محلل سياسي: الإخوان يوظفون فوضى الحرب لإعادة تموضعهم داخل المشهد السوداني

محلل سياسي: الإخوان يوظفون فوضى الحرب لإعادة تموضعهم داخل المشهد السوداني

محلل سياسي: الإخوان يوظفون فوضى الحرب لإعادة تموضعهم داخل المشهد السوداني
جماعة الإخوان

تشير قراءات عدد من الخبراء في الشأن السوداني إلى أن جماعة الإخوان ما زالت تتحرك في مساحات متعددة داخل المشهد السوداني، مستفيدة من حالة السيولة الأمنية والسياسية التي فرضتها الحرب الدائرة منذ منتصف أبريل 2023، وبحسب مصادر سياسية وأمنية، فإن الجماعة تعمل على استثمار حالة الانقسام بين الجيش وقوات التأسيس لإعادة بناء نفوذها داخل الدولة، بعد أن فقدت كثيرًا من مواقعها عقب سقوط نظامها في أبريل 2019.

وتؤكد هذه المصادر، أن أبرز أدوات الجماعة تتمثل في شبكاتها التنظيمية القديمة داخل مؤسسات الدولة، إضافة إلى تحالفاتها الإقليمية مع أطراف كانت تمثل الداعم السياسي والمالي لها خلال العقود الماضية.

ويقول مراقبون: إن عناصر تابعة للتنظيم الدولي للإخوان حاولت خلال الشهور الماضية تمرير رسائل سياسية عبر منصات خارجية، تتحدث عن ضرورة "إعادة ترتيب المشهد" في السودان، في محاولات تُرى داخل الخرطوم باعتبارها سعيًا لجر البلاد نحو سيناريوهات تعيد الجماعة إلى الواجهة من بوابة الفوضى. 

وأشارت تقارير ميدانية، أن بعض الخلايا المرتبطة بالإخوان استغلت حالة الانشغال بالحرب لتنشيط عناصرها، خاصة في ولايات تشهد تراجعًا في الوجود الأمني. 

ووفق هذه التقارير، تعمل تلك المجموعات على تجنيد شبان عبر خطاب يقوم على استثمار الأوضاع الإنسانية الصعبة، وتقديم دعم محدود في بعض المناطق لكسب حاضنة اجتماعية جديدة، في وقت تتعثر فيه جهود الإغاثة الدولية.

ويرى محللون، أن الجماعة تتحرك على مسارين متوازيين: الأول إعلامي يهدف لخلق صورة مشوهة للواقع السوداني، عبر ترويج روايات تتهم أطرافًا داخلية وخارجية بإشعال الحرب، مع تقديم نفسها كـ"بديل منقذ".

 أما المسار الثاني فهو سياسي تنظيمي يعتمد على إعادة إحياء مراكز نفوذ كانت قد فقدتها بعد الثورة، ومحاولة التواصل مع شخصيات حزبية تأثرت بالحرب، في محاولة لبناء تحالفات مرحلية.

وتشير مصادر دبلوماسية، أن الإخوان يحاولون الاستفادة من أي تأخير في جهود الحل السياسي، معتبرين أن استمرار القتال دون حسم قد يمنحهم مجالاً أوسع للتحرك. 

وتضيف المصادر: أن بعض الخيوط التي تنشط فيها الجماعة تتعلق بمحاولات الوصول إلى مجموعات قبلية أو شبابية بهدف خلق قنوات ضغط غير مباشرة على الأطراف المتحاربة.

أكد المحلل السياسي السوداني د. محمد عبدالله، أن جماعة الإخوان ما زالت تتحرك في المشهد السوداني عبر “خيوط متعددة” تستغل حالة الفوضى الأمنية والسياسية التي خلفتها الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. 

وقال: إن الجماعة تحاول استعادة حضورها القديم داخل مؤسسات الدولة بعد سقوط نظامها في أبريل 2019، مستفيدة من الانقسام الحالي وتراجع الرقابة في عدد من الولايات.

وأوضح عبدالله -في تصريحات خاصة  للعرب مباشر-، أن الإخوان يعملون على تفعيل شبكاتهم التنظيمية التي بقيت كامنة خلال السنوات الماضية، إضافة إلى الاستفادة من دعم خارجي وفر لهم غطاءً سياسيًا وإعلاميًا منذ اندلاع الحرب.

 وأشار إلى أن عددًا من المنصات المرتبطة بالتنظيم الدولي للجماعة كثّفت مؤخرًا رسائلها الموجهة للداخل السوداني، في محاولة لإعادة تقديم الإخوان كقوة قادرة على “إدارة مرحلة انتقالية بديلة”، وهو ما يعتبره مراقبون محاولة لجر البلاد إلى سيناريو يعيد إنتاج نفوذهم القديم.

وأكد المحلل السياسي، أن الجماعة تتحرك كذلك عبر شبكات اجتماعية وخلايا صغيرة تستغل الظروف الإنسانية الصعبة لتجنيد عناصر جديدة، خاصة في المناطق التي شهدت انهياراً في الخدمات وتراجعاً في الوجود الأمني. 

وأضاف: أن تقارير ميدانية وثّقت نشاط مجموعات ترتبط بالإخوان تقدم مساعدات محدودة لبعض المجتمعات المحلية بهدف كسب موطئ قدم اجتماعي يمكن البناء عليه سياسيًا.

وأضاف عبدالله: أن أخطر تحركات الإخوان حاليًا يتمثل في محاولاتهم التأثير على الرأي العام عبر حملات إعلامية منظمة تقدّم روايات مضللة عن أسباب الحرب ومسارها، في محاولة لتشويه صورة الأطراف الوطنية وتقديم الجماعة كبديل “معتدل”. 

وأوضح، أن هذا المسار الإعلامي يوازيه تحرك سياسي تنظيمي يسعى إلى نسج اتصالات مع شخصيات حزبية وقيادات قبلية بهدف خلق تحالفات مرحلية قد تمنحهم مساحة نفوذ جديدة.

وأشار إلى أن استمرار الحرب دون تقدم في مسار الحل السياسي يوفر بيئة مناسبة للإخوان للتحرك، مؤكدًا أن الجماعة تراهن على إطالة أمد الصراع لإعادة تشكيل نفوذها، وهو أمر يرى أنه يمثل تهديداً حقيقياً لوحدة السودان واستقراره.