حالماً بالزعامة الصدرية.. تورط مقتدى الصدر في قتل شباب "تشرين"

حالماً بالزعامة الصدرية.. تورط مقتدى الصدر في قتل شباب
صورة أرشيفية

تتصاعد التوترات في العراق، بين الشباب المحتجين في الميادين، وبين التيار الصدري، الذي يقوده مقتدى الصدر، في محاولة الأخير لفرض زعامة سياسية داخل البلاد.


حيث هاجم التيار خيام اعتصامات تشرين في محافظة ذي قار بالجنوب، والتي أفضت إلى مقتل سبعة أشخاص، وإصابة مائة آخرين، وفق بيانات رسمية، أول من أمس.


ووفقا لخبراء فإن، تجاوزات الصدر الأخير، وضعت رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في دائرة الحرج، بعد تحرّكات حليفه السياسيّ، مقتدى الصدر، في اتجاهات زعزعة سلطة الدولة التي يحاول الكاظمي استعادتها من الميليشيات الموالية لإيران، بالاعتماد على الحلفاء، الذين يتقدّمهم الصدر نفسه. 

استغلال سياسي للتظاهرات 


في هذا السياق أوضح الدكتور نزار السامرائي، المحلل السياسي العراقي، أن التيار الصدري لديه قاعدة كبيرة في المحافظات الجنوبية مثل الناصرية وميسان والبصرة، وأغلب عناصر هذه القاعدة من الشباب، لافتاً أنه بذلك يمكن استنتاج أن هذه العناصر كانت تشكل جزءا كبيرا من التظاهرات التي انطلقت في أكتوبر 2020، بمعنى أنها كانت شريكا أساسيا في ساحات الاعتصام سواء في بغداد أو الناصرية أو غيرها من المدن.


وأضاف السامرائي في تصريحات لـ"العرب مباشر": "التغير الكبير حدث عندما بدأ اتجاه التظاهرات ينحرف عن مساره وتتحول شعارات الإصلاح إلى تهديدات مباشرة، نتيجة اختراق هذه التظاهرات من عناصر عديدة، وبالتالي فإنها أصبحت وسيلة لتحقيق أهداف سياسية غير تلك التي دعا إليها الشباب الذين أطلقوا التظاهرات والاعتصامات، والتي ترتكز على إصلاح مسار العملية السياسية، وتقليص هيمنة الأحزاب على مقدرات البلد ومؤسساته الرسمية بالشكل الذي أوصل العراق إلى حافة الهاوية".


أوضح، أن تقاطع الاتجاهات بين التيار الصدري والمتظاهرين الآخرين، وتعدد الاتجاهات بين صفوف المتظاهرين، بالشكل الذي أخرجها عن سلميتها، أدى إلى انسحاب الصدريين من ساحات الاعتصام وبذلك فقد المتظاهرون الغطاء الذي كان يحميهم إلى حد ما، من هجمات الجهات الأخرى، وهذا بطبيعة الحال أدى إلى تقليص حجم الاعتصامات والمتظاهرين، مردفا: "مع انسحاب الكثير من القيادات الأكاديمية والمثقفة لأسباب شتى، ما بقي من المتظاهرين الذين صمدوا باتجاه محاولات تفتيت اعتصاماتهم ومطالباتهم، حمّلوا التيار الصدري مسؤولية تعرضهم إلى هجمات وانهيار التظاهرات".

حرب على مواقع التواصل الاجتماعي


وأشار السامرائي، أن الأمر أشعل حربا على مواقع السوشيال ميديا بين الطرفين، تحمل الكثير من الإساءات لبعضهم، وتتعرض لرموز الجانبين بألفاظ خارجة عن اللياقة؛ ما جعل الأمر يخرج عن نطاق السيطرة، منوهاً بانضمام التيار الصدري إلى الجهات الأخرى التي تتهم المتظاهرين بالولاء لجهات خارجية تحاول جر البلد للفتنة.


تابع: "ما حصل في الناصرية وساحة الحبوبي مؤخرا هو نتاج لهذا التوتر؛ اذ مع محاولة الصدريين استعراض قوتهم وجماهيريتهم واستعدادهم للانتخابات المبكرة أعلنوا عن تنظيم تظاهرات ضخمة، وفي الوقت نفسه الرغبة في أن يكون منصب رئيس الوزراء في الحكومة المقبلة من نصيبهم مع ثقتهم بأنهم سيحرزون أكبر عدد من المقاعد الانتخابية".


ولفت إلى أن الصدريين يريدون حسب تصريحات عدد من سياسييهم أن يثبتوا أنهم الوحيدون القادرون على تنظيم مسيرات "مليونية" حاشدة، قائلا: "وهذا صحيح إلى حد ما نتيجة الولاء "الديني" الذي يشعر به أنصار التيار الصدري تجاه زعيمهم الذي تعد توجيهاته مقدسة، رغم الانتقادات الموجهة إلى عدد من سياسييهم بتهمة الإثراء غير المشروع".


أردف: "الحصيلة كانت سقوط العديد من الجرحى وحوالي 8 قتلى، ولكن بالنتيجة فإن الأحداث أثرت سلبيا على الرأي العام تجاه التيار الصدري وجاءت بنتائج غير تلك التي كان يترجاها من تنظيم التظاهرات؛ لذلك كان عليه ترميم ما حدث"، مشيرا أن تغريدات زعيم التيار الأخيرة تجاه عودة المعتصمين إلى ساحة الحبوبي، وأن ذلك حق مشروع طالما لا يؤثرون على الأمن والحياة العامة ولا يتعرضون للغير بالإساءة، تدلل على ذلك بوضوح.

إجراءات الكاظمي بعيدة عن الشارع العراقي


وكان قد شكّل الكاظمي، لجنة رفيعة المستوى برئاسة رئيس جهاز الأمن الوطني عبدالغني الأسدي وهو من الشخصيات القريبة للشارع العراقي والمحبوبة، والتي لها بصمتها في محاربة داعش، إضافة إلى مستشار الأمن الوطني.


في هذا السياق اعتبر السامرائي: "أن تلك اللجنة تدل على أن الأمر مؤثر جدا، ولاسيما أن محافظة ذي قار لم تهدأ وتشهد الكثير من الأحداث منذ أكتوبر 2019 وقتل الكثير من أبنائها واختطف ناشطون وتعرض آخرون لهجمات؛ ما يعني أن المحافظة ملتهبة أصلا".


اختتم المحلل السياسي العراقي حديثه قائلاً: "لا أظن الإجراءات التي يتخذها الكاظمي ذات تأثير بالشارع العراقي، ولاسيما أنه لم ينفذ وعوده بشأن محاسبة المتورطين بقتل المتظاهرين، أو الكشف عن التحقيقات باغتيال العديد من الناشطين وأبرزهم هشام الهاشمي، فيما لا يزال آخرون مغيبين لا يعرف لهم طريق".