بسبب فساد أردوغان ...أتراك يكشفون فشل المنظومة التعليمية التركية

بسبب فساد أردوغان  ...أتراك يكشفون فشل المنظومة التعليمية التركية
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

مخطط طويل يعتمد على تغييب وعي الشعب التركي وزيادة نسب الجهل لسهولة السيطرة عليه.. هذا هو الفكر الإخواني الذي يطبقه رجب طيب أردوغان، فما أسهل حكم الشعوب التي لا تدرك حقوقها، ومنذ أن قرر أردوغان تغييب عقل المواطن التركي وبدأ ترتيب تركيا العالمي يتراجع بشدة حتى باتت جميع الجامعات التركية خارج قائمة أفضل 500 جامعة حول العالم، الأمر الذي جعل الجارة السيئة وأحد أبرز أمثلة النظم القمعية في العالم (إيران)، تتفوق على تركيا رغم أنها كانت أقل منها بنحو 12 مرتبة في السنوات العشر الأخيرة، لم تتقدم إيران ولم تحقق طفرة، ولكن تهاوت تركيا وسقطت حتى أصبحت إيران تفوقها بأربع مراتب كاملة، وإضافة إلى حالة التدهور قرر أردوغان تقليص الميزانية المخصصة للتعليم خلال الفترة القادمة بشكل هائل وغير مسبوق يقترب من نصف الميزانية التي كانت موجودة العام الماضي 2019.
 
هكذا يتحمّل «الانقلاب المزعوم» معظم مسؤولية تدهور التعليم


كشفت دراسة أجرتها وزارة التربية والتعليم التركية، مؤخرًا، تدني مستوى التحصيل الدراسي لدى طلاب المدارس الابتدائية، وأوضحت النتائج فشل 40% من الطلاب في فهم ما يقرؤون بمادة اللغة التركية.


وأوضحت الدراسة أن تراجع جودة التعليم الأكاديمي في تركيا له عدة أسباب، أولها هجرة العقول عقب الانقلاب المزعوم صيف 2016، إذ شهدت الجامعات تراجعًا خطيرًا في حرية الرأي والتعبير؛ ما أدى إلى إغلاق 979 قسمًا علميًّا بالجامعات التركية بسبب هروب الأساتذة والطلاب.


وأكدت الدراسة أنه تم تعطيل العديد من الكليات والبرامج التعليمية نهائيًّا، بالإضافة إلى بسط مجلس التعليم العالي سيطرته على الجامعات بشكل أحادي، وتركيز الجامعات الخاصة على الربح فقط، وإهمال معايير الجودة التعليمية، علاوة على عدم خضوع الأكاديميين للتدريب اللازم، وتحميل الأكاديميين الشباب بأعباء ثقيلة على عاتقهم.
 
الفقراء يسقطون من حسابات "حكومة أردوغان" أثناء وضع خططها للتعليم


في السياق نفسه، وبالتزامن مع تفشي فيروس "كورونا" في تركيا، اتخذت الحكومة سلسلة تدابير وإجراءات وقائية، لمكافحة الفيروس، لكن السلطات التركية تجاهلت ولم تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها كثير من أفراد الشعب التركي، خصوصا من يقبعون تحت خط الفقر منهم ذلك الخط الذي يرتفع يوميًا ويضع أسفله عشرات الآلاف من الأتراك، وما يتعلق بنظام التعليم عن بعد، الذي يواجه انتقادات لاذعة من شريحة واسعة من المواطنين.


وكان الانتقال لنظام التعليم عن بعد وإغلاق المدارس والجامعات أول قرارات الحكومة التركية للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد، وتطبيقا لهذا الإجراء، افتتحت وزارة التعليم التركية شبكة تعليمية تتكون من 3 محطات تلفزيونية، بالإضافة إلى موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت.


غير أن نظام التعليم عن بُعد بشكله الحالي، تسبب في موجة انتقادات شديدة للحكومة، كونه لا يراعي ظروف الطلاب الفقراء، الذين لا يمتلكون التقنيات اللازمة لمتابعة دروسهم عن بعد، مثل الكمبيوتر، أو أن خدمات الإنترنت لا تصل إلى قراهم.


وجاء في تقرير لنقابة المعلمين في محافظة ديار بكر، ذات الأغلبية الكردية، أن 3 في المائة فقط من طلاب المحافظة تمكنوا من متابعة دروسهم عن بعد، لكن البقية لم يتمكنوا من ذلك إما بسبب انقطاع خدمات الإنترنت عن أحيائهم، أو بسبب الفقر.
 
"أردوغان".. أغلق 15 جامعة واعتقل الأكاديميين بتهمة الإرهاب


واستمرارا لسياسة الرئيس التركية في قمع الحريات وتوزيع الاتهامات على كل مَن لا يقبل وجوده، قرر أردوغان زيادة مأساة التعليم التركي بعد أن أصدر قرارات تشمل إغلاق خمس عشرة جامعة تركية يعمل فيها 2760 أكاديميًا، وكالعادة قائمة الاتهامات جاهزة ومعدة مسبقًا وأصبحت معروفة للجميع وهي الانتماء لجماعة رجل الدين فتح الله جولن ودعم تنظيمات إرهابية، فضلًا عن اعتقال العديد من الأكاديميين بالتهمة ذاتها أو الاكتفاء بفصلهم من مناصبهم في الجامعات الحكومية والخاصة.


ولم يكتفِ أردوغان ونظامه بذلك، بل قرروا فصل 135 ألفًا و144 من العاملين في المؤسسات التعليمية تعسفيًّا، من خلال 36 قرار خلال حالة الطوارئ بتوقيع من أردوغان نفسه، أما عن توزيع هؤلاء المفصولين، فقد بلغ عدد المفصولين من مؤسسات التعليم العالي نحو 41 ألفًا و705 أشخاص أي نحو 30% من إجمالي المفصولين.


وبلغ عدد المفصولين من وزارة التربية والتعليم بقرارات حالة الطوارئ 34 ألفا و393 شخصًا، وبلغ عدد العاملين الإداريين المفصولين من مؤسسات التعليم العالي 7 آلاف و312 شخصًا.


كما كشفت بيانات صادرة عن مركز القياس والاختيار التركي أن هناك 2450 قسمًا بـ78 جامعة حكومية من أصل 122 جامعة بعموم البلاد، تخلو من أعضاء هيئة التدريس إما بشكل كلي أو جزئي.
 
أهل الثقة أفضل من الكفاءات.. سياسة "العدالة والتنمية" التي أغرقت التعليم


خوفًا من الفضائح ولتسهيل تمرير ما يريدون، يفضل دائمًا رجال أردوغان في السلطة تعيين أهل الثقة بدلًا من أهل الكفاءة والخبرات، فأصبحت ظاهرة إصرار حزب العدالة والتنمية على تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالمحسوبية أمرًا يعرفه الصغير قبل الكبير في طول تركيا وعرضها.


وهو الأمر الذي أدى لتفاقم ظاهرة انتهاك القواعد العلمية في بناء المنظومة التعليمية لتصبح أحد أهم أسباب انهيار التعليم؛ حيث كشف مقطع فيديو لعميد كلية العلوم في جامعة غازي في العاصمة أنقرة "أورهان أجار" المقرب من الحزب الحاكم، حال التعليم التركي الذي بات يُرثى له، إذ ترك الكاميرا الخاصة به والميكروفون مفتوحين خلال لقائه مع طلابه عبر نظام الفيديو كونفرانس، وقال لشخص بجانبه: «هكذا يمكننا رؤية صور الفتيات أيضًا»، مما تسبب في موجة كبيرة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعه للاستقالة من منصبه.


كما تسبب قرار تعيين رئيس جامعة البحر الأسود التقنية البروفيسور سليمان بايكال في موجة من الجدل كذلك؛ إذ إن بناته الثلاث وصهريه يعملون أعضاء في هيئة تدريس الجامعة نفسها، نفس الأمر ينطبق على عميد كلية الطب بجامعة نجم الدين أربكان في مدينة قونيا، البروفيسور جلال الدين واطنساف، الذي ما أن تم تعيينه عميدًا للكلية؛ حتى عين شقيقه، وابنه، وزوجته في الجامعة نفسها، وعلى نفس الدرب سار رئيس جامعة سليمان دميرال في مدينة إسبارتا، البروفيسور إيلكار تشاريكتش إذ وفر فرص عمل لزوجته وشقيقه وصديق شقيقه ومدرب التزلج الخاص بابنته وزوجة معلم الموسيقى الخاص بها أيضًا في الجامعة نفسها، وعندما افتضح الأمر، اكتفى بالقول إن قرارات التعيين صدرت بناء على الجدارة، والأمثلة على ذلك أكبر من أن يتم حصرها.


ولعل تصريحات نائب رئيس جامعة صباح الدين زعيم في اسطنبول "بولنت آري" التي قالها في مارس 2016 تؤكد احتكار النظام التركي للتعليم حيث قال: أشعر بالغضب كلما زادت معدلات التعليم، في هذا البلد، أنا أثق أكثر في بصيرة وآراء قطاع المواطنين غير المتعلمين والجهلة، أي أن من ينهضون بالبلاد، هم من لم يتعلموا، ولم يدرسوا حتى الابتدائية، نعم الشعب الذي لم يدرس المرحلة الجامعية.
 
لا أمل في إصلاح التعليم طالما استمر "أردوغان ونظامه"


يقول "سعفان غالي"، 44 عاما، أستاذ سابق في جامعة اسطنبول وهو تركي: تدهور التعليم أمر طبيعي للغاية ويأتي دائمًا متزامنًا مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، في ظل انشغال الرئيس ورجاله بتحقيق أحلامهم خارج حدود تركيا، فبدلًا من تطوير تركيا يسعى لتوسعة رقعتها والسيطرة على بلدان أخرى، متسائلًا، لا أعرف كيف يفكر في هذا وهو يفشل في تطوير بلده، فكيف لشخص لا يستطيع الوفاء بالتزاماته وأداء واجبه أن يسعى لزيادة الواجبات والالتزامات.


وتابع لم أتردد في الهروب خارج تركيا بعد أن شاهدت أصدقائي الذين أعرف حبهم للوطن جيدًا وهم معتقلون كالمجرمين دون ذنب اقترفوه، خوفًا على نفسي وأبنائي قررت السفر للخارج حتى أضمن لأبنائي تعليمًا جيدًا وحياة آدمية دون تهديد بانتهاك حقوقهم في أي وقت، فأدركت بعد الانقلاب المزعوم أن لا عصمة لأحد في تركيا ولن يستطيع القانون حمايتي لأنه لم يستطع حماية القضاة أو القادة العسكريين أو كافة القطاعات الكبرى في تركيا الذين ألقي بهم إلى السجون دون رحمه.


وأضاف، أتابع حزينًا تدهور حال التعليم في تركيا، وأعلم أنه لا أمل في الإصلاح إلا برحيل أردوغان ونظامه الحاكم بالكامل، هذا الرجل أهمل وتناسى مهامه الأساسية وانشغل باستنزاف ثروات الشعب التركي وأمواله في تحقيق أحلامه الشخصية وإشعال الشرق الأوسط وتحويل الأتراك لشعب مكروه في العالم.