المعمداني يئن تحت القصف.. استهداف المستشفيات في غزة.. فصل دامٍ في سجل الصراع

المعمداني" يئن تحت القصف.. استهداف المستشفيات في غزة.. فصل دامٍ في سجل الصراع

المعمداني يئن تحت القصف.. استهداف المستشفيات في غزة.. فصل دامٍ في سجل الصراع
حرب غزة

في سياق تصعيد عسكري يزداد ضراوة، استيقظ قطاع غزة صباح الأحد على وقع دوي انفجارات هزت أرجاءه، مخلفة وراءها قتلى وجرحى في صفوف الفلسطينيين. يأتي هذا الهجوم المتجدد في ظل ظروف إنسانية كارثية يعيشها سكان القطاع المحاصر، حيث تتفاقم الأوضاع يومًا بعد يوم مع استمرار القصف الإسرائيلي الذي لم يسلم منه حتى الملاذ الأخير للكثيرين: المستشفيات، فبينما تحولت المنشآت الطبية إلى مآوٍ مؤقتة لعشرات الآلاف من النازحين، تجد نفسها هدفًا مباشرًا للقصف، لتتحول بذلك من منارات أمل إلى بؤر جديدة للمعاناة واليأس، ومع خروج مستشفى "المعمداني" العريق عن الخدمة مجددًا، يرتفع منسوب القلق إزاء مستقبل الرعاية الصحية المتهالك في القطاع، بينما تتصاعد الأصوات المطالبة بتحرك دولي عاجل لوقف هذا النزيف المستمر.


* تفاصيل الهجمات وتصاعد الخسائر*


شنت القوات الإسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية والمدفعية منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، طالت مناطق متفرقة في قطاع غزة. 

ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، استهدفت طائرة مسيّرة امرأة في منطقة جباليا البلد شمال القطاع، لتفارق الحياة على الفور.

وفي حادثة أخرى مروعة، أكدت مصادر طبية مقتل سبعة فلسطينيين إثر استهداف مركبتهم المدنية على شارع الرشيد بالقرب من محطة التحلية في مدينة دير البلح وسط القطاع.

لم تتوقف الهجمات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل مؤسسات تعليمية تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين.


فقد تعرضت مدرستا سعد بن معاذ في حي التفاح شرق غزة، والدحيان في منطقة الشيخ رضوان، لقصف جوي مباشر.

هذه الهجمات على المدارس التي لجأ إليها المدنيون الفارين من مناطق القتال، تمثل حلقة جديدة في سلسلة الاستهدافات التي تطال التجمعات المدنية؛ ما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا بين قتيل وجريح.



*"المعمداني" خارج الخدمة*


في تطور بالغ الخطورة، أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية عن استهداف إسرائيلي جديد لمستشفى المعمداني في مدينة غزة، وهو من أعرق المؤسسات الطبية في القطاع وتديره الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس.

ونددت الوزارة بشدة بهذا القصف "الوحشي"، مؤكدة أنه أدى إلى تدمير المستشفى بشكل شبه كامل وإخراجه من الخدمة.
ونتيجة لهذا الاستهداف، وجد المرضى والجرحى أنفسهم بلا مأوى طبي، مرميين في الشوارع في ظل ظروف إنسانية قاسية.

وأشارت الوزارة، أن تدمير المستشفيات في غزة لم يعد حدثًا استثنائيًا، بل يمثل نمطًا ممنهجًا، حيث سبق للجيش الإسرائيلي أن دمر 34 مستشفى في القطاع وأخرجها عن الخدمة "بشكل متعمد".

واعتبرت أن هذه الهجمات تأتي في سياق سياسة أوسع تهدف إلى "تجويع وتعطيش السكان وحرمانهم من الأدوية"، بهدف مضاعفة معاناتهم في ظل العدوان المستمر.

*"إبادة" ممنهجة وتواطؤ دولي*


وصفت وزارة الخارجية الفلسطينية استهداف المستشفيات والمراكز الصحية والطواقم الطبية بأنه من "أبشع مظاهر الإبادة"، محملة المجتمع الدولي جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن "تواطؤه وصمته" تجاه هذه الممارسات الإسرائيلية.

وأكدت، أن ما يجرى في غزة يمثل استكمالًا لسياسة إسرائيلية "ممنهجة" تهدف إلى تدمير مقومات الحياة في القطاع وتحويله إلى منطقة غير قابلة للسكن، تمهيدًا لتهجير السكان قسرًا تحت وطأة القوة العسكرية.

ووجهت وزارة الخارجية الفلسطينية نداءً عاجلًا إلى مجلس الأمن الدولي، محملة إياه المسؤولية الكاملة عن "فشله في حماية المدنيين في غزة".

وطالبت المجلس بضرورة فرض وقف فوري لإطلاق النار، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل مستدام، بالإضافة إلى البدء الفوري في تنفيذ برامج الإغاثة والإعمار.


*تحديات القطاع الصحي المتفاقمة*


يواجه القطاع الصحي في غزة تحديات غير مسبوقة نتيجة للاستهداف المباشر والمتكرر للمستشفيات والمرافق الصحية.

ويُذكر أن مستشفى المعمداني نفسه كان قد تعرض لهجوم إسرائيلي عنيف في أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل مئات الفلسطينيين وتدمير أجزاء حيوية منه.

وتستمر الضغوط الهائلة على المؤسسات الطبية المتبقية التي تعمل جاهدة لتقديم الرعاية الصحية للجرحى والمرضى في ظل نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية الأساسية.

*حصيلة مروعة للعدوان المستمر*


منذ السابع من أكتوبر 2023، بلغت الحصيلة غير النهائية للضحايا الفلسطينيين في غزة نحو 50,933 قتيلًا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى إصابة 116,450 آخرين. وما يزال عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والإنقاذ عن الوصول إليهم بسبب استمرار القصف وصعوبة الأوضاع الأمنية. 

هذه الأرقام المروعة تجسد حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة وتستدعي تحركًا دوليًا حاسمًا لإنهاء هذا العنف المستمر وحماية المدنيين.