محلل سياسي: توطيد العلاقات بين السودان وإيران في ظل الحرب مخاطرة كبيرة قد تفاقم الأزمة
محلل سياسي: توطيد العلاقات بين السودان وإيران في ظل الحرب مخاطرة كبيرة قد تفاقم الأزمة

تواجه السودان حاليًا واحدة من أصعب المراحل في تاريخها الحديث بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي خلّفت تداعيات أمنية واقتصادية وإنسانية كارثية.
في هذا السياق، تتزايد المخاوف من تأثير أي خطوة لتوطيد العلاقات بين السودان وإيران، خاصة في ظل الأوضاع المضطربة.
الأبعاد الإقليمية في ظل الحرب، أي محاولة للتقارب مع إيران قد تُفسَّر على أنها انحياز لمحور إقليمي معين. إيران تُعرف بدورها في دعم الفصائل المسلحة في دول تشهد نزاعات مثل اليمن وسوريا ولبنان، وهو ما يثير مخاوف من احتمال انتقال أنماط مماثلة إلى السودان؛ مما يُعقّد الأزمة الحالية ويُطيل أمد الحرب.
تهديد للتماسك الاجتماعي الداخلي
السودان يتمتع بنسيج ديني واجتماعي متنوع، وأي تقارب مع إيران قد يؤدي إلى إدخال أجندات طائفية أو مذهبية إلى المشهد السوداني، ما يُهدد بزيادة الانقسامات الداخلية، خاصة في ظل وجود أطراف متنازعة بالفعل واستغلالها للفراغ الأمني.
العلاقات مع دول الخليج
السودان يعتمد بشكل كبير على دعم دول الخليج مثل السعودية والإمارات، التي تُعدّ من أبرز المساندين الإقليميين له خلال الأزمات.
تقارب السودان مع إيران قد يُضعف هذه العلاقات، وربما يدفع الخليج إلى تقليص مساعداته أو تغيير سياساته تجاه السودان، وهو ما يُعتبر ضربة موجعة لاقتصاد السودان الذي يُعاني من الانهيار بفعل الحرب.
التداعيات العسكرية والأمنية
إيران معروفة بدورها في تصدير الأسلحة وتعزيز نفوذها عبر تزويد أطراف الصراعات بالمعدات العسكرية. إذا نشأت علاقات عسكرية بين السودان وإيران، قد يُستخدم هذا الدعم لتغيير موازين القوة في الحرب الحالية، مما يزيد من شراسة الصراع ويُعرض السودان لتدخلات عسكرية إقليمية أو دولية.
ردود الفعل الدولية
من جانب الغرب، تقارب السودان مع إيران قد يُنظر إليه كخطوة تُهدد الاستقرار الإقليمي، مما قد يدفع الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى فرض عقوبات جديدة على السودان، أو حتى دعم أطراف أخرى في النزاع، ما يزيد من عزلة السودان دوليًا.
الخيارات الاستراتيجية للسودان
في ظل الحرب الحالية، على السودان أن يتجنب أي خطوات قد تُفاقم أزمته أو تزيد من عزلته الدولية. التركيز على السلام الداخلي واستعادة العلاقات المتوازنة مع القوى الإقليمية والدولية يُعتبر أولوية قصوى.
وكشف خبراء، أن أي تقارب مع إيران في هذا الظرف الحساس قد يُعد مقامرة كبيرة تُهدد أمن السودان واستقراره.
على القيادة السودانية التفكير بعناية في العواقب طويلة الأمد لهذه الخطوة، وضمان أن أي قرارات تُتخذ تُصب في مصلحة الشعب السوداني، الذي يعاني من ويلات الحرب وأزمات اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة.
حذر المحلل السوداني محمد الطيب من خطورة أي تحركات تهدف إلى توطيد العلاقات بين السودان وإيران في ظل الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد، مشيرًا إلى أن هذا التقارب قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة السودانية ويُعرض البلاد لتدخلات إقليمية ودولية جديدة.
وقال الطيب -في تصريحات للعرب مباشر-: "في ظل الحرب المستعرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فإن أي خطوة نحو تعزيز العلاقات مع إيران قد تُفسَّر كإشارة إلى تغيير التوازن الإقليمي، خاصة مع وجود دول خليجية كالسعودية والإمارات التي تدعم السودان اقتصاديًا وتتابع الوضع عن كثب".
وأوضح الطيب، أن إيران معروفة بأجنداتها الإقليمية الداعمة للفصائل المسلحة، مشيرًا أن دخول السودان في هذا المحور قد يُفتح الباب أمام تصدير السلاح أو تعزيز نفوذ طائفي يُهدد النسيج الاجتماعي للسودان.
وأضاف: "الخرطوم في موقف هش حاليًا، وأي اصطفاف سياسي أو عسكري قد يفاقم عزلة السودان الدولية، وربما يؤدي إلى فرض عقوبات إضافية، وهو ما لا يمكن تحمله في ظل الانهيار الاقتصادي وأزمة النزوح التي تعيشها البلاد".
واختتم الطيب حديثه، بالتأكيد على ضرورة أن تبقى الحكومة السودانية ملتزمة بمبدأ الحياد في السياسة الخارجية، والتركيز على حل النزاع الداخلي وإعادة بناء الدولة، بدلاً من الانجرار إلى محاور قد تزيد الوضع تعقيدًا.