الاحتجاجات تضرب تونس رفضًا للاحتلال التركي لـ"ليبيا"
تشتعل الأجواء في تونس تدريجيًّا لعدة أسباب خلال الفترة الماضية وتنذر بتفاقم الاحتجاجات بشكل سريع، أبرز أسباب الاحتجاجات هي سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعاني معظم الشعب التونسي بسببها، فمنذ تفشي وباء كورونا في تونس واتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية لمحاولة حصار الفيروس كان لها مردود سلبي على الاقتصاد المتدهور بالفعل من قبل الأزمة، فتسبب في زيادة الأزمة واتساع رقعة الفقر وزيادة نسب البطالة بشكل كبير، أما الوجه الآخر للاحتجاجات فهو خوف الشعب التونسي من تسبب جماعة الإخوان في توريط الدولة في حرب ضد ليبيا، أو استخدام الأراضي التونسية لتكون نقطة انطلاق يتحرك من خلالها أردوغان لضرب الدولة الشقيقة.
الاقتصاد التونسي معرض للانهيار بشكل كامل.. والشعب لن يحتمل تخفيض الأجور
في جنوب تونس وتحديدًا بمدينة صفاقس، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل لوقفة احتجاجية تجمع على إثرها آلاف العمال تنديدًا بتوقيف نقابيين على خلفية اعتدائهم على نائب برلماني وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
ونفذ اتحاد الشغل بصفاقس في يونيو الجاري، سلسلة من الإضرابات والتحركات؛ احتجاجًا على توقيف نقابيين في 6 أبريل، على خلفية شكوى تقدم بها النائب عن ائتلاف الكرامة (19 نائبًا من 217) محمد العفاس بعد الاعتداء عليه بالضرب والشتم، أثناء أداء مهامه خلال مارس الماضي.
وفي سياق متصل بالأوضاع الاقتصادية قال مصدر رفيع في الاتحاد العام التونسي للشغل: إن الاتحاد يرفض التصريحات الحكومية حول ضرورة وجود تخفيض في الأجور والتدخل السافر لصندوق النقد الدولي وإملاءاته الهادفة إلى ضرب السيادة الوطنية، موضحًا أن الشعب التونسي لن يحتمل أي تخفيض في الأجور وأن الأزمة قد تتحول لمجاعة قاسية، محذرًا من استعداد الشعب التونسي للتواجد في الساحات للتظاهر في الوقت المناسب.
وكانت الحكومة التونسية قد حذرت بشكل رسمي من احتمالية انهيار الاقتصاد التونسي بالكامل بعد أن تحول النمو إلى الانكماش بنسبة 6% خلال العام الجاري، مشددًا على ضرورة وضع خطط لإنقاذ الاقتصاد وإعادة بنائه بشكل سريع وإيجاد حلول بشكل فوري حتى لا تعلن الدولة إفلاسها.
وأوضح رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، أن جائحة كورونا وتبعاتها الاقتصادية تهدد السوق المحلية بفقدان 130 ألف موطن شغل، سيضافون إلى 650 ألف عاطل عن العمل، بشكل يهدد بانهيارات اقتصادية غير مسبوقة ولم تحدث في تاريخ تونس.
التونسيون ينتفضون ضد الإخوان وتدخلهم في شؤون دول الجوار
ورغم الأزمات الداخلية إلا أن تونس تشهد حالة من الغضب بسبب إصرار جماعة الإخوان على توريط تونس في الحرب الدائرة في ليبيا، حيث أعاد رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي الإشادة بسيطرة ميليشيات طرابلس على قاعدة الوطية، في إصرار منه على عدم الحياد الذي قالت تونس إنها تنتهجه حيال الأزمة الليبية، وتجاوزًا لمنصبي رئيس الجمهورية ووزير الخارجية.
لتنطلق العديد من الدعوات في تونس لضرورة التظاهر ضد إصرار الإخوان على إقحام تونس في شؤون دول الجوار لتقديم فروض الولاء والطاعة لقائدهم في تركيا الرئيس رجب طيب أردوغان، مشددين على ضرورة عزل الغنوشي من منصبه كرئيس للبرلمان ووقف تنظيم الإخوان عند حده لإصراره على الإساءة للدولة التونسية.
وقال الغنوشي، في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول التركية، إن الحياد السلبي في ليبيا لا معنى له، فنحن ندعو إلى الحياد الإيجابي القائم على قاعدة الدفع إلى حل سياسي وسلمي.
لتتعالى الأصوات في تونس على الفور وتطالب بعزل الغنوشي من منصبه في رئاسة البرلمان وسحب الثقة منه، بعد محاولاته الزج بتونس في وضع لم تعهده من قبل بانحيازها لطرف ما على حساب الأمن الداخلي لدول الجوار كما هو الحال في ليبيا المجاورة.
وأصبح الفرز السياسي واضحًا في تونس، خاصة بعد الأحداث في الجارة ليبيا وتطوراتها، واتصالات رئيس الحركة راشد الغنوشي المتكررة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتهنئته لحكومة فائز السراج وميليشياتها، بالسيطرة على أجزاء من التراب الليبي، أصبح عنصر استفزاز لكل القوى السياسية الكبرى في البلاد.
من جانبه، أدان الاتحاد العام التونسي للشغل، التدخلات الأجنبية في ليبيا، معتبرًا أنها "احتلال بغيض"، داعيًا رئاسة الجمهورية التونسية لجعل البلد "منطلقًا لحوار ليبي لا قاعدة عسكرية لأي جهة".
وقال الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان: إنه "يدين التدخلات الأجنبية في ليبيا ويعتبرها احتلالًا بغيضًا، مهما كانت الرايات المرفوعة فيها".
كما أكد أن الحل "لا يمكن أن يكون إلا ليبيًّا وبالطريق السلمي بعيدًا عن المجاميع الإرهابية".
وأضاف: "ندعو رئاسة الجمهورية إلى العمل على أن تكون تونس منطلقًا لهذا الحوار السلمي لا قاعدة عسكرية لأي جهة كانت تهدف إلى تغذية الاقتتال بين الأشقاء الليبيين ونهب ثرواتهم، مضيفًا: يجب أن نعبر عن مخاوفنا من تفاقم الوضع في ليبيا، خاصة في ظل تواجد القوات الأجنبية المحتلة وفلول الإرهاب الذي يتجمع قريبًا من حدودنا.