صراع محتدم.. ما أهمية سد تشرين السوري؟

صراع محتدم.. ما أهمية سد تشرين السوري؟

صراع محتدم.. ما أهمية سد تشرين السوري؟
سد تشرين

في ظل الصراع المستمر في سوريا، يبقى سد تشرين واحدًا من أهم المواقع الاستراتيجية في البلاد؛ ما يجعله نقطة اشتعال دائمة بين الأطراف المتنازعة.

بني السد عام 1999 على نهر الفرات ليكون مصدرًا رئيسيًا للطاقة والمياه، إذ يوفر الكهرباء ويغذي مناطق واسعة من الشمال السوري بمياه الشرب والري، ما يجعله شريان حياة لا غنى عنه للسكان والزراعة.

أهمية استراتيجية متعددة الأبعاد


سد تشرين ليس مجرد منشأة هندسية، بل يمثل مكونًا استراتيجيًا يجمع بين الأهمية الاقتصادية، والعسكرية، والبيئية، حيث ينتج سد تشرين كميات كبيرة من الكهرباء تغذي المدن والبلدات المحيطة، إضافة إلى كميات ضخمة من المياه المستخدمة لري آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية في شمال سوريا.

هذا الدور الأساسي يجعل من السيطرة على السد وسيلة ضغط فعّالة على الأطراف الأخرى في الصراع.

وخلف السد، تشكلت بحيرة ضخمة تُعد من أكبر البحيرات الصناعية في سوريا، تحتوي البحيرة على كميات كبيرة من المياه العذبة؛ مما يجعلها موردًا أساسيًا لدعم الأمن المائي والغذائي في المنطقة.

كما يقع السد في منطقة استراتيجية تربط بين محافظات حلب والرقة والحسكة، ما يمنح من يسيطر عليه القدرة على التحكم بطرق الإمداد والتحركات العسكرية. كما يمثل السد حاجزًا طبيعيًا، يمكن استخدامه كخط دفاعي أمام أي هجمات عسكرية.

السيطرة على سد تشرين ليست فقط مسألة موارد، بل هي أيضًا عنوان للهيمنة والسيطرة الإقليمية. من يملك زمام السيطرة على السد يفرض نفوذه على المنطقة، ويتحكم بمصير الآلاف من السكان الذين يعتمدون على موارده.

الصراع حول السد


مع استمرار الصراع السوري، ظل سد تشرين محورًا للتنافس بين قوى متعددة، بما في ذلك الحكومة السورية، القوات الكردية، الفصائل المدعومة من تركيا، وتنظيم "داعش" سابقًا.

خلال فترة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات واسعة من سوريا، كان سد تشرين أداة في يده للتحكم بالمناطق المحيطة، حيث استغل تدفق المياه والكهرباء كوسيلة للضغط والسيطرة.

بينما سيطرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على السد منذ طرد تنظيم داعش منه عام 2015، واستخدمته كوسيلة لتعزيز موقفها في الشمال السوري، حيث يعد السد مصدرًا أساسيًا للكهرباء والمياه للمناطق الخاضعة لسيطرتها.

مع تزايد النفوذ الكردي، تصاعد التوتر بين تركيا والقوات الكردية حول السيطرة على السد، ترى أنقرة أن بقاء السد تحت سيطرة قسد يعزز من قدراتها ويهدد الأمن القومي التركي.

تسعى دمشق لاستعادة السيطرة على سد تشرين كجزء من محاولاتها لبسط سيطرتها على المناطق الاستراتيجية في شمال البلاد، لما يمثله السد من أهمية في إعادة بناء اقتصاد المنطقة.

والنزاع حول سد تشرين لا يقتصر على الجوانب العسكرية والسياسية فقط، بل يمتد ليشمل تأثيرات كارثية على السكان المحليين والبيئة.

حيث تحكم السيطرة على السد إمدادات المياه لري الأراضي الزراعية، ما يعني أن أي انقطاع في تدفق المياه يؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي للسكان.

وتعطيل السد يؤثر مباشرة على توفير الكهرباء والخدمات الأساسية للمناطق المحيطة؛ مما يزيد من معاناة السكان المدنيين.

يظل سد تشرين في قلب المعادلة السورية كرمز للصراع على الموارد والنفوذ. 


استمرارية النزاع حول السد قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على السكان والبيئة، في ظل غياب حلول سياسية شاملة للصراع.

من المحتمل أن يشهد السد تحولات جديدة مع تغير موازين القوى في الشمال السوري، سواء عبر مفاوضات أو معارك عسكرية، ولكن الأكيد أن من يسيطر على سد تشرين سيملك ورقة استراتيجية قوية تؤثر في مسار الصراع السوري.

ويقول المحلل السياسي سلمان شيب: إن سد تشرين يمثل نقطة استراتيجية مركزية في الصراع السوري، إذ يتيح للطرف المسيطر فرصة للضغط على الخصوم عبر التحكم بمصادر الكهرباء والمياه، وهذا السد ليس فقط بنية تحتية حيوية، بل أداة سياسية قادرة على تغيير موازين القوى في المنطقة.

وضيف شيب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن الواقع الجغرافي لسد تشرين يجعله خط دفاع طبيعي.

 الأطراف المتنازعة ترى في السيطرة عليه مفتاحًا لتحصين مواقعها العسكرية، فضلًا عن التحكم بخطوط الإمداد والطرق الحيوية التي تربط الشمال السوري بالمناطق الأخرى.