الحركات الأزوادية تتحدى الجيش المالي و فاغنر.. خبراء يحذرون من تفاقُم الأزمة
الحركات الأزوادية تتحدى الجيش المالي و فاغنر
تواجه الحركات الأزوادية المناهضة للحكومة المالية تحديات جديدة بعد خسارتها مدينة كيدال، آخِر معاقلها في شمال البلاد، أمام الجيش المالي ومجموعة "فاغنر" الخاصة التابعة لروسيا.
في حوار مع وسائل الإعلام، قال سيد بن بيلا الفردي، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الوطنية الأزوادية: إن الحركات لن تستسلم وستواجه العدوان الروسي والتحالف الإقليمي الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وأضاف الفردي أن الحركات ستسعى لاستعادة السيطرة على كامل إقليم أزواد، الذي يطالبون بالانفصال عن مالي أو الحصول على الحكم الذاتي.
*جرائم حرب
وكانت الحركات الأزوادية، التي تضم مقاتلين من الطوارق والعرب، قد وقعت اتفاق سلام مع الحكومة المالية عام 2015 بوساطة جزائرية، لكن المعارك اندلعت من جديد بعد انسحاب القوات الفرنسية والأممية من الشمال.
وفي نوفمبر الماضي، تمكن الجيش المالي من استرجاع كيدال، بعد معارك عنيفة شاركت فيها قوات "فاغنر"، التي تعتبر مجموعة مسلحة خاصة تابعة للحكومة الروسية.
واتهم الفردي الجيش المالي و"فاغنر" بارتكاب جرائم حرب في كيدال، مثل قتل المدنيين وتدمير الممتلكات وحرق المراعي وتسميم الآبار وتفخيخ الجثث وقطع الرؤوس.
ونفى الفردي ما أعلنه الجيش المالي عن اكتشاف مقبرة جماعية في كيدال، قائلاً إنها محاولة لتشويه سمعة الحركات الأزوادية.
وكانت مجلة "جون أفريك" الفرنسية قد ذكرت أن "فاغنر" كانت تقود العمليات العسكرية في كيدال، وأنها رفعت علمها الأسود فوق القلعة بعد الاستيلاء عليها.
وقالت المجلة إن "فاغنر" شاركت بـ600 عنصر في القتال، وأن بعضهم كان يدير الطائرات والمروحيات الحربية الخاصة بالجيش المالي.
وتعتبر "فاغنر" حليفاً للسلطات المالية، التي طلبت من القوات الفرنسية الانسحاب من البلاد، متهمة إياها بالفشل في مكافحة الإرهاب في الشمال والوسط.
*صراع الحقوق والموارد*
من جانبه، يقول د. محمد عبد الكريم باحث متخصص في الشؤون الإفريقية، إن النزاع في شمال مالي يعكس التوترات الإثنية والسياسية والاقتصادية في البلاد، التي تعاني من ضعف الحكومة المركزية وفساد النخبة الحاكمة.
وأضاف عبد الكريم في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن الحركات الأزوادية، التي تمثل الأقليات العرقية في الشمال، تطالب بالاعتراف بحقوقها الثقافية والاجتماعية والسياسية، وترفض الهيمنة الجنوبية على الموارد الطبيعية، خاصة الذهب واليورانيوم.
وتابع عبد الكريم: إن الحركات تواجه حملة عسكرية مكثفة من قبل الجيش المالي، الذي يحظى بدعم روسي وفرنسي وإقليمي، ويستخدم العنف المفرط والانتهاكات للحقوق الإنسانية ضد المدنيين الأزواديين. محذرًا من أن الحل العسكري لن ينهي النزاع، بل سيزيد من تعقيده ويفتح المجال لتدخلات خارجية غير مرغوب فيها.
*حل سياسي وليس عسكرياً*
في السياق ذاته، يقول الدكتور رامي زهدي خبير الشؤون الإفريقية، إن القضية الأزوادية تحتاج إلى حل سياسي شامل وعادل، يضمن حقوق جميع الأطراف ويحفظ وحدة مالي وسيادتها.
وأوضح زهدي لـ"العرب مباشر"، أن اتفاق السلام الذي وُقع عام 2015 بوساطة جزائرية، لم يتم تنفيذه بشكل كامل وفعال، بسبب عدم التزام الحكومة المالية والحركات الأزوادية ببنوده، وعدم توفير الدعم الدولي الكافي لمراقبة وتقييم عملية السلام.
وقال زهدي، إن تدخل روسيا في النزاع، عبر مجموعة "فاغنر" الخاصة، يمثل خطراً على الأمن والاستقرار في المنطقة، ويهدف إلى تعزيز مصالح روسيا الاقتصادية والجيوسياسية في إفريقيا، على حساب المصالح الإفريقية.
ونبه زهدي إلى أن الحل الأمثل للنزاع يكمن في تفعيل دور الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والعمل على إحياء الحوار الوطني بين الحكومة والحركات والمجتمع المدني، والتركيز على مشاريع التنمية والمصالحة في الشمال.