الميليشيات الموالية لإيران.. جرائم ضد «أهل السنة» وتردد حكومي من المواجهة
يعيش السنة في شمالي العراق أزمات متتالية بسبب توسع النفوذ الإيراني وسيطرة الميليشيات الموالية لطهران، فتكاتفت الميليشيات الشيعية للتنكيل بأهل السنة في العراق رافضين عودتهم لمنازلهم منذ أن تلقوا أوامر إيرانية بارتكاب جرائم بحق السكان السنة في الأماكن المحررة من سيطرة تنظيم "داعش" وتهجير السنة من قراهم ومدنهم لتوسيع دائرة النفوذ الإيراني في العراق، بعد أن استولت الميليشيات على مساحات شاسعة وبدأت عمليات استخراج نفط تتجاوز الـ 30 ألف برميل نفط يوميًا يتم تهريبهم إلى إيران وتركيا بشكل دوري.
الميليشيات الشيعية تعاقب من فر من المدنيين برفض عودتهم لديارهم
تقارير دولية كشفت عن معاناة السُّنة العراقيين مع الميليشيات المسلحة رغم مرور سنوات على طرد عناصر تنظيم "داعش" من شمال العراق بعد أن تسببوا في تهجير أكثر من 400 ألف مواطن عراقي، ليبقوا عالقين وممنوعين من العودة إلى منازلهم.
أعداد هائلة من العراقيين غالبيتهم العظمى من المسلمين "السنة" يعيشون في معسكرات للاجئين شمالي البلاد ولا يسمح لهم بالعودة بسبب سيطرة الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران في العراق.
الغالبية العظمى من اللاجئين فروا من جحيم داعش في الموصل وأقاموا في مخيمات مع بدء العملية العسكرية لدحر تنظيم داعش وحلفائه، مما عرض المدينة لدمار هائل استمر على مدار ما يقرب من العام في معارك متتالية، ليتم طرد تنظيم داعش ويسيطر مجموعات من العناصر التابعة للقوات الشيعية التي ترى في أهل الموصل الفارين إلى المعسكرات أشخاصا لا يستحقون العودة لمنازلهم لأنهم هربوا من الحرب ضد تنظيم داعش، دون اعتبار لكونهم مجرد مدنيين وليسوا ميليشيات مسلحة أو مرتزقة.
«ميليشيات إيران» تستمر في تصفية السنة دون رادع
نفّذت الميليشيات الشيعية العراقية التابعة لإيران هجومين جديدين في إطار عملية التغيير الديمغرافي التي تقوم بها في محافظة صلاح الدين ذات الأغلبية السنية لأهداف اقتصادية، ما أسفر عن مقتل شخصين وجرح أربعة آخرين، بينهم نساء.
وذكرت مصادر أمنية وشهود عيان أن قوة مسلحة توغلت في قرية المزاريع التابعة لناحية يثرب في محافظة صلاح الدين، ثم اقتحمت منزلاً وقتلت شقيقين اثنين كانا داخله وجرحت امرأتين ورجلين آخرين، قبل أن تنسحب. وبعد ساعات قليلة تعرضت القرية نفسها إلى هجوم مماثل من قبل مجموعة مسلّحة أخرى ما تسبب في جرح عدد من الأشخاص.
ووفقاً للمصادر فإن سكان المنطقة يعرفون القوة المسلّحة التي تنفذ عمليات اغتيال وتهديد علني لجميع العوائل التي ترفض مغادرة السكان السنّة لهذه القرية، حيث أكد شهود أن الشخصين اللذين تم تصفيتهما يقودان حملة لرفض مغادرة السكان السنة لقرية "المزاريع" في "ناحية يثرب" التي تجاور منطقة يسكنها الشيعة.
مؤكدين أن أطماع الميليشيات في قرية "المزاريع" ترجع لضمها عددًا ضخمًا من آبار النفط الخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية في بغداد بالإضافة إلى خصوبة أراضيها الشاسعة.
وقبل أقلّ من أسبوعين وقعت عملية مماثلة في منطقة قريبة، حيث هاجمت الميليشيات الشيعية قرية الفرحاتية السنية، واختطفت 12 شخصًا، قامت بإعدامهم على دفعتين.
ووجّه سكان "الفرحاتية" أصابع الاتهام إلى ميليشيا "عصائب أهل الحق" بزعامة "قيس الخزعلي" بالمسؤولية عن هذه المجزرة، والتي تسيطر بشكل رسمي على المنطقة، بوصفها لواء في قوات الحشد الشعبي.
مخططات التهجير الإيراني تفاقم الأزمات الأمنية في العراق
من جانبهم، حذر مراقبون من تفاقم الأوضاع الأمنية في أماكن سيطرة الميليشيات الشيعية بسبب إصرارهم على رفض عودة السنة إلى ديارهم، واستمرارهم في عمليات التهجير والقتل ضد المدنيين من أهل السنة والجماعة، في عملية تغيير ديموغرافي ممنهجة على الحدود العراقية الإيرانية بدوافع طائفية.
وأضافوا، أن مخاطر سيطرة ميليشيات الشيعة المسلحة وفرض سطوتها على القانون تتزايد بشدة في أكثر من محافظة عراقية تنفيذًا لمخططات إيران الساعية للسيطرة التامة على العراق، موضحين أن عمليات القتل الممنهجة تتسبب في موجات نزوح متكررة للمدنيين السنة الذين يشعرون بالضعف الشديد بسبب وقوف الميليشيات المدعومة من إيران أمام رغبة السنة في العودة من المخيمات التي يعيشون فيها إلى ديارهم.
موضحين أن قوة الميليشيات المسلحة تتضاعف أمام قوة الدولة، وأصبح السنة لا يجدون من يدافع عنهم في ظل دعم لا نهائي وتسليح دائم من طهران لميليشياتها في العراق، مؤكدين أن المحاباة والمجاملات السياسية سبب رئيسي في تشجيع الميليشيات الإرهابية على المضي في أعمالها التخريبية والعدائية ضد المواطنين.
الميليشيات الإيرانية دولة داخل دولة.. والحل في يد الجيش العراقي
يقول، محمد الهادي، 34 عامًا، معاناتنا مستمرة والعيش في المخيمات لا يصلح لحياة طويلة ومستمرة، تنظيم "داعش" تم هزيمته وتطهير البلاد منه لنفاجأ بتنظيم إرهابي أكثر شراسة ممثلاً في الميليشيات الإيرانية المسلحة التي تستولي على أرضنا ومنازلنا وترفض عودتنا إليها وتنفذ عمليات قتل ضد من بقي منا هناك لإرسال رسالة لنا أن عودتنا تعني قتلنا دون أي رادع لجرائمهم.
وطالب الهادي القوات المسلحة العراقية بتحمل المسؤولية والتدخل لإنهاء حالة الفوضى وفرض القانون على الجميع والقضاء على نفوذ الميليشيات المسلحة التي أصبحت دولة داخل دولة، مضيفًا أن ميليشيات الشيعة في معاقل السنة اقترب تسليحها من تسليح الجيوش الكبرى، وأصبحت تتعامل وكأنها ممثل الجيش الإيراني في العراق فتنفذ وتطيع الأوامر ضد مصلحة العراق وشعبه.
تحاشي مواجهة ميليشيات إيران ندفع ثمنه بدمائنا
في السياق ذاته، يقول سعد عمران، 48 عامًا، الميليشيات الموالية لإيران لا تكتفي بالقتل فقط، بل تلاحق كل من يدلي بإفادة تكشف جرائمهم وتهجرهم من منازلهم أو تهددهم بالقتل، مضيفًا أن الدولة تتحاشى المواجهة مع الميليشيات الإيرانية وندفع نحن وأهلنا الثمن بدمائنا.
وتابع عمران، رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي زار ضحايا آخر مجازر الميليشيات الإيرانية وتعهد بتقديم الجناة للعدالة، ولكن بلا فائدة فحتى الآن لم تلقِ الأجهزة الأمنية القبض على أي متورط رغم إفادات المواطنين وتعرفهم على بعض المشاركين في جرائم الميليشيات.
وأضاف، نرى ثرواتنا تسرق فالميليشيات الشيعية أصبحت تدير عمليات علنية لاستخراج النفط من أراضينا وتهريبه إلى تركيا وإيران ويعاد بيعه مرة أخرى عبر الحكومة العراقية بشكل رسمي على أنها منتجات بترولية مكررة فالميليشيات الإيرانية نجحت في فرض سيطرتها الكاملة على مناطق يتجاوز إنتاجها الـ 30 ألف برميل نفط يوميًا، وحتى تكون سيطرتهم كاملة تسعى الميليشيات لتطهير تلك المناطق من أهل السنة تمامًا لضمان السرية لعمليات التهريب المستمرة.