كيف تفاقمت الاعتقالات التعسفية في تونس برعاية المشيشي والإخوان؟
تتفاقم ظاهرة الاعتقالات التعسفية في تونس بحق المعارضين برعاية الغنوشي
سلط تقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، الضوء على الاعتقالات التي طالت مئات من الشباب في تونس خلال تحركاتهم في الشارع الأشهر الأخيرة، حيث تدعو العديد من منظمات حقوق الإنسان، الحكومة التونسية إلى اتخاذ موقف تجاه هذه الاعتقالات التي تعتبر تعسفية.
تهم وهمية
وركز التقرير الفرنسي على بعض الحالات البارزة، مثل تلك الحالة التي أثارت الرأي العام في الشارع التونسي، رانيا العمدوني الناشطة في مجال الحريات الجنسية، 26 عاما، التي حُكم عليها في 4 مارس بالسجن ستة أشهر بتهمة "إهانة موظف عمومي" لتوجيهها الشتائم في مركز للشرطة حيث كانت تحاول تقديم شكوى.
وأشار التقرير الفرنسي إلى أن هذه الشابة "كانت هدفا لحملة تشهير عبر الإنترنت يغذيها أشخاص ينتحلون صفة ضباط شرطة، وتمت مشاركة صورتها عدة مرات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب تفاصيل شخصية أخرى مثل عنوانها".
وبينما كان من المقرر عقد محاكمتها الاستئنافية في 17 مارس في تونس العاصمة، تظاهر عدة مئات في 6 مارس، في العاصمة للمطالبة بالإفراج عنها.
قوانين تؤجج التوترات الاجتماعية
وأضاف التقرير: "على الرغم من إصلاحات النظام الأمني منذ ثورة 2011 إلا أنه لا يزال يتعرض لانتقادات شديدة وبالتالي فإن اللجوء إلى مواد من قانون العقوبات مثل تلك المتعلقة بإهانة موظف عمومي أو الإخلال بالنظام العام والأخلاق الحميدة يظل متكررا، وقد كانت هذه الصعوبة في تغيير طريقة إدارة التوترات الاجتماعية واضحة بشكل خاص خلال مظاهرات يناير الماضي".
ونزل آلاف الشباب في تونس من أحياء الطبقة العاملة إلى الشوارع؛ للتعبير عن سأمهم من البطالة وتدهور مستوى معيشتهم، وأعقبت هذه الاحتجاجات العفوية مسيرات دعم نظمتها أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني رفعت شعارات مناهضة للحكومة كل أسبوع ولمدة شهر تقريبًا.
اعتقال القصر
وتم اعتقال ما يقرب من ألفي شخص منذ هذه الأحداث، وهي تقديرات تختلف عن تقديرات السلطات، وبحسب الأرقام التي نقلتها المديرية العامة للسجون للموقع الإخباري الاستقصائي التونسي "إنكيفادا" فقد تم اعتقال 968 شخصًا بينهم 141 قاصرًا بين 14 يناير و17 فبراير، بحسب جمعيات تدافع عن حقوق الإنسان في تونس.
ومنذ ذلك الحين تم الإفراج عن 617 بعد محاكمات لنحو 40 منهم، ومن جهتها لم تنشر وزارة الداخلية أي بيانات جديدة منذ الاحتجاجات الأولى، وتحدثت عن ما يقرب من 630 حالة اعتقال.
وبحسب استطلاعات أجرتها المنظمة غير الحكومية لمدة سبع سنوات، وفي واحد من أحدثها جرى العام 2019، قال 17% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عامًا في حي للطبقة العاملة في تونس الكبرى: إنهم تعرضوا بالفعل للاعتقال أو السجن مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
تشديد أمني
ويأتي هذا التشديد الأمني في سياق سياسي متوتر: رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الداخلية المؤقت في صراع مفتوح مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، وبحسب خنساء بن ترجم، الباحثة في جامعة لوزان بسويسرا، المتخصصة في الأجهزة الأمنية في تونس، فإن المشيشي لا تدعمه سوى حفنة من الأحزاب في البرلمان، لذلك يجب أن يضمن ولاء قوات الأمن.
ويؤكد التقرير، أن ظهور النقابات الأمنية في تونس، التي لم تكن موجودة قبل الثورة، أدى إلى تعقيد الوضع وتعزيز الإفلات من العقاب، اليوم تحت شعار "الأمن الجمهوري" تريد النقابات أن تحرر نفسها من وصاية وزارة الداخلية، وتشكل نفسها تقريبًا كقوة سياسية مستقلة.