صحفيو "تركيا" ضحايا كلمة الحق في وجه "سلطان" جائر
ما زال النظام التركي يمارس اعتداءاته بحق الصحفيين الأتراك، وتكميم أفواه المعارضة السياسية له، والنَّيْل منهم بحملات الاعتقال والتعذيب، ولم تتعرض الصحافة التركية لهذا التنكيل من قبل، ولم تمارس عليها تلك الضغوطات السياسية إلا مع وصول رجب طيب أردوغان لسدة الحكم، وبَدْء ممارساته الفاسدة ضدّ كل مَن يعترض على سياساته أو وَهْم إحياء الخلافة العثمانية.
أردوغان "الديكتاتور العثماني"
"الدكتاتور العثماني الجديد" هكذا وصف هارون أريف، أردوغان أثناء حديثه لـ"العرب مباشر"، يعمل هارون صحفيًّا بالشأن الاقتصادي التركي، ولم يتمكن من إعطاء اسمه الصحفي خوفًا من التنكيل به.
وقال "هارون"، لم تصبح تركيا مثلما كانت منذ عقدين سابقين، ولم تكن نوايا أردوغان واضحة حين تقلد منصب رئيس للحكومة، لافتًا أنه كان دائم الحديث عن الحفاظ على الحريات، وكان يؤكد أن مساعيه لصالح الشعب التركي.
وتابع هارون، أدركنا منذ اللحظة التي تمت فيها التعديلات الدستورية، أن تركيا في طريقها إلى نفق مظلم لا نهاية له، ولما بدأ الحديث عن حلم الخلافة العثمانية الذي يتنافى مع حلم مصطفى أتاتورك في دولة علمانية ديمقراطية، تنامت لديه الميول الديكتاتورية فصار كل معارض عدوًّا له، وصار صاحب الصوت الأوحد في أنقرة.
"هل تعلمت الدرس"، هذه هي الجملة التي سمعتها من ضابط التحقيقات قبل الإفراج عني بكفالة عقب مدة احتجاز تجاوزت العام ونصفًا، وتابع هارون حكايته ، بحسب عملي المتخصص بالشأن الاقتصادي في إحدى صحف المعارضة التركية، كنت أدرك حجم الخطر الاقتصادي الذي يحاوط البلاد نتيجة الممارسات الخاطئة وصرف ميزانيات الدولة وأموال الشعب على مجموعات من المرتزقة وعلى الجيش التركي لإرسالهم إلى سوريا وليبيا، ومع نشر عدد من المقالات التي تفيد بأن الوضع الاقتصادي التركي مهدد وأن البلاد قد تدخل في فوضى اقتصادية عارمة، تم استدعائي إلى مكتب المخابرات التركية، وتم استجوابي ولصالح من أعمل.
واستطرد هارون حديثه، تحدثت مثلما أكتب فهذه قناعاتي ولا أنتمي لأجندات خارجية، تم إصدار قرار باعتقالي، وما أن وصلت المعتقل حتى وجدت أنني لست الصحفي المحتجز بل هناك العشرات تم احتجازهم بنفس الطريقة ولنفس الأسباب، تعرضنا لكافة أنواع التعذيب، حتى أن هناك صحفيين كبارًا تم التنكيل بهم دون مراعاة لعمرهم المتقدم.
اختتم هارون حديثه، تركيا تمر بعصور ظلام لا نعلم متى تنتهي، ولكن ما ندركه أننا لن نسلم تركيا لديكتاتور صدَّرنا للعالم أننا أعداء السلام والإنسانية.
"عودة هتلر في تركيا"
واتفق معه في الرأي، "نجيب بوراك"، صحفي بإحدى صحف المعارضة، تم الإفراج عنه مارس الماضي، وقال "بوراك" لـ"العرب مباشر"، أردوغان يحاول قتل الأصوات المُعارِضة له في تركيا، ولا يعبأ بالمجتمع الدولي، ولا يكترث للعقوبات الدولية التي باتت قريبة من تركيا، نتيجة للانتهاكات السياسية التي يمارسها سواء من خلافه مع اليونان على مياه البحر المتوسط، أو التدخل العسكري وانتهاكات سياسات دول عربية كسوريا وليبيا، بل إن إيران مصدر الإرهاب العالمي باتت حليفًا لبلد كانت توصف بأنها الأكثر انفتاحًا وتقدمًا كتركيا.
وتابع "بوراك" حديثه قائلا: "عقب التنكيل بالمظاهرات الأخيرة واعتقال العديد من الأتراك وبينهم أطفال قصر، بات الشعب التركي يخشى الخروج مرة أخرى، ومن ثم كان دور الصحافة المعارضة أن تقف بالمرصاد لتلك الممارسات، ومع نشر عدة تقارير تفيد بتردي الأوضاع في تركيا، شنت السلطات التركية حملة اعتقالات موسعة وعشوائية على الصحفيين العاملين بمؤسسات معارضة للنظام، وتم احتجاز عدد كبير منهم دون الخضوع لتحقيقات رسمية وحضور محامين عنهم، وتم ممارسة كافة أنواع التعذيب علينا داخل المعتقل.
واستطرد "بوراك" حديثه، بعد مدة احتجاز دامت 20 شهرًا تم الإفراج عني بكفالة، ولكن ما زال العشرات من الصحفيين داخل السجون التركية دون وجه حق، نحن نعيش زمن "هتلر في ثوبه العثماني الجديد".
"أردوغان" خان الشعب التركي والحريات
بينما قال مصدر حقوقي، رافضًا الإفصاح عن اسمه، لـ"العرب مباشر"، إن المنظمات الحقوقية في تركيا تتواصل بشكل دائم مع المنظمات العالمية الحقوقية لإحداث تحرك سريع تجاه الانتهاكات التي تمارس على الصحافة والشعب التركي.
وتابع المصدر، أردوغان يحكم البلاد بإرهاب السلطة، وكل مَن يعارض خائن للوطن، لافتًا أن الرئيس التركي خان استقرار الوطن وخان القَسَم الذي أدلى به لحماية الدولة والإبقاء على الحريات، وهي حقوق أصيلة وليست منحة منه، لافتًا أن البلاد تضربها أزمة اقتصادية نتيجة فيروس "كورونا" المستجد، وبدلا من الالتفات لتلك الكارثة، ما زال أردوغان منهمكًا وغارقًا في أحلامه الاستعمارية البالية مسخرًا موارد الدولة لحلمه وللمرتزقة المدافعين عنه، ولحكومة الفساد التي لم تشهد تركيا مثيلاً لها منذ أتى أتاتورك.
حرية الصحافة مهددة في أنقرة
وكانت مؤسسة Press In Arrest أفادت في تقرير لها بشأن حرية الصحافة في تركيا، أنه جرت 38 محاكمة لـ64 صحفيًا تركيًا، منهم 20 صحفية، خلال شهر سبتمبر الماضي.
وحسب التقرير فقد صدرت 7 أحكام بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى 970 سنة مجموع أحكام بالسجن على الصحفيين.
وأضاف أن المدعين طالبوا بإجمالي 340 ألف ليرة تركية، كتعويضات عن الأضرار ضد 3 صحفيين.
ويشير التقرير إلى أن الصحفيين، يتعرضون للانتهاك كل يوم تقريبًا في غرف استجواب الشرطة أو النيابة العامة والسجون وممرات المحاكم وقاعاتها.