تناقُضات قطر.. بين التطبيع مع إسرائيل والمخاوف من الاتفاق الثلاثي
تشتعل الأوضاع في قطر إثر الإنجاز الإماراتي الضخم لصالح القضية الفلسطينية، بالاتفاق مع إسرائيل وأميركا للتوصل إلى حلّ جادّ، حيث تخشى من تقليص دورها أمام الولايات المتحدة والتأثير السلبي على الدوحة منه، ما جعلها تظهر تناقضاتها وتخبُّطها من جديد.
تحركات متخبِّطة
على مدار الساعات القليلة الماضية، تفاقم الحقد والغضب القطري من الإنجاز الإماراتي وتعاظم دور أبو ظبي بالمنطقة، حيث كشفت مصادر لموقع "العرب مباشر"، أن الدوحة لجأت إلى تركيا لاستغلال علاقتها القوية مع إسرائيل لأجل إحباط الاتفاق الثلاثي، وتشويه صورة أبو ظبي.
وأضافت المصادر أن قطر تخطط لسحب سفيرها في فلسطين "محمد العمادي"، كمحاولة للاعتراض على الاتفاق بأي شكل، متناسية تناقضاتها وتطبيعها البالغ مع إسرائيل وحركة حماس.
كما أشارت إلى أنه فور الإعلان عن الاتفاق، كان له رد فعل سلبي للغاية في القصر الأميري بالدوحة، حيث ولد مخاوف وقلقًا قطريًّا ضخمًا، كونه يضر بمخططها لاستغلال القضية الفلسطينية وتقديم المساعدات لحركة حماس، وتسهيل مهامها الفاسدة مع حليفتها الإمارات بالبلاد المحتلة.
وتابعت أن أمير قطر "تميم بن حمد" أيضًا يقلق بشدة من أن ذلك الاتفاق من شأنه توطيد العلاقات بين الإمارات وأميركا، ما يعني فشل مخططاته بالولايات المتحدة وتبديد ملياراته التي دفعها من أجل تحسين صورته بواشنطن والتقرب من الإدارة الأميركية، فضلاً عن تعاظم الدور الإماراتي بالشرق الأوسط.
تفاصيل الاتفاق الثلاثي
كان الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان"، ولي عهد أبوظبي، القائد العامّ للقوات المسلحة الإماراتية، أكد أنه اتفق مع ترامب ونتنياهو على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
وكتب الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان"، في تدوينة عبر حسابه بموقع "تويتر"، أنه: "في اتصالي الهاتفي اليوم مع الرئيس الأميركي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تم الاتفاق على إيقاف ضمّ إسرائيل للأراضي الفلسطينية، كما اتفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولًا إلى علاقات ثنائية".
ووفقًا لبيان ثلاثي مشترك، فإن من شأن هذا الإنجاز الدبلوماسي التاريخي أن يعزز من السلام في منطقة الشرق الأوسط، وهو شهادة على الدبلوماسية الجريئة والرؤية التي تحلى بها القادة الثلاثة، وعلى شجاعة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل لرسم مسار جديد يفتح المجال أمام إمكانيات كبيرة في المنطقة.
وتواجه الدول الثلاث العديد من التحديات المشتركة في الوقت الراهن، وستستفيد بشكل متبادل من الإنجاز التاريخي الذي تحقق اليوم، وسوف تجتمع وفود من دولة الإمارات وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة وغيرها من المجالات ذات الفائدة المشتركة.
التطبيع القطري الإسرائيلي
تجمع قطر علاقات قوية مع إسرائيل، حيث باتت أشبه بمقر لها، حيث إنه قبل حوالي عام زار وفد طبي إسرائيلي العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في المؤتمر الدولي لجراحة الأطفال، حيث نشرت "إسرائيل بالعربية"، في تغريدة على صفحتها أن الوفد ضم 9 أطباء إسرائيليين وترأسه الدكتور "ران شتاينبرغ"، رئيس قسم جراحة الأطفال في مستشفى "رمبام" في حيفا.
كما زارت وفود سياسية واقتصادية ورياضية قطر بصورة مستمرة منذ بداية المقاطعة العربية، فضلاً عن عزف النشيد الوطني لدولة الاحتلال لأول مرة في بلد عربي، حيث إنه في شهر سبتمبر 2019، شارك وفد رياضي إسرائيلي في بطولة العالم لألعاب القوى، وسط تنديد عربي وشعبي ضخم، بينما وجهت قطر دعوة إلى الجماهير الإسرائيلية للحضور إلى الدوحة، رغم عدم منافسة منتخب إسرائيل لكرة القدم، لمشاهدة البطولة، من أجل إخفاء غياب الجماهير المحتمل مجددًا.
وفي ظل العلاقات العلنية القوية بين قطر وإسرائيل، وقبول الدولة العربية لسياسة التطبيع، التي تعد محط تنديد ورفض عربي شديد، وبعد الفضائح المتكررة من احتضان الوفود الرياضية والاقتصادية والدبلوماسية ورجال الأعمال، واستضافة الشخصيات البارزة كالمتحدث العسكري الإسرائيلي واحتضان جماهير إسرائيلية، اتجه تنظيم الحمدين لمعاقبة مواطنيه من أجل عيون تل أبيب أيضًا.
وسبق أن استضافت قطر وفدًا إسرائيليًّا جديدًا للمشاركة في مؤتمر "إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط" بدورته الثالثة عشرة على أراضيها، حيث تنظمه وزارة الخارجية القطرية، وهو ما جدد الجدل مرة أخرى ولكن على نطاق واسع بالدوحة، بمشاركة عدد من المسؤولين الإسرائيليين الذين يتولون مناصب مهمة.
وفي ظل العلاقات المتنامية بين قطر وإسرائيل وسياسة التطبيع بينهما، كشفت مجلة "إسرائيل ديفنس"، التابعة لجيش الاحتلال، أن الدوحة تعاقدت مؤخرًا مع شركة "إلبيت"، وهي إحدى شركات تصنيع السلاح والمعدات الإسرائيلية لشراء خوذ الطيارين في سلاح الجو القطري، لإنتاج معدات من أجل مدها بمئات الخوذ المتطورة والتي سيستخدمها الطيارون في قطر، وخاصة طياري مقاتلات "الرافال" التي تعاقدت عليها قطر مع فرنسا، مشيرة إلى أنها استوردت من الجيش الإسرائيلي قطع غيار دبابات وعربات مصفحة وناقلات جند وغيرها من المعدات بقيمة تخطت 300 مليار دولار خلال 5 سنوات.