عودة الأمل.. الشركات الدولية تستأنف التنقيب النفطي في ليبيا

عودة الأمل.. الشركات الدولية تستأنف التنقيب النفطي في ليبيا

عودة الأمل.. الشركات الدولية تستأنف التنقيب النفطي في ليبيا
النفط الليبي

بعد توقف دام قرابة العقد، عادت شركات النفط العالمية للتنقيب في ليبيا، وسط آمال متزايدة بانتعاش القطاع النفطي الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد البلاد.

 

 وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن شركتي «إيني» الإيطالية و«بي بي» البريطانية استأنفتا عمليات التنقيب في مواقع برية، بعد توقف دام منذ عام 2014 نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة، يمثل هذا التطور خطوة مهمة لقطاع النفط الليبي الذي يعاني من تحديات كبرى، ويعد استئناف عمليات التنقيب بارقة أمل لتعافي الاقتصاد الليبي الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط.

 

ويأتي هذا الإعلان في وقت حرج لليبيا، حيث تتجه أنظار العديد من الأطراف الدولية إلى استقرار القطاع النفطي، الذي شهد في الأشهر الأخيرة موجات من الإغلاق والتعثر بسبب النزاعات السياسية بين الأطراف المتنافسة على السلطة. 

 

ويعد النفط الليبي محط اهتمام عالمي، ليس فقط لأنه يمثل أكثر من 98% من الدخل الوطني، ولكن لأن عودته إلى الإنتاج المستدام تعني استقرار الاقتصاد الليبي وتخفيف العبء عن الحكومة التي تواجه تحديات هائلة في تأمين الاحتياجات الأساسية للشعب.

 

*عودة الأمل للقطاع النفطي*

في بيان أصدرته المؤسسة الوطنية للنفط، تم الإعلان عن بدء عمليات التنقيب من قبل «إيني» في منطقة حوض غدامس، وهو ما يعتبر أول خطوة نحو استعادة النشاط النفطي في البلاد بعد توقف طويل.

 

 ومن المتوقع أن يشهد القطاع دعماً إضافياً في الأسابيع المقبلة مع استعداد شركة «أو إم في» النمساوية لاستئناف أنشطتها في حوض سرت، وكذلك شركة «ريبسول» الإسبانية التي تستعد للعودة إلى عمليات الحفر في حوض مرزق.

 

هذا التطور يشكل دفعة قوية للاقتصاد الليبي الذي يعتمد بشكل أساسي على صادرات النفط.

 

 وفي السنوات الماضية، تعرضت البنية التحتية النفطية في ليبيا لأضرار بالغة نتيجة الصراعات الداخلية المتكررة؛ وهو ما أدى إلى توقف الإنتاج في عدة حقول رئيسية مثل الشرارة والفيل والسدرة.

 

ورغم أن قطاع النفط الليبي تمكن من التعافي بشكل سريع بعد رفع القوة القاهرة عن الحقول والموانئ النفطية، إلا أن تحديات عدة ما تزال قائمة.

*التحديات السياسية والاقتصادية*

التوقف الأخير في الإنتاج النفطي جاء على خلفية خلافات سياسية بين السلطات المتنازعة حول إدارة وصلاحيات المصرف المركزي الليبي، وهو ما أثر سلباً على الاقتصاد الليبي بشكل عام.

 

وفي أغسطس وأوائل سبتمبر الماضيين، توقفت حقول النفط الرئيسية عن الإنتاج، مما قلل من إمدادات النفط اليومية التي كانت تصل إلى 1.2 مليون برميل قبل التوقف.

 

ومع ذلك، بفضل اتفاق برعاية الأمم المتحدة وبعض القوى الغربية، تم رفع القوة القاهرة عن الحقول؛ مما سمح باستئناف الإنتاج.

 

ورغم التحديات الأمنية والسياسية، ما يزال النفط الليبي أحد المصادر الأكثر أهمية للإيرادات الحكومية. 

 

في عام 2023، بلغت إيرادات النفط حوالي 20.7 مليار دولار، بينما حقق النصف الأول من عام 2024 نحو 7.6 مليار دولار. 

هذه الأرقام تشير إلى أهمية القطاع النفطي كعامل حاسم في استقرار الاقتصاد الليبي، لكن استدامة هذه الإيرادات تتطلب بيئة سياسية مستقرة وقدرة على حماية المنشآت النفطية من النزاعات المسلحة.

 

*إعادة الاستقرار*

عودة الشركات الدولية مثل «إيني» و«بي بي» لاستئناف التنقيب في ليبيا يعكس اهتمامًا دوليًا بموارد البلاد الهائلة، كما أن هذه العودة تحمل في طياتها رسالة حول ثقة هذه الشركات بقدرة ليبيا على تجاوز الصعوبات الراهنة.

 

الشركات النفطية الكبرى تلعب دورًا حيويًا في تطوير القطاع النفطي الليبي من خلال توفير التكنولوجيا الحديثة والخبرات الفنية اللازمة لاستكشاف الحقول النفطية وإعادة تأهيل البنية التحتية التي تأثرت بالصراع.

 

على سبيل المثال، «إيني» الإيطالية كانت دائمًا لاعبًا رئيسيًا في صناعة النفط الليبية، ولديها تاريخ طويل في البلاد يمتد لعقود، إعادة الشركة لاستئناف عملياتها هو مؤشر إيجابي على إمكانية استعادة ليبيا مكانتها كمنتج رئيسي للنفط في شمال إفريقيا.

 

بالإضافة إلى ذلك، استئناف «بي بي» البريطانية للتنقيب يعكس اهتمامًا متزايدًا من قبل الشركات الكبرى بالاستثمار في القطاع النفطي الليبي، على الرغم من المخاطر السياسية والأمنية.

*الأفق المستقبلي لقطاع النفط الليبي*

مع استئناف التنقيب وعودة الشركات الدولية للعمل في الحقول الليبية، يرى مراقبون أن الأنظار تتجه نحو إمكانية تحقيق استقرار طويل الأمد في إنتاج النفط.

 

ويعتمد ذلك بشكل كبير على التوصل إلى حلول سياسية مستدامة للنزاعات الداخلية، التي ما تزال تعيق التنمية الاقتصادية في البلاد، موضحين أن مع ذلك، فإن عودة النشاط النفطي يشكل خطوة أولى نحو هذا الهدف، حيث ستساعد هذه الاستثمارات الدولية على تعزيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة.

وأضاف مراقبون، أن على الصعيد العالمي، تعتبر عودة النفط الليبي إلى السوق عاملاً مهمًا في استقرار إمدادات الطاقة، خصوصًا في وقت يتسم بتقلبات أسعار النفط وزيادة الطلب على مصادر الطاقة التقليدية.

 

الإنتاج الليبي يشكل جزءًا مهمًا من سوق النفط العالمي، وبالتالي فإن أي تطورات إيجابية في هذا القطاع ستنعكس بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي.

 

في النهاية، يمثل استئناف التنقيب في ليبيا نقطة تحول حاسمة في جهود البلاد لإعادة بناء اقتصادها المدمر بسبب سنوات من الصراع.

 

كما أن الدعم الدولي، المتمثل في عودة الشركات الكبرى للعمل، يعتبر مؤشرًا على إمكانية تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي في ليبيا.