غزة تحت القصف.. تدمير آخر مستشفى يعمل وتضييق الخناق على المدنيين

غزة تحت القصف.. تدمير آخر مستشفى يعمل وتضييق الخناق على المدنيين

غزة تحت القصف.. تدمير آخر مستشفى يعمل وتضييق الخناق على المدنيين
قصف غزة

في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارة جوية استهدفت مستشفى الأهلي المعمداني، آخر منشأة طبية كانت تعمل بشكل كامل في مدينة غزة، في إطار تصعيد جديد للعمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع وتوسيع الحملة البرية التي تطال مجمل الأراضي الفلسطينية، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

دمار واسع وإخلاء عاجل للمرضى


وأكدت الشبكة الأمريكية، أنه رغم عدم تسجيل إصابات مباشرة نتيجة الغارة، إلا أن أسقفية القدس التابعة للكنيسة الأنجليكانية – الجهة المشغلة للمستشفى – أكدت وفاة طفل مصاب في الرأس خلال الإخلاء العاجل للمرضى. 

وقالت الكنيسة، إن الإنذار بالغارة وصل قبل عشرين دقيقة فقط من وقوعها؛ مما اضطر الكوادر الطبية إلى نقل المرضى إلى الشوارع.

وأظهرت مقاطع فيديو أرسلتها جهات محلية إلى شبكة CNN دمارًا واسعًا طال أجزاء من المستشفى، شملت قسم الطوارئ ومنطقة الاستقبال، كما تضررت كنيسة القديس فيليب الملاصقة للمستشفى.

الجيش الإسرائيلي يبرر ويواجه نفيًا


ومن جهته، صرح الجيش الإسرائيلي بأنه استهدف مركز قيادة وسيطرة تابع لحركة حماس داخل المستشفى، دون أن يقدم دليلاً يثبت ذلك. وادعى اتخاذ تدابير لتقليل الأضرار التي قد تلحق بالمدنيين. إلا أن حركة حماس نفت بشدة استخدام المستشفى لأي أغراض عسكرية.

وفي موازاة ذلك، وسّعت القوات الإسرائيلية عملياتها البرية بشكل أعمق داخل القطاع، في محاولة لفرض منطقة عازلة واسعة بين غزة والحدود الإسرائيلية، مما دفع مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى مناطق ساحلية ضيقة في الجنوب.

وأعلنت القوات الإسرائيلية أنها سيطرت على ممر موراج الاستراتيجي؛ مما أدى إلى عزل مدينة رفح عن باقي مناطق قطاع غزة، في وقت باتت فيه مخيمات النزوح المؤقتة في خان يونس تأوي آلاف المدنيين الذين فرّوا من المعارك.

نزوح متواصل واستخدام المستشفيات كملاجئ

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، اضطر نحو 400 ألف فلسطيني للنزوح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مع تزايد اعتماد المدنيين على المستشفيات كملاجئ مؤقتة في ظل تصاعد القصف وتدمير المنازل.

ومن داخل مستشفى الأهلي، تحدّث المريض محمد أبو ناصر، قائلاً: إنه كان لا يزال داخل المبنى وقت الغارة، وأضاف: "كنا نتوقع أن نموت جميعًا داخل المستشفى... لا يوجد علاج، لا يوجد شيء، ليس أمامنا خيار سوى السفر للعلاج في الخارج".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية إغلاق مستشفى الأهلي مؤقتًا، ووجّهت المرضى إلى ثلاثة مستشفيات أخرى لاستكمال الرعاية الطبية.

إدانة كنسية وتصاعد الضغوط على القطاع الصحي

أسقفية القدس دانت الغارة الإسرائيلية، مؤكدة أن الضرر لم يقتصر على قسم الطوارئ فقط، بل شمل أيضًا تدمير مختبر الجينات المكوّن من طابقين. 

وأشارت الأسقفية، أن هذه هي المرة الخامسة التي يُستهدف فيها المستشفى منذ أكتوبر 2023.

وفي ظل التدهور المتسارع في خدمات الرعاية الصحية، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن السلطات الإسرائيلية منعتها من تنفيذ مهمتين طبيتين إلى مستشفى الأهلي والمستشفى الإندونيسي. 

وقالت المنظمة في منشور على منصة X: إن "المستشفيات في غزة في أمسّ الحاجة للمساعدات، إلا أن تضييق الوصول الإنساني يعوق جهود إعادة الإمداد ويحول دون تقديم الرعاية المنقذة للحياة".

شهادات من الداخل ومشاهد الدمار

وقال الطبيب الأمريكي سامر عطار، العامل مع منظمة الجسر الفلسطيني الأمريكي في مستشفى الأهلي، وصف الوضع هناك بأنه "يائس للغاية": إن "الناس هنا مرهقون، جوعى، متعبون، ومصابون ليس فقط جسدياً بل ونفسياً كذلك".

يُعدّ مستشفى الأهلي من آخر المؤسسات الصحية العاملة في غزة، وكان يقدم العلاج لنحو 1000 مريض يومياً. 
ويأتي هذا في ظل خروج مستشفى الشفاء – الأكبر في القطاع – عن الخدمة بسبب الحصار الإسرائيلي العام الماضي، قبل أن يعاود استقبال عدد محدود من المرضى مؤخرًا.

وقد وثّقت عدسات المصورين مشهدًا مؤثرًا لقطة تمشي وسط أنقاض المستشفى بعد الغارة، في مشهد يعكس فداحة الدمار.

غارات أخرى وسقوط ضحايا في دير البلح

وبالتزامن مع استهداف مستشفى الأهلي، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة جوية أخرى على مبنى في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة.

وأعلنت القوات الإسرائيلية، أن المبنى كان مركز قيادة آخر تابع لحماس، وزعمت أن "عددًا كبيرًا من عناصر الحركة كانوا ينشطون بداخله" لحظة الاستهداف.

وصرح الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، أن ثلاثة جثامين وصلت إلى المستشفى بعد الغارة.

وأضاف، أن غارة أخرى استهدفت مركبة في نفس المنطقة وأسفرت عن مقتل سبعة أشخاص، ستة منهم من الإخوة.