البنوك اليمنية تحت حصار الحوثي.. شبح الإفلاس يلوح في الأفق

البنوك اليمنية تحت حصار الحوثي.. شبح الإفلاس يلوح في الأفق

البنوك اليمنية تحت حصار الحوثي.. شبح الإفلاس يلوح في الأفق
البنوك اليمنية

تواجه البنوك اليمنية في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي أزمة سيولة حادة تكاد تدفعها إلى حافة الإفلاس. 


هذه الأزمة المتفاقمة لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة ممارسات الحوثيين التي أدت إلى تجميد أموال البنوك والمودعين، ومنعها من الوصول إلى استثماراتها في أدوات الدين المحلي وأذون الخزانة.

أزمة السيولة


تواجه البنوك التجارية في شمال اليمن شبح الإفلاس نتيجة سيطرة ميليشيا الحوثي على البنك المركزي في صنعاء، حيث صادرت أصول البنوك واستثماراتها في أذون الخزانة. 

تلك الأموال كانت تعدّ المصدر الرئيسي لأرباح البنوك واستثماراتها، مما جعلها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المودعين والعملاء.

البنك اليمني الدولي، أحد البنوك المتأثرة بالأزمة، خرج مرارًا بتطمينات لعملائه، لكن الاحتجاجات أمام فروعه في صنعاء تعكس حجم الإحباط الذي يعانيه المودعون.

قانون "منع الربا"


من ضمن الممارسات التي ضيقت الخناق على البنوك، كان فرض الحوثيين لقانون "منع التعاملات الربوية" الذي جرّم الأرباح المصرفية التقليدية، هذا القانون ضرب البنوك التجارية، التي تعتمد على استثماراتها في أذون الخزانة وسندات الحكومة كمصدر رئيسي لتحقيق أرباحها.

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي اليمني وفيق صلاح: إن الحوثيين منذ عام 2015 حرموا البنوك التجارية من الوصول إلى استثماراتها، وهو ما فاقم أزمة السيولة النقدية. 

وأضاف -في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، وصلت استثمارات البنوك في أذون الخزانة إلى 1.8 تريليون ريال يمني حتى عام 2015، فيما بلغت الاحتياطات القانونية لدى البنك المركزي في صنعاء 774 مليار ريال يمني. ومع مصادرة هذه الأموال، أصبح الإفلاس يهدد العديد من البنوك التجارية.

وتابع الخبير الاقتصادي اليمني، حاولت بعض البنوك اليمنية تجنب الإفلاس عبر ما يُعرف بـ"عملية التدوير"، حيث لجأت إلى استخدام ودائع المودعين الجدد لتسديد مستحقات المودعين القدامى، لكن هذه الحيلة لم تكن سوى تأجيل مؤقت للأزمة، والتي بدأت الآن تظهر بشكل واضح، مع عجز البنوك عن تلبية طلبات السحب الكبيرة.

خلق كيان مالي جديد


في محاولة للسيطرة على القطاع المالي، عمد الحوثيون إلى تشييد كيان مالي جديد عبر منشآت الصرافة التابعة لهم. هذه المنشآت أصبحت تقوم بدور البنوك في تمويل العمليات المالية والاستحواذ على النشاط المالي في المناطق التي يسيطرون عليها، مما يعزز نفوذهم الاقتصادي ويمهد الطريق لإفلاس البنوك التقليدية.

من خلال نشر الشائعات وإثارة حالة من الهلع بين المودعين، سعى الحوثيون إلى إجبار الناس على سحب أموالهم من البنوك التجارية، مما أدى إلى تفاقم أزمة السيولة، هذه الإستراتيجية، وفقًا لمراقبون، تهدف إلى إحكام سيطرة الحوثيين على القطاع المصرفي وتحويل النشاط المالي إلى منشآت الصرافة التابعة لهم.

الحلول الممكنة


على الرغم من محاولات الحكومة اليمنية والبنك المركزي في عدن لتحسين الوضع الاقتصادي عبر نقل المقرات الرئيسية للبنوك إلى مناطق سيطرة الحكومة، إلا أن تلك الإجراءات لم تكن كافية. 


ومع تراجع بعض القرارات تحت إشراف الأمم المتحدة، بقيت المقرات الرئيسية للبنوك في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، مما عرضها لخطر الإفلاس.

من جانبه، يرى د. يوسف أحمد استاذ الاقتصاد اليمني أن المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، يجب أن يمارس ضغوطًا على الحوثيين لرفع يدهم عن البنوك التجارية، مؤكدًا أن هذا سيساعد في إعادة استقرار القطاع المصرفي وحفظ حقوق المودعين والعملاء.

وأضاف - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، ما يحدث في بنك اليمن الدولي يعكس أزمة أوسع نطاقًا تهدد البنوك التجارية والإسلامية في اليمن، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، مضيفًا، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة لإنقاذ هذه البنوك من الإفلاس، فإن القطاع المصرفي بأكمله قد يواجه انهيارًا كارثيًا، في الوقت نفسه، يستمر الحوثيون في تعزيز سيطرتهم على السوق المالي عبر الكيانات التابعة لهم، مما يجعل حل الأزمة أكثر تعقيدًا.