استهداف المستشفى السعودي في دارفور.. انتهاك صارخ للقانون الدولي وإدانة عربية واسعة

استهداف المستشفى السعودي في دارفور.. انتهاك صارخ للقانون الدولي وإدانة عربية واسعة

استهداف المستشفى السعودي في دارفور.. انتهاك صارخ للقانون الدولي وإدانة عربية واسعة
استهداف المستشفى السعودي

في ظل تصاعد العنف في السودان، أصبحت المنشآت الصحية هدفًا للصراع الدائر؛ مما أثار موجة من الإدانات العربية والدولية. 


مؤخرًا، تعرض المستشفى السعودي في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، لهجوم جوي أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، هذا الحادث، الذي وصفته الدول العربية بانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، يسلط الضوء على تدهور الأوضاع الإنسانية في المنطقة، حيث أصبحت المستشفيات والمرافق الصحية ساحات للقتال بدلًا من أن تكون ملاذًا آمنًا للجرحى والمرضى.

*تفاصيل الهجوم*  


في ساعات الصباح الباكر من يوم السبت، شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حدثًا مأساويًا جديدًا في سلسلة العنف المستمرة التي تعصف بالمنطقة، تعرض المستشفى السعودي، أحد المرافق الصحية الحيوية في المنطقة، لقصف جوي عنيف بواسطة طائرة مسيرة، وفقًا لتقارير محلية ومصادر ميدانية. 

الهجوم، الذي تبنت مسؤوليته قوات الدعم السريع، استهدف بشكل مباشر قسم الحوادث في المستشفى، وهو القسم الوحيد الذي كان ما يزال يعمل بعد سلسلة من الهجمات السابقة التي دمرت أجزاء أخرى من المنشأة.

قسم الحوادث، الذي كان يقدم خدمات طبية طارئة للمرضى والجرحى، تحول في لحظات إلى ساحة دمار، الهجوم أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصًا، معظمهم مرضى كانوا يتلقون العلاج، وأفراد من الطاقم الطبي الذين كانوا يعملون على إنقاذ الأرواح.

بالإضافة إلى الخسائر البشرية، أدى القصف إلى تدمير كامل للبنية التحتية الطبية؛ مما جعل المستشفى غير قادر على تقديم أي خدمات صحية في وقت تشتد فيه الحاجة إليها.

صور صادمة نشرها حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، على منصة "إكس"، سلطت الضوء على حجم الكارثة.

الصور أظهرت أرضية القسم مغطاة بالدماء، بينما كانت الجدران والأسرّة الطبية محطمة ومتناثرة في كل مكان.

الدمار الواسع الذي كشفته الصور أثار موجة من الصدمة والغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت التعليقات التي تدين الهجوم وتطالب بتحقيق دولي عاجل.

الهجوم لم يكن مجرد ضربة عسكرية، بل كان أيضًا ضربة قاسية للأمل في إنقاذ الأرواح في منطقة تعاني من نقص حاد في الخدمات الطبية.

المستشفى السعودي كان بمثابة شريان حياة للعديد من سكان دارفور، خاصة في ظل الاشتباكات المستمرة التي جعلت الوصول إلى الرعاية الصحية أمرًا شبه مستحيل في أجزاء أخرى من المنطقة.

مراقبون أكدوا أن استهداف المستشفى جزء من سلسلة قصف المنشآت الصحية، التي يفترض أن تكون محمية بموجب القانون الدولي الإنساني إلا أنها أصبحت أهدافًا سهلة في الصراعات الحديثة، وأوضحوا أن استهداف المستشفى السعودي ليس فقط انتهاكًا للقوانين الدولية، بل هو أيضًا جريمة ضد الإنسانية، حيث تم حرمان عشرات الأشخاص من حقهم في الحياة والعلاج في لحظة كانت فيها أرواحهم تعتمد على تلك المنشأة.


*الإدانات العربية*  


لم تمر ساعات قليلة حتى بدأت الإدانات العربية تتوالى، المملكة العربية السعودية، التي تدير المستشفى المتضرر، أصدرت بيانًا عبر وزارة خارجيتها، أعربت فيه عن "إدانتها واستنكارها الشديدين" للهجوم، مؤكدة أن هذا الفعل يمثل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني".

كما دعت إلى ضرورة توفير الحماية للعاملين في المجال الصحي والإنساني، وإلى الالتزام بما تم التوقيع عليه في إعلان جدة في أبريل 2023، والذي ينص على حماية المدنيين في السودان.

من جهتها، أدانت الإمارات واستنكرت بشدة في بيان للخارجية استهداف المستشفى السعودي في الفاشر، والذي أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص الأبرياء، معتبرة أن ذلك يُشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي.

بدورها، قالت الخارجية القطرية، في بيان نُشر على منصة (إكس)، إن دولة قطر تعرب عن إدانتها واستنكارها الشديدين لاستهداف المستشفى السعودي في الفاشر الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.

واعتبرت أن قصف المشفى يمثل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي الذي يهدف إلى ضمان سلامة المرضى والطواقم الطبية في المستشفيات والحفاظ على المنشآت الصحية في أوقات الحروب.

كما أدانت الكويت، في بيان للخارجية، الاستهداف ذاته، مؤكدة ضرورة حماية المدنيين والمنشآت الصحية والمراكز الحيوية طبقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وأعربت وزارة الخارجية البحرينية، في بيان، عن إدانة المملكة واستنكارها بشدة استهداف المستشفى السعودي في الفاشر، وشددت على أن ذلك يعد انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأدانت سلطنة عمان، في بيان للخارجية، الاستهداف ذاته، وأكدت ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، داعية جميع الأطراف إلى ضرورة اللجوء للحوار لحل الخلافات، حفاظًا على المصالح العليا للسودان.

كما أدانت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان بأشد العبارات، استهداف المستشفى السعودي، وأعلنت رفض المملكة واستنكارها المطلق لهذا الاستهداف الذي يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

*استنكار أقليمي ودولي* 


على مستوى المنظمات الإقليمية والدولية، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه العميق إزاء تصاعد العنف في السودان، داعيًا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والالتزام بحماية المدنيين.

كما دعا إلى إيجاد حلول سياسية سريعة لإنهاء الصراع، الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18 ولاية سودانية.


من جهته، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، عن "إدانته واستنكاره الشديدين" للهجوم، مؤكدًا أن هذا الاستهداف يمثل "انتهاكًا خطيرًا للقوانين والمعاهدات الدولية".

ودعا البديوي إلى ضرورة احترام القرارات الأممية التي تلزم بحماية المدنيين والمنشآت المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية.

في السياق ذاته، أدان أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية استهداف المستشفى السعودي بالفاشر في انتهاك جديد وسافر للقانون الدولي والإنساني في السودان أودى بحياة مدنيين أبرياء.

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، ضرورة الالتزام الكامل بمقررات اتفاق جدة لوقف إطلاق النار الإنساني الموقع في مايو 2023، الذي طالب باحترام وحماية المرافق العامة، والطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء كافة والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية.

*التداعيات الإنسانية*


الهجوم على المستشفى السعودي يأتي في سياق تصاعد العنف في دارفور، حيث تشهد المنطقة اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.

وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، أدت هذه الحرب إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 14 مليون آخرين.

كما حذرت المنظمة الدولية من أن استمرار الصراع قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، حيث يعاني ملايين السودانيين من نقص حاد في الغذاء والدواء.