لحظة استشعار معنى الحياة
في هذا البلد حيث نوجد الآن ، شرقا أو غربا ، شمالا أو جنوبا , تحت كل الظروف وكل المسميات ، تحت كل الأديان و المعتقدات ... في هذا البلد ، حيث كل شيء يبدو مبعثرا بشكل مخيف ، السؤال المطروح هل يجب أن نعاني لنكون سعداء؟ هل يجب أن نكون قد تحملنا السقوط والأعاصير الفكرية وليالي السهد المتوالية ، وتحملنا الانجراف على حافة الذاكرة مرارا وتكرارا؟ هل يجب أن نكون قد تحملنا الشتاء وعواصفه الرعدية ، ليؤذن للصيف بأن يحل ؟ الصيف هذا الفضاء السلسال الذي نترنم فيه للسهرات ، للنزهات والتجمعات العائلية ..
هل يجب أن نكون قد تحملنا العواصف الثلجية وأمطار القلوب؟ هل يجب أن نبكي لكي نضحك؟ هل بعد الشتاء سيأتي الزمن الجميل؟ هل توجد براءة في لحظات السعادة أم أنه علينا الحذر من الأوقات اللطيفة؟
هل وجب علينا الاهتمام بالظاهر أم بعمق الأشياء؟ وهل وجب علينا أن نعاني لكي نكون سعداء؟ أن نتجاوز هذه الأمور كحلم جميل ... كشفق الصبح المزهر الذي يداعب نظراتنا العذراء... كالرياح المسافرة دائما ... هذه الرياح التي تشبهنا... فهل لنا أن نمر مثلها، هل لنا ألا نغرس الأوتاد، وألا نكون كالخيول التي تعز مرقدها بل كالنوارس المهاجرة. هل لنا يا ترى أن نكون الليل أم النهار؟ هل يمكننا الاختيار... أن نكون الاثنين معا؟ هل نحن من نقرر لأنفسنا... أم الآخرون؟ أم أنها نظرتهم لنا هي التي تقرر مكاننا؟
هذا الصباح عندما نستيقظ... نتعلق بالنافذة المفتوحة على مصراعيها ... نتعلق بما يحدث من حولنا. أشعة الشمس تداعب وجهنا الغائب عن النافذة منذ زمن كحبل معقود... قطرات من المطر لا مثيل لها نستشعر تسللها للجسد العاري ... تحيي الخلايا الميتة فينا بعناية.
جمال الأشياء التي تمضي وقوة الأشياء التي تبقى ... هذا التناقض الشهي الذي يصنعنا ، يدب على عقولنا كالحلزون كل صباح وحينما يمسي كل مساء... الحياة هي اللحظة الراهنة .. دون مقدمات أو تفلسف ... علينا أن نتعلم كيف نعيشها بكل حيثياتها .. فلولا حزن الشتاء لما استشعرنا تهلل الربيع وبهجة صيف أيامنا... ولولا الألم لما تغيرنا و غيرنا من أنفسنا ... ولولا الفشل لما تذوقنا طعم النجاح... ولا ننسى فلول فطام القز لما تمكن من نسج فيالج بهية .