شمال غزة يُذبح تحت الحصار.. تجويع وقصف بلا هوادة

شمال غزة يُذبح تحت الحصار.. تجويع وقصف بلا هوادة

شمال غزة يُذبح تحت الحصار.. تجويع وقصف بلا هوادة
حرب غزة

في ظل حصار خانق وقصف لا يتوقف، يعيش شمال غزة واحدة من أحلك لحظاته، حيث تعاني المستشفيات من نفاد الأدوية والمستلزمات الطبية، بينما يموت المدنيون جوعًا أو تحت الأنقاض، المستشفيات التي كان من المفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للجرحى أصبحت محاصرة، وسط قصف مستمر يطال مراكز الإيواء والمدارس التي لجأ إليها النازحون.

 

 هذا الحصار القاسي على شمال غزة يمثل جزءًا من سياسة إسرائيلية واضحة تستهدف تجويع وإجبار السكان على النزوح، فيما عاجزت  الأمم المتحدة عن تقديم المساعدات بسبب منع الاحتلال دخول الإمدادات الإنسانية، ومع استمرار العمليات العسكرية، تتعالى الأصوات المطالبة بوقف العدوان، لكن حتى الآن، يبدو أن الكارثة الإنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، تاركة مئات الآلاف من المدنيين في مواجهة مصير مجهول.

 

*انهيار النظام الصحي*

 

تعيش مستشفيات شمال غزة أوضاعًا كارثية مع تصاعد القصف الإسرائيلي على القطاع، مستشفى كمال عدوان، أحد المراكز الطبية الرئيسية في المنطقة، يعاني من نقص شديد في وحدات الدم والمستلزمات الطبية، فيما تكافح طواقمه المحدودة لإنقاذ حياة المصابين.

 

مدير المستشفى أطلق نداءً عاجلًا للمؤسسات الدولية للتدخل والضغط على الاحتلال من أجل السماح بإدخال الإمدادات الطبية، وفقًا لـ"رويترز".

 

وفي المستشفى المعمداني بمدينة غزة، الأوضاع ليست أفضل؛ إذ يكاد ينفد الوقود اللازم لتشغيل المعدات الطبية، ما يهدد بخروجه عن الخدمة في أي لحظة، بينما تتزايد أعداد المصابين بفعل القصف المستمر.

 

من جانب آخر، يعيش المستشفى الإندونيسي وضعًا حرجًا بعد تعرضه لانقطاع الكهرباء نتيجة اقتحام القوات الإسرائيلية لمدرسة مجاورة أشعلوا فيها النيران، ما أدى إلى امتداد الحريق إلى مولدات المستشفى.

 

 الطواقم الطبية تعيش في ظروف قاسية؛ حيث أفادت الممرضة هديل عبيد أن الإمدادات الطبية أوشكت على النفاد تمامًا، مع نقص حاد في المياه والطعام. 

 

هذا الحصار المفروض على المستشفيات في شمال غزة يعكس الواقع الإنساني الكارثي الذي تعيشه المنطقة، حيث لا يمكن لأحد الدخول أو الخروج من هذه المستشفيات، في حين تزداد الضغوط على الطواقم الطبية مع كل يوم يمر دون مساعدات.

*سياسة التجويع والقصف تستهدف المدنيين*

 

بينما تستمر الهجمات الإسرائيلية، تتفاقم معاناة المدنيين في شمال غزة، الدفاع المدني في القطاع يتهم إسرائيل بممارسة سياسة التجويع المنهجي، حيث يمنع الاحتلال دخول المواد الغذائية والمساعدات الطبية، في محاولة لإفراغ المنطقة من سكانها.

 

محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني، أشار في حديثه لـ" سي إن إن"، إلى أن بعض العائلات لم تتناول الطعام منذ خمسة أيام، في حين يستمر القصف العنيف على المناطق السكنية ومراكز الإيواء.

 

تلك المراكز، التي كان من المفترض أن تكون ملاذًا آمنًا، أصبحت هدفًا مباشرًا للقصف الإسرائيلي، حيث تُقصف المدارس التي لجأ إليها النازحون، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من الأطفال.

 

*الأمم المتحدة تدين*

 

الأمم المتحدة من جانبها، عبرت عن قلقها العميق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في شمال غزة، عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وصف الوضع في مخيم جباليا بالجحيم غير المسبوق.

 

الأونروا أكدت، أن ما يزيد عن 100 ألف فلسطيني في تلك المنطقة يعيشون بلا طعام أو ماء، وسط استهداف ممنهج لمراكز الإيواء والمرافق التي تديرها الوكالة.

 

المسؤولون الأمميون أكدوا، أن إسرائيل تمنع وصول فرق الإنقاذ والإمدادات الطبية، ما يزيد من أعداد الضحايا الذين يُتركون في الشوارع دون أي تدخل طبي.

*مأساة جباليا تتواصل*

 

في جباليا، المعاناة الإنسانية تأخذ منحى أكثر حدة مع استمرار القصف الإسرائيلي العنيف، المسعفة نفين الدواوسة، التي شهدت على قصف مركز إيواء تابع للأونروا، أكدت أن الجيش الإسرائيلي لم يمهل المدنيين وقتًا كافيًا لمغادرة المكان، ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين، معظمهم من الأطفال.

 

هذا الهجوم يأتي في سياق أوسع من العمليات العسكرية التي تستهدف بشكل مباشر مراكز الإيواء والمرافق المدنية، وسط استمرار النزوح الجماعي من شمال القطاع إلى مدينة غزة، حيث يتكدس السكان في ظروف غير إنسانية.

 

*استخدام المساعدات كسلاح*

 

من جهته، المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، اعتبر أن رفض إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة يمثل "ضياعًا تامًا للبوصلة الأخلاقية".

 

لازاريني أكد أن استمرار تأخير وصول المساعدات يعني المزيد من الموت والجوع للمدنيين، مشددًا على ضرورة السماح الفوري للأمم المتحدة بإدخال الإمدادات الطبية والغذائية إلى المنطقة.

 

كما دعا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لإنقاذ حياة المدنيين في شمال غزة، محذرًا من أن كل دقيقة تأخير تُكلف أرواحًا إضافية.

 

*محاولات التهجير والنزوح*

 

من جانبهم، يرى مراقبون أن مع استمرار الهجمات، تتزايد محاولات تهجير السكان من شمال غزة إلى مدينة غزة، حيث يسعى الجيش الإسرائيلي إلى إخلاء المنطقة من سكانها بشكل قسري.

 

وأوضحوا أن قوات الاحتلال تمارس قصفًا مكثفًا على مراكز الإيواء والتجمعات المدنية، في محاولة لإجبار الفلسطينيين على النزوح، فيما يؤكد الفلسطينيون أن الهدف الحقيقي لهذه العمليات هو السيطرة على المنطقة وتهجير سكانها بشكل دائم، في المقابل، يواجه المدنيون مخاطر القصف المتواصل والموت من الجوع، في ظل حصار خانق يمنع دخول أي مساعدات.