السجون القطرية.. بين التعذيب والمرض والإفراج بالوساطة
كحال البلد بأكملها، تعج الفوضى والأزمات في السجون القطرية التي يعاني قاطنوها من التعذيب والتجويع وتفشي الأمراض وعدم تلقي العناية اللازمة ومعاملات غير إنسانية على الإطلاق، ليستمر الأمر حتى الآن رغم اقتراب عيد الأضحى المبارك.
العفو بشرط الوساطة
وكشفت مصادر لموقع "العرب مباشر" أن أمير قطر تميم بن حمد يصدر قرارات بالعفو الرئاسي مؤخراً عن المساجين وفقاً للوساطة التي يجريها أتباعهم من أجل خدمة البلاد.
وأضافت المصادر: أن اليوم تم الإفراج عن عدد من تجار المخدرات النيجيريين، وسبقهم دفعات من تونس والمغرب وكينيا وسيراليون وسوريا، منهم متورط بجرائم خطيرة، لا يجوز الإفراج عنهم إلا بشروط محددة.
وأشارت إلى أن بعض المفرج عنهم دون أسباب واضحة، هم فئة محكوم عليه في قضايا بشيكات دون رصيد، تتجاوز 48 مليون ريال قطري، وآخر عليه ٨٦ مليون ريال، وآخر عليه ٢١١ مليون، لوجود وساطة كبيرة تعود بالنفع على قطر في الوقت الذي تعاني فيه من انهيار اقتصادي ضخم.
أزمات وتعذيب
تثير السجون القطرية أزمات عديدة، لتفشي الانتهاكات بها نظرا لانتشار حالات التعذيب والتجويع، وآخرها في يونيو الماضي، حيث فضح فيروس كورونا تردي وسوء الإجراءات القطرية في السجون، وهو ما كشفته منظمة "هيومن رايتس ووتش" بتدهور الأوضاع في السجن المركزي بالدوحة، عبر عدة شهادات ترصد انتهاكات عديدة، ووجهت مطالبة عاجلة لسلطات قطر باتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير حماية أفضل للسجناء وموظفي السجون.
التقت المنظمة مؤخراً حوالي 6 محتجزين أجانب، الذين أكدوا تدهور الظروف في السجن المركزي بالدوحة منذ الاشتباه بإصابة عدة سجناء بالفيروس، حيث أبلغهم الحراس بذلك بشكل غير رسمي، بينما لم تعلن السلطات القطرية الأمر، واكتفت فقط بعزل العنبر الذي شهد للفيروس، ثم نقلت بعض المحتجزين إلى أقسام أخرى مكتظة بالسجناء وغير صحية.
وقال أحد السجناء لـ"هيومن رايتس ووتش" إن: "وصل المزيد من السجناء، وربما العديد منهم مصابون بعدوى إلى عنبرنا، لدينا أسرّة لـ96 شخصاً، والآن هناك حوالي 150 سجيناً"، مضيفاً أن حارس سجن آخر أخبره في 6 مايو الجاري، عن تسجيل 47 حالة حتى ذلك الوقت.
كما نقلت عن سجين آخر أن العنبر فيه 8 حمامات فقط بينما يصل عدد المسجونين فيه إلى 150 سجيناً، الذين ينامون على الأرض في مسجد السجن، وفي المكتبة، وصف الأمر بـ"يحتجزوننا مثل حيوانات في حظيرة"، ما يكشف وجود عدة انتهاكات إنسانية وصحية أخرى بالسجن.
المرضى دون رعاية
وفجَّرت المنظمة العالمية مفاجأة ضخمة أيضاً في تقريرها، هو أن حالات المرضى الحرجة من السجناء محرومون من الرعاية الطبية، حيث توقف الطاقم الطبي عن زيارة عنبرهم، حيث قال أحد السجناء للمنظمة: "لا أحد يعرف من يمكن أن يكون مريضاً، هذا الشخص في عنبرنا على ما يبدو لديه الإنفلونزا، لكن هل هي إنفلونزا، هل هو الفيروس، من يدري؟ لا أحد يتحقق".
ونقلت عن آخر قوله: "لم يعد يأتي الممرضون الذين يعطون حقن الأنسولين لمرضى السكري، يقوم الحراس بتوزيع حقن الأنسولين ويحقن المرضى أنفسهم"، مشيراً إلى أن سلطات السجن فرضت قيوداً إضافية على رعايتهم الطبية الأساسية؛ ما يعني أن السجناء الأكبر سناً ومن لديهم حالات مرضية، هم عرضة كبيرة لخطر العواقب الوخيمة إذا أصيبوا.
لم تقتصر المعاناة على ذلك الحد، وإنما وصل إلى أنهم لا يحصلون إلا على القليل من الماء والصابون، بينما لم يتم منحهم مطهر لليدين، مع استحالة تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي في ظل تلك الأعداد الضخمة، بجانب غياب التعقيم للمهاجع والاهتمام بالنظافة الشخصية للسجناء.
قائمة مطالب عاجلة
وبعد تلك الشهادات المأساوية والأوضاع المتفجرة داخل السجن، وجَّهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قائمة مطالب للسلطات القطرية، على رأسها تخفيض عدد السجناء للسماح بالتباعد الاجتماعي، بجانب ضرورة منح كل سجين الرعاية الطبية المناسبة، بالإضافة لضرورة وضع بروتوكولات مناسبة للنظافة الشخصية والتنظيف، مع توفير التدريب واللوازم مثل الكمامات والمطهّرات والقفازات، لمنع العدوى.
وعلق مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، التقرير، بقوله: إن السلطات القطرية عليها أن تتحرك بسرعة لتجنب انتشار أوسع لفيروس كورونا الذي يعرض السجناء وموظفي السجون وسكان الدوحة لخطر العدوى.
وطالب السلطات القطرية، بضرورة إطلاق سراح السجناء المعرضين للخطر مثل كبار السن والمحتجزين بتهم جنح أو جرائم غير عنيفة، وضمان حصول السجناء الباقين على الرعاية الطبية الكافية، محذراً من أنه "يمكن لانتشار الفيروس المبلغ عنه في سجن قطر المركزي أن يصبح سريعاً كارثة على الصحة العامة".
الرد القطري.. أكاذيب مستمرة
أثار ذلك التقرير جدلاً عالمياً ضخماً، وغضباً داخلياً بالدوحة بالغاً، لتعترف بتفشي فيروس كورونا في السجن المركزي بالدوحة، لأول مرة، إلا أنها هونت من الأمر وما زالت مستمرة في أكاذيبها.
وأصدرت قطر بياناً، أعربت فيه عن رفضها لتقرير "هيومن رايتس ووتش"، مدعية أنه عار عن الصحة، لتعترف في البيان نفسه بأنه "تم اكتشاف 12 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس في السجن المركزي دون تسجيل أي حالة وفاة"، فيما أكدت المنظمة أن أعداد المرضى تفوق ذلك الرقم بكثير.
كما زعمت أن السجناء الاثني عشر الذين ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا تلقوا العلاج في مستشفى السجن، وتم نقل اثنين للرعاية الفائقة، قبل إعادتهم إلى السجن عقب تعافيهم، وأن النزلاء حصلوا على قفازات وكمامات ويخضعون لفحوصات طبية منتظمة.
وادعت أن اللقاءات التي أجرتها المنظمة العالمية مع السجناء كانت "مقابلات محدودة لم يتم التحقق من مصداقيتها"، بينما غفل البيان عن عدد حالات الاشتباه بالفيروس وإجمالي المعتقلين بالسجن المركزي.