التوتر النووي الإيراني.. عام حاسم في مفترق طرق الأزمة

التوتر النووي الإيراني.. عام حاسم في مفترق طرق الأزمة

التوتر النووي الإيراني.. عام حاسم في مفترق طرق الأزمة
البرنامج النووي الإيراني

لطالما كان العلم الأمريكي مرفرفًا في أحد أركان المجمع الرئاسي الإيراني، وفي موقع استراتيجي يتيح للزوار المرور من تحته عند دخولهم إلى المبنى، ولكن في خطوة غير معلنة، وقبل فترة قصيرة من تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير 2017، تم إزالة هذا العلم من مكانه، وبدون أي تفسير رسمي من قبل السلطات الإيرانية، ولكن هذه الحركة الرمزية تعكس تحولاً كبيرًا في تفكير القيادة الإيرانية، خصوصًا في هذا العام الذي يتوقع أن يكون عامًا حاسمًا في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وهو عام قد يتجاوز في تأثيره فترة حرب إيران والعراق في الثمانينات، حسبما نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

ظروف اقتصادية صعبة


وأكدت الصحيفة البريطانية، أن إيران، التي تمر بظروف اقتصادية وسياسية غير مسبوقة منذ عدة سنوات، تأمل في تجنب التصعيد أو الدخول في صراع مفتوح مع الولايات المتحدة.

وفي الوقت ذاته، تسعى إلى تأمين وضعها الإقليمي. المسؤولون الإيرانيون يأملون في أن الإدارة الأمريكية الجديدة تحت قيادة الرئيس جو بايدن قد تكون أكثر استعدادًا للانخراط في مفاوضات تهدف إلى تخفيف حدة التوترات النووية التي استمرت لسنوات بين طهران والغرب.

العودة المفاجئة لـ"عدوهم اللدود" إلى البيت الأبيض قد تكون مؤشرًا على مرحلة جديدة في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة.

وفي هذه اللحظة، تقترب المواجهة النووية الطويلة بين الطرفين من مرحلة حرجة، حيث إن طهران ترى أن هذا الوقت قد يكون هو الأكثر تأثيرًا في مصيرها منذ سنوات طويلة. 

هذا الوضع يكتسب أهمية أكبر بالنظر إلى التغيرات التي طرأت على الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، حيث تشهد طهران ضعفًا واضحًا في قدرتها على التأثير في بعض الملفات الحساسة.


تحديات إسرائيلية وإيرانية


وفي المقابل، كان العام الماضي عامًا مليئًا بالانتكاسات الإيرانية في المنطقة. فقد نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تحقيق سلسلة من الانتصارات العسكرية والدبلوماسية التي كان لها تأثير كبير على قوة إيران الإقليمية.

وفي هذا السياق، تشير التقارير أن القوات الإسرائيلية قد شنّت ضربات جوية دقيقة ضد المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا والعراق؛ مما أسفر عن تدمير جزء كبير من قدرات الدفاع الجوي الإيراني.

بينما في لبنان، يعاني حزب الله، الذي يُعتبر أحد أكبر الوكلاء العسكريين لإيران في المنطقة، من ضعف شديد نتيجة لتزايد الضغط العسكري والاقتصادي عليه.

أما في سوريا، فإن الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، الذي كان يُعتبر أحد الحلفاء الرئيسيين لإيران في المنطقة، قد تسببت في فقدان طهران لحليف استراتيجي هام في الشرق الأوسط.

 وبالنتيجة، قد تكون إيران قد وصلت إلى نقطة ضعف لا يُمكنها تحمل المزيد من التصعيد في علاقاتها مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، حيث إن الوضع الإقليمي يُظهر عدم قدرتها على تحقيق انتصارات كبيرة في العديد من الساحات.

السياسة الأمريكية


وأشارت الصحيفة، أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كانت قد انسحبت في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015، والذي كان قد وقعته إيران مع القوى العالمية الكبرى. 

القرار الأمريكي أعقبته سلسلة من العقوبات الاقتصادية الشديدة التي استهدفت العديد من القطاعات الإيرانية، في إطار سياسة "الضغط الأقصى" التي كان ترامب يسعى من خلالها إلى إجبار إيران على تعديل سياساتها النووية والإقليمية.

ولكن بعد مرور عامين من هذه السياسة، بدأت طهران تشعر بالضغوط الاقتصادية الهائلة التي ألقت بظلالها على الشعب الإيراني، مما دفع السلطات الإيرانية إلى إعادة النظر في كيفية التعامل مع الأزمة.

ومع قدوم إدارة بايدن، هناك إشارات أن السياسة الأمريكية قد تشهد تحولًا، إذ بدأ البيت الأبيض الجديد في الانفتاح على فكرة التفاوض مع إيران بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي أو إيجاد بدائل له.

وفي هذا الصدد، قامت الإدارة الأمريكية بتكليف ستيف ويتكوف، مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، بدراسة ما إذا كان من الممكن إحياء مفاوضات جديدة مع طهران.

وفي هذا السياق، تبدو إيران، رغم تشددها المعتاد في التصريحات، مستعدة للدخول في مفاوضات جديدة إذا كان ذلك سيسهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية عليها.

تحديات إيرانية داخلية


وفي داخل إيران، بدأت الأصوات الإصلاحية تعلو، مطالبة بتغيير النهج المتبع. ففي الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الداخلية على الحكومة بسبب الأزمة الاقتصادية والتظاهرات الشعبية المتواصلة، يرى الإصلاحيون أن الوقت قد حان لتقديم تنازلات دبلوماسية من أجل ضمان مستقبل البلاد. الحرس الثوري الإيراني، الذي كان قد ضاعف من نفوذه في السنوات الأخيرة، أصبح مُتهمًا بعرقلة فرص التوصل إلى تسوية سلمية.