بتهم مزيفة واختراق للسرية.. كيف يقضي أردوغان على معارضيه بالعالم؟

بتهم مزيفة واختراق للسرية.. كيف يقضي أردوغان على معارضيه بالعالم؟
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر كل السبل تكميم أفواه معارضيه وإقصاءهم، لتلميع صورته، فتارة يلقيهم خلف القضبان، وأخرى يوجه لهم التهم المزيفة، وأخرى يصدر ضدهم أحكام مفتعلة، ليفر منهم خارج البلاد سريعا، ليحاول بأذرعه التجسس عليهم من أجل إلصاق الادعاءات بهم مجددا.

جورجيا


ومن بين العديد من البلدان بالقارات المختلفة التي يتجسس فيها أردوغان على معارضيه، كانت الوجهة هذه المرة هي مدينة جورجيا، حيث كشفت وثيقة تركية سرية أن سفارة أنقرة بها، هي واحدة من بين البعثات الدبلوماسية التي يستخدمها نظام أردوغان للتجسس على معارضيه.


وتتجسس سفارة أنقرة في تبلّيسي على 52 تركياً بعد أن طلبوا اللجوء السياسي لجورجيا، حيث حصلت الشرطة التركية على معلومات من السفارة حول طالبي اللجوء وقدمت المعلومات لوحدات مكافحة الإرهاب في 24 قسم شرطة أبلغتها بدورها إلى النيابة العامة مع طلب إجراء تحقيقات مع طالبي اللجوء في جورجيا.


وأظهرت الوثيقة أن طالبي اللجوء من المؤيدين لحركة "الخدمة"، التي تتهمها حكومة حزب العدالة والتنمية بتدبير انقلاب 2016 المزعوم، جاء دون أي أدلة، كما أن الأمر انتهك الخصوصية والسرية التي تفرضها إجراءات اللجوء، حيث أقدمت عناصر الاستخبارات التركية والعاملون في بعثاتها الدبلوماسية على طرق ملتوية من أجل الوصول إلى تلك المعلومات.

التشيك


لم تكن تلك هي الواقعة الأولى التي يتم فيها الكشف عن تجسس نظام أردوغان على معارضيه، حيث كشفت وثائق سرية أن البعثة الدبلوماسية التركية في التشيك أقدمت على انتهاكات بحق معارضين أتراك، بعد تورطها في أعمال تجسس غير قانونية بحق معارضين أتراك، وفقا لموقع "نورديك مونيتور" السويدي.


وأكد الموقع أن المعلومات التي جمعتها السفارة تم توظيفها، في توجيه اتهامات بالإرهاب لمعارضي أردوغان، وأن مكتب المدعي العام فتح في 11 ديسمبر 2018 تحقيقات بشأن 10 مواطنين أتراك تم إدراجهم في ملفات تجسس أرسلها دبلوماسيون أتراك في التشيك دون أي دليل ملموس على ارتكاب مخالفات.


كما أظهرت الوثائق أن من قام بنقل هذه الملفات إلى وزارة الخارجية، هو أحمد نجاتي بيجالي، سفير تركيا آنذاك في براغ بين عامي 2014 و2019.

الهند


وفي الوقت نفسه، كشفت صحيفة "هندوستان تايمز" الهندية الدور الذي لعبه نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقطر، بنشر الفكر المتطرف وتمويل الجماعات المناهضة للهند، مشيرا إلى أن تركيا لعبت دورا محوريا بوصفها مركز الأنشطة المناهضة للهند، بينما تهدف أنقرة لاستعادة هيمنتها على العالم الإسلامي، عبر تعزيز نفوذها لدى المسلمين جنوب شرقي آسيا.


وتابعت الصحيفة أن تركيا تعاونت مع الجماعات المناهضة للهند، والتي ارتكبت العديد من الهجمات الإجرامية، فضلا عن أن الرئيس التركي يمول حاليا الندوات في الهند لنشر الأفكار المتطرفة ونقل الشباب إلى الهند في رحلات تتحمل تركيا نفقاتها كاملة من أجل المزيد من التلقين الديني.


كما نقلت الصحيفة عن مصدر في الحكومة الهندية قوله: "نعلم أيضا أن بعض هؤلاء الشباب سافروا إلى قطر، حيث التقوا هناك مع بعض الأشخاص من تركيا، رغبة منهم في الحصول على تمويل لأنشطتهم، وتم عرض مبالغ مالية على بعض هؤلاء الدعاة لترويج الأفكار الدينية المتطرفة في كيرالا".

أستراليا


سبق أن أظهرت وثائق أول عملية تجسس تركية مؤكدة في أستراليا، لشخصية بارزة تابعة لجماعة معارضة في سيدني، حيث أرسل مسؤول مكافحة الإرهاب بشرطة أنقرة تقريرا من 17 صفحة إلى مكتب النائب العام في العاصمة يوم 16 مارس الماضي لفتح قضية جنائية ضد منتقدي ومعارضي نظام أردوغان، تستهدف تحديد أنشطة أعضاء حركة عبدالله جولن التي يزعم أردوغان وقوفها خلف الانقلاب المزعوم في 2016.


وكانت المؤسسة التابعة التي يشار إليها في خطاب المقدمة بحرفي (آي في/IV ) تم تحديدها بالتقرير المرفق بأنها جهاز الاستخبارات الوطنية، حيث أظهرت الوثائق أنه في 20 نوفمبر 2019، تم نقل جهاز الاستخبارات التركي المعلومات من أستراليا إلى إدارة مكافحة الإرهاب بمديرية الأمن العام في أنقرة، وبعد ذلك حققت شرطة العاصمة في الأسماء المرسلة من جهاز الاستخبارات، ثم قدمت تقريرا إلى مكتب النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية.


ويظهر بالتقرير كم كبير من المعلومات التي أظهرتها أنشطة تجسس جهاز الاستخبارات بالخارج واختراق أتباع أردوغان لمجتمع أعضاء حركة جولن في أستراليا، منهم محمد وهبي يافوزلار، الذي كان مسؤولا تنفيذيا بجمعية خيرية ثقافية تتولى الترويج للتعليم والتنوع والتعددية الثقافية، حيث استغلت الاستخبارات التركية عملاء لمراقبة الاجتماع ومبلغين لجمع المعلومات بشكل غير قانوني، ثم نقلت المعلومات إلى مقر وكالة التجسس في أنقرة مع الأجهزة الأمنية التابعة لأردوغان، ما يثبت خرقا بينا لقوانين التدخل الأجنبي في البلاد ومكافحة التجسس، التي تم تشديدها عام 2018.
 
ألمانيا 


كما أسست تركيا شبكة تجسس بألمانيا ضد خصوم أردوغان ونقل أخبارهم إلى أنقرة ثم فتح قضايا باتهامات مزعومة، حيث كشفت وثائق أن أحد الموالين للنظام التركي في ألمانيا بعث برسالة سرية إلى خط بلاغات خصصته مديرية الأمن العام لنقل المعلومات التي تم جمعها عن المعارضين المرتبطين بحركة فتح الله جولن.


وعقب ذلك، تم نقل الرسالة إلى وحدة الجرائم الإلكترونية، ومشاركتها مع إدارات مكافحة الإرهاب والإنتربول لاتخاذ إجراءات جنائية ضد الأشخاص الواردة أسماؤهم، ثم إبلاغ مكتب النائب العام واستغلالها كدليل في المحاكمات الصورية التي تستهدف المنتقدين والمعارضين والخصوم.


وأظهرت الوثائق تغلغل شبكة المبلغين التركية في أوروبا، والتي توسعت بشدة منذ عام 2014، عقب تورط أردوغان في تحقيقات فساد كبرى التي تم فضحها في ديسمبر 2013، بالحصول على ثروة ضخمة من خلال الرشاوى وسوء استغلال السلطة ومخططات غسيل الأموال لصالح النظام الإيراني، بينما اتهم الرئيس التركي حركة جولن، بالوقوف وراء ذلك.
 

أميركا


وسبق أن انتشرت وثائق مسربة تعود إلى 5 فبراير 2020، أن المسؤولين الأتراك استغلوا المنشآت الدبلوماسية في جمع معلومات عن المواطنين والمقيمين بالولايات المتحدة، وهو ما يعد انتهاكا فادحا لاتفاقية فيينا التي تنظم عمل الدبلوماسيين وموظفي القنصليات.


كما أنها تتضمن إرسال البعثات التركية لتقارير استخباراتية لوزارة الخارجية، بشأن تحديد المرتبطين بجماعة رجل الدين فتح الله جولن المقيم بواشنطن، بالإضافة لمن ينتقد الحكومة التركية في القضايا المختلفة، فضلا عن تقارير أخرى بشأن العديد من الأجهزة الحكومية بتركيا كالشرطة ومكتب الادعاء العام في أنقرة.
 
وتكشف إحدى الوثائق أن أحد الأنظمة التي تشرف عليها وحدة شرطية تعمل تحت ستار مديرية مكافحة التهريب والجريمة المنظمة للشرطة الوطنية التركية في أنقرة، وأنه من بين الأسماء المستهدفة بأميركا من تركيا هو بربروس كوجاكورت، في ولاية نيوجيرسي، حيث إنه معارض للحكومة، وكان مديرا سابقا لكلية يامنلار، وهي واحدة من أفضل المدارس في تركيا قبل أن تغلقها حكومة أردوغان عام 2016.


وتضمنت الوثائق السرية التركية أيضا، أحمد جان، في بروكلين، كأحد مؤسسي مؤسسة "داملا كولتور سنات دارندي" الفنية الثقافية الموجودة في إسطنبول، والتي أغلقتها تركيا في 2016، بالإضافة إلى عزيز أوزديمير، عضو بجمعية رجال أعمال فلوريا في إسطنبول، والتي أُغلقت بالعام نفسه. 


كما أن تلك المستندات التي أرسلتها السفارة التركية والقنصليات بأميركا، استغلتها حكومة أردوغان في رفع دعاوى جنائية فيها ضد المواطنين المقيمين في الولايات المتحدة.


وأوضح أن تلك الجرائم، بدأت منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، حيث بطش أردوغان بمعارضيه بشتى الطرق، وأصدر حزمة من قوانين مكافحة الإرهاب خصيصا لأجل خصومه.
 

سويسرا


تعتبر تلك ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها فضح تجسس البعثات الدبلوماسية التركية، حيث سبق وتكرر الأمر في عدة دول أوروبية أيضا، ما وصل إلى إصدار سويسرا لمذكرة اعتقال ضد اثنين من مسؤولي سفارة أنقرة، عقب محاولتهم خطف رجل أعمال سويسري من أصل تركي، معارض لنظام أردوغان الفاسد.


العام الماضي أيضا تم الكشف أن وكالة الاستخبارات الوطنية التركية كانت تجمع بيانات عن أعضاء من جماعة فتح الله جولن الذين فروا إلى اليونان هربا من بطش أردوغان، حيث كشفت الوثيقة عن عمليات مراقبة تركية للاجئين والمهاجرين في اليونان من أجل تحديد أسماء وخطط وأماكن وجود الذين اضطهدهم نظام أردوغان حتى أثناء وجودهم في الخارج.
 

الدنمارك


فيما تم فضح الحكومة التركية بأنها كانت تتبع الصحفي حسن جوجوك، المعارض، وهو مراسل تركي مخضرم كان يعمل صحفيا في الدنمارك منذ التسعينيات، بينما سارعت الاستخبارات الدنماركية بنقله إلى منزل آمن.
كما كشفت وثائق أخرى، تجسس تركيا على البلدان الأفريقية التالية "بوركينا فاسو، غينيا الاستوائية، إثيوبيا، المغرب، جابون، غانا، غينيا بيساو، جنوب أفريقيا، الكاميرون، كينيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليبيا، مدغشقر، مالي، مصر، موريتانيا، موزمبيق، النيجر، ونيجيريا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والسنغال، والصومال، والسودان، وتنزانيا، وتونس، وأوغندا".


بالإضافة للولايات المتحدة، حيث كانت تتولى مراقبة معارضيها الأتراك  في "ألاباما، أريزونا، أركنساس، بوسطن، كاليفورنيا، كولورادو، فلوريدا، جورجيا، هيوستن، إنديانا، لويزيانا، لاس فيجاس، لوس أنجلوس، مينيسوتا، ميسوري، ونيفادا، ونيوجيرسي، ونيو مكسيكو، ونيويورك، وكارولينا الشمالية، وأوهايو، وأوكلاهوما، وبنسلفانيا، وسان انطونيو، وشيكاغو، وتينيسي، ويوتا، وواشنطن، وسان دييجو.