رحلة البحث عن مسار آمِن بعيدًا عن الحوثي.. محاولات أوكرانيا للحفاظ على مكانتها كـ سلّة غذاء
محاولات أوكرانيا للحفاظ على مكانتها كـ سلّة غذاء
تمثل هجمات الحوثي على السفن في البحر الأحمر عقبة جديدة في طريق أوكرانيا وهي واحدة من أكبر مصدِّري الحبوب في العالم، حيث تواجه أوكرانيا تحديات كبيرة في ظل الصراع مع روسيا وتهديدات ميليشيا الحوثي، فما الحلول التي تسعى أوكرانيا لتنفيذها للحفاظ على تجارتها الزراعية الحيوية في ظل الصعوبات المتتالية.
البحر الأسود: ممرّ جديد للحبوب
في البحر الأسود، تمكنت أوكرانيا من تعزيز صادراتها من الحبوب إلى مستوى لم تشهده منذ ما قبل الغزو الروسي عام 2022. وفقاً للمجلس الدولي للحبوب، شحنت أوكرانيا نحو 4.8 مليون طن من المواد الغذائية في ديسمبر 2023، متخطية للمرة الأولى الكميات التي سجلتها في إطار الممر السابق الذي رعته الأمم المتحدة.
وأدى نجاح كييف في استبدال خطتها الخاصة للشحن لتحل محل اتفاق تصدير تدعمه الأمم المتحدة إلى التخفيف عن المزارعين الأوكرانيين والدول المستوردة. وساعد انتعاش الصادرات الاقتصاد الأوكراني على الاستقرار في العام الماضي وساهم في خفض أسعار الموادّ الغذائية العالمية بعد أن دفعها الغزو الروسي إلى مستويات قياسية.
وانسحبت موسكو من الاتفاق السابق في يوليو 2023، قائلة إنه لا يحترم الالتزامات المتعلقة بحماية صادراتها. وقبل الغزو الروسي، كانت أوكرانيا تصدر نحو ستة ملايين طن من المواد الغذائية شهريا عبر البحر الأسود.
البحر الأحمر.. عقبة أمام السوق الآسيوية
لكن أزمة الشحن في البحر الأحمر ستظل تشكل تحدياً جديداً لتجارة الحبوب الأوكرانية. وأدت الهجمات التي شنها الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن على السفن في البحر الأحمر إلى عرقلة التجارة بين أوروبا وآسيا.
وعبور البحر الأحمر شديد الأهمية لأوكرانيا لأن ثلث صادراتها يمر عبر هذا البحر إلى الصين، وهي أكبر مستورد للحبوب في العالم. وقال مسؤول أوكراني كبير الأسبوع الماضي إن صادرات الحبوب الأوكرانية بحراً في يناير 2024 قد تنخفض بنحو 20 بالمئة مقارنة بالشهر الماضي، ويرجع ذلك في الغالب إلى أزمة البحر الأحمر.
وقال محللون وتجار إن سفن الحبوب يتزايد تحولها بعيدا عن طريق قناة السويس والبحر الأحمر، وقال ألكسندر كارافيتسيف، كبير الاقتصاديين في المجلس الدولي للحبوب: "يُرجح أن يعوق الوضع في البحر الأحمر الشحنات طويلة المدى من أوكرانيا".
البدائل.. باكستان والاتحاد الأوروبي
ومع ذلك، لا تقف أوكرانيا عاجزة أمام العوائق البحرية. وقال كارافيتسيف إنه بموجب خطة التصدير الأوكرانية الجديدة، تورد أوكرانيا أيضا الحبوب إلى باكستان للمرة الأولى منذ الغزو الروسي. وباكستان هي ثاني أكبر مستورد للقمح في العالم، وتواجه نقصا في الإنتاج المحلي.
وقال محللون إن أوكرانيا تستفيد أيضا من الطلب المتزايد على الحبوب في الاتحاد الأوروبي، الذي يعاني من تراجع في المحاصيل بسبب الجفاف والحرائق. وقالت مجموعة بورصات لندن: إن أوكرانيا تصدرت قائمة الموردين للاتحاد الأوروبي في النصف الأول من الموسم الحالي، بنحو 3.7 مليون طن من القمح.
وتأمل أوكرانيا في تعزيز دور ممرها على البحر الأسود، الذي يخدم حاليا ثلاثة موانئ في منطقة أوديسا، من خلال الفوز باعتراف المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة التي قد ترسل بعثة في فبراير.
وتريد أوكرانيا أيضا إعادة فتح ميناء ميكولايف على مسافة أبعد إلى الشرق مع استمرار الشحن العابر بطريق نهر الدانوب، وما زال أمن الصادرات الأوكرانية هشا لأن روسيا تقصف الموانئ من حين إلى آخر بينما تتناثر الألغام في البحر الأسود، وقد يزيد انقطاع طريق البحر الأحمر إلى آسيا من غضب المزارعين في الدول الأوروبية الشرقية، مثل بولندا، الذين نظموا احتجاجات بسبب تدفُّق الحبوب الأوكرانية الرخيصة إلى الاتحاد الأوروبي. ومن غير المحتمل أن تستهدف روسيا ممر الغذاء البحري الذي يخدم الدول المحايدة في النزاع، وبفضل الأسعار المنافسة للحبوب الأوكرانية، يتوقع أن يستمر الممر في لعب دور هام في سوق الحبوب العالمي.