ثورة جياع قادمة أم صراع سياسي... احتجاجات لبنان غضب شعبي لا يهدأ
احتجاجات ضخمة تشهدها لبنان بالآونة الأخيرة، اتسع نطاقها وتعددت أسبابها، بين رفض تدهور الأوضاع المعيشية وتردي الاقتصاد وتفشي البطالة ورفضا للإغلاق وحتى رفض اغتيال النشطاء.
مظاهرات مشتعلة في طرابلس
تجددت الاحتجاجات اليوم في مدينة طرابلس اللبنانية، حيث قطع محتجون طرقات في مدينة طرابلس اللبنانية رفضا للأوضاع المعيشية المتدهورة.
فيما أقدم عدد من المحتجين على قطع أوتوستراد التبانة بالإطارات المشتعلة رفضا لتوقيف شخص مساء أمس.
وقالت غرفة التحكم المروري: إنه تم قطع مسلكي أوتوستراد طرابلس- عكار عند جسر المشاة في منطقة باب التبانة بالإطارات المشتعلة، كما قام أحد المحتجين بإحراق سيارته في نفس المكان احتجاجاً على التوقيف.
احتجاجات عشية مقتل لقمان سليم
بعد العثور على جثة الناشط السياسي اللبناني لقمان سليم، أشد منتقدي حزب الله، مقتولا داخل سيارته، لتنتشر توقعات بشأن تورط حزب الله في مقتله.
وسرعان ما خرج العديد من المواطنين في مظاهرات دعا لها "اتحاد ساحات الثورة" اللبناني، الذي نظم وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في العاصمة بيروت؛ احتجاجاً على مقتل الناشط لقمان سليم ودعما للموقوفين، ولكشف ملابسات تفجير مرفأ بيروت.
عنف وغضب
وفي نهاية يناير الماضي، كانت تشتعل عدة مدن لبنانية منها مدينة طرابلس بشمالي البلاد، غضبا ظهر في خروج مظاهرات حاشدة من المواطنين، يعقبها مواجهات بين المحتجين والجيش اللبناني الذي أطلق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين؛ ما أسفر عن إصابة عدد من المتظاهرين، لتتحول المدن إلى ساحات حرب.
وخلال المظاهرات، قطع المحتجون الطرق بالإطارات والعوائق بالمدن، كساحة النور، وساحة عبدالحميد، رفضاً لقرار تمديد الإقفال العام لاحتواء تفشي فيروس كورونا.
كما ردد آخرون في مسيرة بمنطقة القبة هتافات أكدوا فيها الاستمرار في تحركاتهم إذا لم يتم التراجع عن قرار الإقفال.
بينما رشق المحتجون الغاضبون سرايا طرابلس، مقر البلدية بالحجارة، احتجاجا على الإقفال العام ومحاضر الضبط ضد المخالفين لقرار الإقفال التام، والأزمة الاقتصادية الخانقة.
ولم تتمكن الشرطة من احتواء الأوضاع، ليتم استقدام قوات من الجيش بوحدات إضافية مزودين بالدروع وبنادق إطلاق الغاز المسيل للدموع، والعربات المدرعة والآليات العسكرية، واعتقلوا عددا من المعتدين، للتصاعد المواجهات بين العناصر العسكرية والمحتجين.
احتجاجات ساحة النور
وفي 27 يناير الماضي، تحولت شوارع مدينة طرابلس، خاصة ساحة النور، والتي تعد منطقة التظاهر المركزية، منذ اندلاع انتفاضة 17 أكتوبر 2019، إلى أشبه بمنطقة حرب، في ظل المواجهات العنيفة بين المحتجين والجيش، والتي شهدت حالة كر وفر، ونجاح بعضهم في تسلق الأسوار بسراي طرابلس.
واشتعلت الأوضاع برشق المحتجين للقوى الأمنية وقوات الجيش اللبناني بالحجارة والأدوات الصلبة والألعاب النارية، وأعشاب المولوتوف، مرددين الهتافات المناهضة للسلطة.
واعتبر المتظاهرون أن مدينة طرابلس هي أكثر المناطق "المحرومة" في لبنان وأن سكانها يعيشون أوضاعا اقتصادية قاسية، خاصة لإغلاق المؤسسات والأنشطة الاقتصادية والتجارية، وتسريح العمالة وتصاعد معدلات البطالة، بسبب فترة الإقفال، كونهم لم يتلقوا الإعانات الاجتماعية التي تعهدت بها الدولة لصالح الأسر الأكثر احتياجا خلال فترة الإغلاق.
وعبر الاحتجاجات، تحرك المتظاهرون أمام منازل أعضاء مجلس النواب والسياسيين من أبناء المدينة، حيث حمَّلوهم مسؤولية التدهور الكبير الذي تشهده المدينة على المستوى الاقتصادي، مطالبين بدعم وإنصاف فقراء المدينة ومكافحة الفساد.
وقررت مسبقاً السلطات اللبنانية احتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي سجل أرقاما كبيرة بالإصابات، وقفزة في الوفيات، في ظل عدم قدرة المستشفيات على استقبال المزيد من المرضى، استمرار الإقفال ومنع التجول منذ الأسبوع الأول من يناير الجاري وحتى الثامن من فبراير المقبل؛ ما تسبب في انقطاع مئات الآلاف من الموظفين والعمال عن أعمالهم، التي شبهها البعض بثورة جياع قادمة.
وقال الجيش اللبناني، في بيان، إن "دورية من مديرية المخابرات أوقفت 17 شخصاً لقيامهم بأعمال شغب وتخريب وتعدٍّ على الممتلكات العامة والخاصة، ورمي قنابل مولوتوف على القوى الأمنية"، مضيفا أنه "تمت مباشرة التحقيقات مع الموقفين بإشراف القضاء المختص، وتتم المتابعة لتوقيف باقي المتورطين".