الحليف المتلون..قطر تطعن تركيا وتبحث عن مصالحها
مع استمرار غزواته العسكرية في عدد من بقاع العالم لم يحقق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان النصر المنتظر بعد، وبدلا من تحقيق طموحاته العثمانية ووضع تركيا في مكانة عظمى غرق في العزلة الدولية التي قادته لفلك العقوبات والأزمات الاقتصادية، ولم يعد هناك حليف حقيقي له سوى قطر التي لها مصالح مع دول شرق البحر الأبيض المتوسط ولن تنقذه بالشكل الذي يرغب فيه.
قطر ليس الحليف الأمثل
يبدو أن الشريك الحقيقي الوحيد لتركيا هو قطر، ففي محاولة يائسة لإخراج نفسها من ركودها الاقتصادي، تبيع تركيا أجزاء كبيرة من محفظتها الاقتصادية إلى هيئة الاستثمار القطرية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
وشملت الصفقات بين البلدين بيع 10 في المائة من البورصة التركية إلى قطر بالإضافة إلى الاستثمار في مشروع كبير لميناء إسطنبول، وحصة كبيرة في Istinye Park، أبرز مراكز التسوق في تركيا.
لكن تركيا لا تستطيع الاعتماد على قطر بشكل كلي، فشركة قطر للبترول المملوكة للدولة هي جزء من كونسورتيوم مع شركة ExxonMobile التي تقوم بمسح الغاز الطبيعي قبالة قبرص لصالح الجزيرة وتسعى أيضًا إلى الاستثمار في مصفاة الغاز المصرية.
بعبارة أخرى، حتى قطر قد لا تكون الحليف الأمثل لأردوغان فهي الأخرى نبحث عن مصالحها التي يصفها المراقبون بأنها تتبع معايير مزدوجة في سياساتها الخارجية.
تعكس عدائية أردوغان محاولاته لأن تصبح تركيا قوى عظمى، ولكن التفكير كقوة عظمى يختلف عن أن تتبع نهج حكم الرجل الأوحد.
وتعرف القوى العظمى متى وكيف تستخدم القوة العسكرية والقوة الناعمة والدبلوماسية، ولكن أردوغان ودائرته الداخلية لا يفعلون ذلك، وقد أدى سوء التقدير المستمر بتركيا إلى العزلة الدولية وليس إلى وضع عالمي متميز.
عقوبات وعزلة دولية
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا، كما أن أوروبا تفقد صبرها مع أردوغان وأصبحت العلاقات مع روسيا وإيران ليس على ما يرام فلا يوجد أمام أردوغان الآن سوى الاعتماد على قطر رغم ازدواجية سياساتها.
ففي الأسبوع الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على تركيا، بسبب شراء الأخيرة نظام الدفاع الصاروخي الروسي S400، وفي غضون ذلك، ضرب الاتحاد الأوروبي أنقرة بعقوبات معتدلة من جانبه، وهي خطوة تشبه تحذيرًا كتابيًا نهائيًا قبل اتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة في شهر مارس المقبل.
ويأتي تراجع مكانة تركيا الدولية رغم قدرة أنقرة على التباهي بالاعتداءات العسكرية الأخيرة التي كان يخطط أردوغان أن تدفع مكانة البلاد إلى الأعلى.
بدأت أوروبا تفقد صبرها مع تركيا، وسئم القادة الأوروبيون من محاولات أنقرة الاعتداء على قبرص واليونان والاستيلاء على غاز شرق البحر الأبيض المتوسط ، كما أن القادة الأوروبيين غاضبون أيضًا من قيام أنقرة بالتهديد بفتح بوابات أوروبا أمام أربعة ملايين لاجئ.