المشهد الانتخابي الجزائري: الأحزاب الإسلامية بين الترشح والدعم والتحفظ
المشهد الانتخابي الجزائري: الأحزاب الإسلامية بين الترشح والدعم والتحفظ
تشهد الساحة السياسية في الجزائر حراكًا متزايدًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في 7 سبتمبر المقبل. يتباين موقف الأحزاب الإسلامية بين المشاركة بمرشحيها والدعم المتحفظ للمرشح الرئاسي الحالي عبدالمجيد تبون، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي والتحالفات الاستراتيجية المتغيرة.
*حركة "مجتمع السلم" واستراتيجياتها الانتخابية*
فاجأ عبد العالي حساني شريف، رئيس حركة "مجتمع السلم"، اليوم السبت، بعد اجتماع مجلس الشورى، بإعلانه خوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 7 سبتمبر المقبل.
جاء هذا القرار رغم الانتقادات من بعض قيادات الحركة، الذين يرون أن النتائج محسومة لصالح مرشح السلطة. حصل حساني شريف على تزكية من مجلس الشورى دون منافسة تذكر؛ مما يشير إلى أن القرار كان متوقعًا بشكل كبير.
حركة "مجتمع السلم"، التي يقودها حساني شريف منذ مارس 2023، تعد ثاني أكبر حزب في البرلمان من حيث عدد النواب، وتتمتع بدعم انتخابي قوي.
رغم أن حساني شريف قد لا يتمتع بنفس مكانة أسلافه، إلا أنه يستند إلى هياكل حزبية قوية ودعم كبير من القواعد الانتخابية.
*مشاركة الأحزاب الإسلامية تاريخيًا*
تعود آخر مشاركة لرئيس حركة "مجتمع السلم" في الانتخابات الرئاسية إلى عام 1995، حيث خاضها المؤسس الراحل محفوظ نحناح وحل ثانيًا بعد مرشح السلطة الجنرال اليمين زروال.
في انتخابات 1999 و2004 و2009، دعمت الحركة ترشح الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة ضمن التحالف الرئاسي الذي ضم "حمس" وجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
قررت الحركة مقاطعة الانتخابات في 2014 و2019، معللة ذلك بغياب شروط الانتخابات الحرة والنزيهة.
*مبررات الترشح وتحديات الانتخابات*
في كلمته خلال اختتام مجلس الشورى الوطني للحركة، أوضح حساني شريف، أن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون فرصة لمعالجة المظاهر السلبية واستعادة ثقة المواطنين في العملية الانتخابية.
وأكد على ضرورة أن تكون الانتخابات تعددية وشفافة لإثبات أن الجزائر تمثل استثناءً في العالم العربي من حيث الديمقراطية.
*حركة البناء الوطني ودعم تبون*
أعلنت حركة البناء الوطني، الفصيل الذي انشق عن حركة "حمس"، عن دعمها لترشح الرئيس تبون للانتخابات الرئاسية.
وقال رئيس الحركة، عبدالقادر بن قرينة: إن المشاورات داخل الحركة أفضت إلى دعم ترشيح تبون لعهدة ثانية.
رغم تحفظ تبون على التصريح بنيته الترشح لعهدة ثانية من عدمها، إلا أن الإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية قبل موعدها بثلاثة أشهر يضعه في دائرة الترشح بقوة.
*تحالفات واستراتيجيات سياسية جديدة*
اتفق قادة أربعة أحزاب سياسية رئيسية، بما في ذلك حركة البناء الوطني وجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل، على تشكيل ائتلاف سياسي جديد لتفعيل العمل المشترك استعدادًا للانتخابات الرئاسية.
وفي المقابل، فضل حزب إسلامي آخر ممثلا في الأمين العام لحركة النهضة الجزائرية، محمد ذويبي المشاركة في الاستحقاق الانتخابي.
والغالب أن الحزب سيذهب لتزكية الرئيس تبون، في وقت أكد ذويبي بأن صيغة المشاركة في هذه الانتخابات سيفصل فيها مجلس الشورى الوطني بعد سلسلة المشاورات التي ينظمها المكتب الوطني للحزب مع قواعد تشكيلته السياسية عبر الولايات.
*جبهة العدالة والتنمية وموقفها*
سجلت جبهة العدالة والتنمية، التي انشقت عن حركة "مجتمع السلم"، حضورها في الساحة السياسية بعد غياب طويل.
زعيم الحزب، الشيخ عبدالله جاب الله، الذي خاض تجربة الانتخابات الرئاسية سابقًا، أكد أن الانتخابات الحرة والنزيهة هي السبيل الأمثل لممارسة الشعب لسلطته.
يرى جاب الله أن الجزائر بحاجة ماسة لإنهاء التدهور السياسي الموروث من المرحلة السابقة، ويدعو إلى توفير ضمانات لبناء ديمقراطية حقيقية وترسيخ ثقافة المشاركة في إدارة الشأن العام.