شباب اللاجئين يعانون في أوروبا.. و"كورونا" المتهم الأول
مأساة يعيشها الشباب العربي الذي قرر الهرب من الفقر والحروب إلى بداية جديدة يحلم بها في واحدة من أقوى الدول الأوروبية وهي ألمانيا، الشباب العربي وجد نفسه يعيش دون أوراق رسمية أو إقامة وفي خوف مستمر ومعاناة لا تنتهي لتأمين لقمة العيش في ظل تداعيات فيروس "كورونا" الاقتصادية التي طالت جميع بلدان العالم.
الطرق التركية الأكثر نشاطًا.. وأعداد المهاجرين انخفضت بسبب "كورونا"
من جانبها، أفادت وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" أن أعداد اللاجئين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا تتزايد بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، بخلاف ما كان عليه الحال في بدايات أزمة كورونا.
وكشفت تقارير إعلامية ألمانية نقلاً عن وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" أن عدد اللاجئين الذين يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي ارتفع بشكل حادّ بداية من مايو الماضي.
وأفادت تقارير إعلامية أن بداية من شهر مايو الماضي وصل عدد اللاجئين إلى 4300 حالة عبور حدودي غير قانوني على طرق الهجرة الرئيسية في أوروبا، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبلها بشهر واحد أي في إبريل الماضي، حيث شهد شهر إبريل انخفاضًا قياسيًّا في أعداد المهاجرين بسبب تفشي وباء "كورونا" وتفاقمه في الدول الأوروبية تحديدًا.
وكالة الحدود الأوروبية سجلت ما يقرب من 31 ألفًا و600 حالة عبور حدودي غير قانوني بداية من شهر يناير 2020 حتى شهر مايو من العام نفسه، أقل بنسبة ستة بالمائة عن نفس الفترة من العام الماضي.
وقالت الوكالة: إن الطريق عبر تركيا واليونان كان أكثر طرق الهجرة نشاطًا إلى أوروبا، وخلال الفترة من يناير إلى مايو، تم تسجيل 12 ألفًا و700 حالة، أي أقل بنسبة 28 بالمئة عن العام الماضي.
الهرب من "البطالة والفقر".. المغرب وليبيا وتونس الأكثر طردًا للشباب
لا تستقبل أوروبا فقط اللاجئين الهاربين من نيران الحروب في سوريا وليبيا بل كذلك الشباب الهاربون من شبح البطالة والفقر، واستقبلت أوروبا 3700 لاجئ في منطقة غرب البحر المتوسط تحركوا من المغرب إلى إسبانيا في الشهور الخمس الأولى من العام الجاري وهو أقل من نصف العدد الذي تم تسجيله في نفس الفترة من العام الماضي 2019.
وتم تسجيل أكثر من 6900 حالة عبور حدودي غير قانونية على طريق غرب البلقان، بزيادة قدرها 50 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وعلى الطريق عَبْر وسط البحر المتوسط، من ليبيا وتونس إلى إيطاليا ومالطا، سجلت وكالة الحدود الأوروبية 5500 حالة، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف العدد في نفس الفترة في عام 2019، وتأتي المغرب وليبيا وتونس على رأس الدول الطاردة للشباب عربيًا بسبب تفاقُم نسب البطالة وأملًا في البحث عن فرص جديدة للحياة.
المجهول يحاصرنا في ألمانيا.. والحصول على فرصة عمل شِبه مستحيل
يقول هاشم المحمدي، 34 عامًا، جزائري، في البداية ذهبت إلى تركيا بناء على نصائح المهربين في الجزائر الذين أكدوا لي أن الرحلة من تركيا إلى اليونان هي أكثر الطرق المستخدمة بالنسبة للاجئين وأكثرها سرعة وليس أمانًا.
وأضاف، كنت أخطط منذ اللحظات الأولى لرحلتي أن أذهب إلى ألمانيا بعد أن أكد لي عدد من الأصدقاء بالإضافة إلى التقارير الصحفية التي أقرؤها بانتظام أن الفرص في ألمانيا للاجئين أفضل بكثير من باقي الدول الأوروبية، موضحًا أن المعاناة الحقيقية عاشها بعد وصوله بسبب وضعه غير القانوني وأزمة كورونا التي غيرت جميع الحسابات وأربكتها تمامًا.
أكد المحمدي أنه لم يحاول الهجرة أملًا في نجاح سريع وسهل، بل جاء قراره بعد عدة سنوات من المحاولات في بلاده حيث طرق جميع الأبواب، قائلًا: "بعد انتهائي من تعليمي حلمت بالحصول على فرصة عمل مناسبة أجتهد فيها لأحصل على المزيد ولكن الواقع الاقتصادي والعملي في الجزائر كان على عكس جميع أحلامي وتوقعاتي.
وتابع، شعرت بتقدمي في السن ومرور سنوات من عمري دون أن أحقق فيها شيئا على الإطلاق والجميع يخبرني أن تلك السنوات التي تهدر هي أهم وأبرز سنوات إذا لم أحقق فيها شيئا فمن الصعب تعويضها لاحقًا لذلك قررت الهجرة.
وأضاف، محاولتان فاشلتان قمت بهما للوصول للجانب الآخر من البحر المتوسط عبر قوارب الهجرة السرية لأستمع في النهاية لنصائح المهربين بالذهاب إلى تركيا ومنها إلى اليونان ثم أي مكان أريده في أوروبا، حرس الحدود في اليونان أمسك بي بعد أن سلمني إليهم الأمن التركي أنا وزملائي لأقضي مدة طويلة في أحد السجون ثم يتم إلقائي في أحد مراكز إيواء اللاجئين في ألمانيا والذي قررت الهرب منه خوفًا من قيام السلطات بترحيلي.
وبدأت رحلة طويلة من البحث عن العمل الذي أصبح العثور على مجرد فرصة عمل أمرًا مستحيلاً، حيث لا يستطيع أحد توفيره لي خوفًا من عدم قانونية وجودي وعدم وجود أوراق تُثبت مَن أنا ومن سيئ إلى أسوأ تمر الأيام وأصبحت حاليًا أتمنى العودة إلى الجزائر ولكن لا أعرف لماذا أعود.. المجهول أصبح أمامي وخلفي بلا أمل في النجاة والحلول معدومة.
الأوضاع بائسة وأصحاب البلد والمهاجرون الشرعيون يعانون.. فما بالكم بنا
في السياق ذاته يقول سعد إبراهيم، 29 عامًا: وصل في بداية العام الحالي قبل تفشي وباء كورونا، ووعدني بعض الأصدقاء بتقديم المساعدة لي ولكن مع سوء الأحوال تهرب الجميع لأجد نفسي وحيدًا بلا أوراق أو موقف قانوني سليم، فأزمة "كورونا" وتداعياتها طالت ألمانًا ومهاجرين يحملون أوراق إقامة، فما بالك بنا نحن اللاجئين غير القانونيين.
وأضاف، اضطررت للقبول بأعمال غير إنسانية لمدد تتجاوز الـ 16 ساعة يوميًا في ظروف غاية في القسوة فمن يقبل بي في العمل يعلم جيدًا أنه لا بديل لدي ولا أستطيع الشكوى ولا يوجد قانون يحميني فيعطيني أقل الأجور على أصعب الأعمال ورغم ذلك لم يفلح الأمر في الشهور الأخيرة نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب تفشي وباء "كورونا".
وتابع، صاحب المسكن الذي كنت أعيش فيه حاول مساعدتي وعرض علي العمل في منزله مقابل الطعام والشراب ومبالغ رمزية بسبب صعوبة الأوضاع، وأفكر حاليًا بالهروب من ألمانيا إلى أي دولة أوروبية أخرى ورغم الشقاء وصعوبة الحياة إلا أن الإحباط يحاصرني بسبب إجماع كل مَن أسألهم عن أفضل الجهات التي يجب أن أبدأ فيها محاولاتي من جديد فيخبروني أن ألمانيا هي الأفضل أوروبيًّا، الأمر الذي يجعلني أتساءل إذا كان هذا الوضع البائس هو الأفضل فكيف بالوضع في الدول الأخرى.