"عفرين" بعد 3 أعوام من الاحتلال التركي ..قصص يرويها أهالي المدينة المنكوبة

صورة أرشيفية

ثلاثة أعوام من سيطرة الاحتلال التركي عاشتها مدينة "عفرين" بمحافظة حلب السورية حتى الآن، أعوام شاهد فيها أهالي عفرين أسوأ ما في الاحتلال الأجنبي من صفات، فسلبت ممتلكاتهم ودمرت منازلهم وهجر معظمهم من قبل الميليشيات التابعة للجيش التركي، على مدار ثلاث سنوات لم تتوقف عمليات السلب والنهب حتى الآن وسط تجاهل من المجتمع الدولي، فالانفلات الأمني أصبح أمرًا واقعًا يتعايش معه أهل عفرين أما أخطر المخططات فهو محاولات الجيش التركي إجراء تغيير ديموغرافي وإعادة صياغة للمنطقة بشكل يتماشى مع مخططات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المرصد السوري تحدث في تقرير مطول عن الأوضاع الأمنية المتردية والانتهاكات المتكررة التي ارتكبتها الفصائل الموالية لأردوغان وسط حماية ومباركة من قوات الجيش التركي، حيث أوضح أن ميليشيات أردوغان لم تترك انتهاكًا بحق المدنيين من أبناء عفرين إلا وارتكبته".
 
تغيير ديموغرافي.. بأوامر سيادية تركية


جميع الجرائم في عفرين تدور في فلك أهداف محددة تم التأكيد عليها من قِبل جهات سيادية تركية، بهدف تغيير ديموغرافي للمنطقة، القوات التركية نزعت ملكية أهالي عفرين لأراضيهم وعقاراتهم السكنية وبدأت في عمليات تهجير في الداخل السوري لتحقيق أهداف خاصة.


من جانبه، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان تعداد المهجرين من مناطقهم نحو الشمال السوري بـ120 ألف مهجر من الغوطة الشرقية وجنوب دمشق وريف دمشق الجنوبي والقلمون الشرقي وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، وبحسب المصادر الموثوقة، جرى توطين عشرات الآلاف من المهجرين الجدد في منازل المدنيين والمزارع المملوكة للمواطنين الكرد الذين فروا من الانتهاكات التركية وانتهاكات الفصائل الموالية لها.


ويشير المرصد إلى أنه في الـ23 من يوليو الماضي، فرضت عدة فصائل مدعومة من تركيا في عفرين، إتاوات جديدة على المواطنين الكرد، وأجبر فصيل "العشمات" أهالي قرية "درمشكانلي" على إطعام المقاتلين المتواجدين هناك بشكل دوري، بحجة "حمايتهم وحماية محاصيلهم الزراعية"، فيما صادر الفصيل ذاته محصول السماق الخاص بأهالي قرية "كاخرة" بناحية "معبطلي"، من أجل بيعه لتجار مقربين منهم وفرض إتاوات كـ"عمولة" لهم.
 

عفرين واجهة حقيقة  لـ«أمنيات أردوغان» للوطن العربي بالكامل


من جانبه، يقول "يعرب خير بك" خبير سياسي سوري وكاتب صحفي، تمر الذكرى الثالثة على احتلال نظام أردوغان لمدينة عفرين السورية وأغلب أهلها بين مشتت بين المخيمات والمحافظات الأخرى، وذلك وسط صمتٍ إقليمي ودولي على جرائم تركيا التي هدمت في عفرين البيوت واغتصبتها وسرقت حتى الماشية، وقامت بتوزيع البيوت والأراضي على مرتزقتها من مسلحي النصرة وغيرهم في محاولة تركية لتغيير ديموغرافيا المنطقة بتهجير أهلها الأصليين الذين استقبلوا آلاف اللاجئين من مناطق أخرى.


وتابع يعرب، الاحتلال التركي لم يكتفِ بالتهجير وسرقة الأراضي وجلب سكان جدد بل قام بتغيير أسماء أحياء وإدخال اللغة التركية لها وهذا كله بعد تدمير أحد أقدم المواقع الأثرية في سوريا ضمن منطقة عفرين التي قدمت سوريا فيها عدة مذكرات احتجاج لمجلس الأمن دون جدوى، مضيفًا بالتحديد في منطقة شيح الحديد الأثرية التي تم نهب آثارها من قبل ما يسمى تنظيم العمشات الموالي لتركيا.


ووصف يعرب، القتل والتهجير والتغيير الديمغرافي وسرقة التاريخ بمحاولة «تتريك» المنطقة، موضحًا أن تلك المحاولات تظهر بشكل واضح في التوغل التركي باحتلال ومحو ذاكرة المنطقة التي تستمر معانات مئات الآلاف من أهاليها المهجرين بانتظار انتهاء مسلسل شتاتهم، مضيفاً، الآن نرى في عفرين مثالا حيًا لحقيقة أمنيات نظام أردوغان للعالم العربي ككل وحقيقة أطماع العثمانية الأردوغانية بوجهها الحقيقي.
 
أهالي عفرين.. نحلم بالحياة في مدينة بلا ميليشيات مسلحة


إسماعيل سعفان، 54 عامًا، منذ سيطرة الميليشيات التابعة لتركيا على مدينتنا والأمور تزداد سوءاً، فقدنا الأمل في تحسن الحال خاصة مع التجاهل الدولي التام لمعاناتنا، تلقينا العديد من الوعود والآن أدركنا أنها كانت مجرد تحسين لصورتهم، نعيش فاقدين الأمان ولا توجد أسرة واحدة ملتئمة الشمل، فجميعنا مشتتون .


وتابع سعفان، "غصن الزيتون" كان أسوأ حدث مر على عفرين في تاريخها، فشتت شمل أهلها منذ 3 سنوات ولم يعودوا حتى الآن ولا نعرف إذا ما كان الأمر سيعود كما كان يومًا فهناك أسر فضلت البقاء في المخيمات قرب مدينة حلب، وهناك من لجأ إلى إقليم كردستان بالعراق بلا أمل أو نية في العودة.


لا نحلم بالكثير، فنحن نريد الحرية والأمان فقط، أريد أن أزور أهلي دون أن تستوقفني ميليشيات مسلحة لتسرق مالي أو تعتدي علي وعلى أسرتي، أريد أن أزرع طوال العام لأجني ثمرة جهدي وتعبي دون أن أدفع أكثر من ثلاثة أرباعها كإتاوة لأحمي نفسي وأسرتي من العصابات.

 
رغم انعدام الخدمات.. لا نسأل عنها فقط نريد الأمان
في السياق ذاته، يقول أكرم إبراهيم، 38 عامًا، منذ 3 سنوات ننتظر التغيير الموعود وهو ما لم يحدث بالعكس تمامًا الوضع من سيئ لأسوأ، لا يوجد مواطن واحد في عفرين يأمن على نفسه، وجود ميليشيات مسلحة في البلاد وانفلات الأمن جعل من حق كل مواطن أن يحمل السلاح، ونتيجة لانتشار السلاح أصبح من يريد شيئا يحصل عليه فورًا، فمن يريد سيارة يكفيه فقط أن يعرف كيف يشغلها، فيكسر الزجاج ويأخذها ويرحل دون رادع، فحتى لو وقف صاحبها أمامه لا يقدر على التدخل خشية من السلاح الآلي المعلق على كتف معظم الموالين لميليشيات أردوغان.


وتابع أكرم، لا نحلم بالخدمات والبنية التحتية، فهذا كثير على مَن يحلم فقط بالسير في شوارع مدينته دون التعرض للإهانة أو السرقة أو القتل، فرغم عدم وجود شبكات كهرباء ولا مراكز طبية إلا بعدد محدود جدًا والطرق محطمة إلا أنك إذا سألت أحد أهالي عفرين لن يذكر لك شيئا من ذلك، فكل ما يتمناه فقط أن يعيش بأمان وسيعيد بناء كل ما تهدم.