كيف تهدد عمالة الأطفال مستقبلهم في لبنان؟
تهدد عمالة الأطفال مستقبلهم في لبنان
يعيش لبنان أزمة اقتصادية طاحنة بعد أن تراكمت الديون على الحكومات المتعاقبة في أعقاب الحرب الأهلية دون أن تحقق إنجازات بهذا الإسراف في الإنفاق، الأزمة تسببت في أزمات أخرى يعيشها شعب لبنان الذى يعاني.
ومنذ أن أصاب الشلل البنوك في لبنان والتي تعد محورية للاقتصاد القائم على الخدمات، بات على الشعب اللبناني محاولات كثيرة للعمل خاصة في ظل الأزمات وللبحث عن مستقبل اليوم وليس الغد، ولذلك اتجه الكثير من الشعب اللبناني إلى عمالة الأطفال.
ومع انهيار العملة اللبنانية ودفع قطاعا كبيرا من السكان إلى صفوف الفقراء، باتت عمالة الأطفال جزءا كبيرا في المجتمع اللبناني.
عمالة الأطفال
وفي ظل استمرار المعاناة، باتت بعض العائلات في لبنان تخرج أطفالها من المدارس في ظل واحدة من أسوأ الأزمات المالية في العالم، ما اضطرهم إلى العمل في ورش صناعية أو المنازل أو حتى المخدرات، أملاً في تأمين لقمة العيش اليومية التي تحتاجها الأسرة.
لدرجة أن العمالة في الورش قد تكون قائمة على الأطفال بشكل كامل، حتى يستطيع رب العمل توفير أجرة الشباب ومن يتحمل العمل.
وفي تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" عام 2021، قال إن 25 % من الأسر اللبنانية أصبحت عاجزة عن تأمين تكاليف الدراسة للأطفال.
قانون لبنان يمنع عمالة الأطفال
وفي ظل تلك الأزمة فإن القانون اللبناني نظم عمالة الأطفال ومنع العمل تحت 14 سنة، وهناك بعض أشكال العمالة الآمنة المسموح بها ولكن نتيجة الأزمة نشهد توجه الأطفال إلى أنواع من العمل مثل مساعد ميكانيكي وبيع الورود في الشوارع، وهذا يحمل الكثير من المخاطر النفسية والجسدية لا تتناسب مع حياتهم، كما أن الخطر الأكبر هو العنف الجنسي والجسدي الذي يمكن أن يتعرض له الأطفال دون رقابة، نتيجة الفقر والحاجة يصبح هناك كتمان وعدم بوح بما يتعرضون له من اعتداءات.
ويبقى الأطفال في الشوارع إلى ما بعد منتصف الليل؛ فالمطلوب منهم جمع مبلغ مالي لا يستطيعون إنهاء عملهم من دون تأمينه ويصل أحياناً إلى مليون ليرة، كما أن بعضهم من النازحين السوريين، وهم من يعملون في مهن مثل التسول وغيرها.
وتظهر دراسة أن 12.3٪ و 71.6٪ من أسر اللاجئين اللبنانيين والسوريين على التوالي لديها طفل واحد على الأقل يتراوح عمره بين 3 و 18 عامًا غير ملتحق بأي شكل من أشكال التعليم.
بينما يعتقد 45.9 في المائة من مقدمي الرعاية للأطفال أن الوضع الاقتصادي الحالي يؤدي إلى زيادة عمالة الأطفال، قال 37 في المائة: إن المعتقدات الثقافية هي المحرك الرئيسي لهذه الممارسات.
من المثير للقلق أن 44 في المائة من الآباء ومقدمي الرعاية الذين تمت مقابلتهم يعتقدون أن إشراك الأطفال في وظائف مدفوعة الأجر يعزز مهاراتهم الحياتية، بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 35.1٪ أنه من المقبول إشراك الأطفال فوق سن 14 عامًا في العمل.
أطفال في أسوأ أشكال عمالة الأطفال
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، "أوتشا"، إن عمالة الأطفال هي أبرز قضايا حماية الطفل التي تم الإبلاغ عنها من قِبل شركاء القطاع والميدان وكما أكده تحليل إدارة الحالة في القطاع الذي يشير إلى أن أكثر من 50٪ من الأطفال يتلقون خدمات هم أطفال في أسوأ أشكال عمالة الأطفال.
كما أظهرت تقارير مراقبة الحماية الصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية للفترة من يناير إلى يونيو 2022 الزيادة في عدد الأطفال المنخرطين في العمل، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، ارتفعت نسبة الأسر التي لديها طفل واحد على الأقل منخرط في عمالة الأطفال في النصف الأول من عام 2022 من 9٪ إلى 10٪ في المتوسط.
تصورات الأبوين تؤثر بشكل كبير
ويقول هانز بيدرسكي، المدير الوطني لمنظمة وورلد فيجن في لبنان: "لقد تفاقم الوضع بالنسبة للأطفال في لبنان خلال الأشهر العشرين الماضية، وأن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة ليس بالضرورة العامل المحدد الوحيد الذي يجبر الأطفال على ترك المدرسة، المثير للقلق، أن تصورات الوالدين تؤثر بشكل كبير على قرار إنجاب طفل للعمل.
وأضاف بيدرسكي: أنه يجب على المجتمع الدولي الاستجابة بسرعة لتجنب أزمة حماية الطفل ومعالجة دوافع الزواج المبكر والقسري وعمالة الأطفال والتسرب المبكر من التعليم، مؤكداً أن الفشل في التحرك الآن سيكون له عواقب بعيدة المدى محتملة بين الأجيال ليس فقط على لبنان ولكن لمنطقة الشرق الأوسط ككل.
ويري ناشطون لبنانيون أن المادة 559 معطوفة على المادتين 548/4 و549/3 من قانون العقوبات اللبناني شدّدت العقوبة عند اقتراف أفعال الضرب والإيذاء بحق حدث دون الخامسة عشرة من عمره، كما عاقبت المادة 554 من قانون العقوبات بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالتوقيف التكديري وبالغرامة من 10 آلاف إلى 50 ألف ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقدم قصداً على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه إذا لم ينجم عن هذه الأفعال مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام، ولبنان وقع على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1989، وقد صدقت عليها الحكومة اللبنانية في 1990، ولكن الحكم سيكون حسب الطائفة أو الحزب، وإن الأهالي هم من عليهم الشكوى وهو ما لا يحدث في الأساس.