جنوب لبنان.. بين التصعيد العسكري ومسارات التهدئة
جنوب لبنان.. بين التصعيد العسكري ومسارات التهدئة
يعيش جنوب لبنان في مرحلة حرجة من تاريخ الصراع اللبناني الإسرائيلي، حيث يشهد المنطقة تصعيدًا عسكريًا مستمرًا، بينما يتصاعد النقاش حول كيفية التوصل إلى تهدئة تحقق توازن القوى في المنطقة.
مع تمديد المهلة الخاصة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق الحدودية حتى 18 فبراير المقبل، تزداد التساؤلات حول تأثير هذا الانسحاب على الاستقرار السياسي والأمني في لبنان.
في الوقت الذي يواصل فيه حزب الله رفع شعار "المقاومة والانتصار"، تواجه الدولة اللبنانية صعوبات في تأكيد سيادتها على الجنوب، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
على الرغم من الاتفاقات الدولية التي تقيد تحركاته، إلا أن الحزب يواصل استعراض قوته العسكرية باعتباره الضامن الوحيد للأمن في تلك المناطق.
التحديات الميدانية
يستمر الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات عسكرية محدودة على الحدود، حيث تعرضت عدة مناطق لبنانية مثل ميس الجبل والظهيرة لاعتداءات أسفرت عن سقوط ضحايا.
ويكمن التحدي الأكبر في إعادة إعمار القرى الجنوبية التي دُمرت جراء الحروب السابقة، في ظل احتلال إسرائيلي لبعض المناطق الحدودية رغم التوافق على انسحابها.
وعلى الأرض، يجد الجيش اللبناني نفسه في مواجهة تحديات كبيرة، حيث لا يستطيع تنفيذ مهماته بالكامل بسبب العراقيل الإسرائيلية التي تعيق استكمال انتشار القوات اللبنانية في الجنوب.
حزب الله.. بين الضغوط الداخلية والاتفاقات الدولية
ويرفض حزب الله أي نوع من التقليل من وجوده المسلح في الجنوب اللبناني، مؤكدًا أنه جزء من معادلة الردع ضد التهديدات الإسرائيلية، الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، وصف الاتفاق على وقف إطلاق النار "بالمكسب" للحزب، مشيرًا إلى فشل إسرائيل في القضاء على قوتهم.
إسرائيل.. الاستغلال السياسي للأزمة
إسرائيل لا تفوت فرصة لتعزيز موقفها على الساحة الدولية، حيث تستخدم الاتفاقات الموقعة لتبرير تصرفاتها في الجنوب اللبناني، ففي وقت تبدي فيه تل أبيب ترددًا في الانسحاب الكامل، يشير مسؤولون إسرائيليون إلى "الاعتبارات الأمنية" التي تحتم بقاء قواتهم في بعض المناطق الحدودية.
كما أن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أشار أن إسرائيل قد تتخذ إجراءات عسكرية ضد حزب الله وإيران إذا اقتضت الحاجة، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.
الدور الإيراني.. تحفيز خطاب المقاومة
على الرغم من الضغوط الدولية، يستمر الدور الإيراني في دعم خطاب "المقاومة" عبر حزب الله، حيث يبرز دور المرشد الإيراني، علي خامنئي، في التأكيد على دعم طهران لحركات المقاومة في لبنان وغزة، إيران تستخدم هذه الرسائل لتعزيز قوتها الإقليمية، ما يزيد من تعقيد الصراع القائم في المنطقة، ويضع لبنان أمام تحديات أمنية إضافية.
المستقبل المجهول
ومع اقتراب الموعد النهائي لانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، يبقى لبنان أمام مفترق طرق حاسم، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، فإن الحاجة إلى توحيد الجهود بين الجيش اللبناني وحزب الله تظل ضرورية لضمان الأمن والاستقرار في جنوب لبنان.
ويقول الباحث السياسي اللبناني طوني حبيب: إن الوضع في جنوب لبنان يمر بمفترق طرق، حيث تمثل التوترات العسكرية الحالية بين حزب الله وإسرائيل اختبارًا حاسمًا لاستقرار المنطقة، تمديد المهلة الخاصة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الحدود اللبنانية يمثل فرصة نادرة لاستعادة بعض الاستقرار في الجنوب، ولكنه في الوقت ذاته يُبرز التحديات الكبيرة التي تواجهها الدولة اللبنانية في فرض سيادتها على أراضيها.
وأضاف حبيب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن الحزب في خطاباته يواصل التأكيد على "المقاومة"، لكنه يُواجه واقعًا صعبًا في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد، الوضع الميداني معقد للغاية، ومن الصعب أن نشهد تحسنًا سريعًا في غياب توافق داخلي بين الأطراف اللبنانية حول شكل التواجد العسكري في الجنوب، بالإضافة إلى الضغوط الخارجية، خاصة من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.