم الرز حديثه قائلًا: "لذلك فإن هذه الالتباسات الأربعة من شأنها إطالة أمد التفاوض والمستوى الذي ستصل إليه بين أن تبقى تقنية أو تتعدى ذلك إلى تثبيت الهدنة دوليا أو الانطلاق نحو معاهدة جديدة تريد واشنطن وإسرائيل التوصل إليها مقابل مبادرات تخرج لبنان من أزماته وخاصة الاقتصادية منها، حيث هناك فرقاء لبنانيون ومن بينهم حلفاء لحزب الله يرحبون بذلك، وخاصة التيار الوطني الحر الذي سبق لرئيسه جبران باسيل أن طالب قبل عامين بتسوية مع إسرائيل قوامها احترام حدود وسيادة الجانبين لبنان وإسرائيل.