أفغانستان.. طالبان تسعى لإشعال حرب أهلية تهدد بنسف الاستقرار الهش للبلاد
تسعي طالبان لإشعال حرب أهلية تهدد بنسف الاستقرار الهش للبلاد
استقرار هش تعيشه أفغانستان تحت حكم حركة طالبان المتطرفة، وحاولت مؤخرًا الحركة إعادة القائد الشيعي مولوي مهدي مجاهد إلى صفوفها مرة أخرى، خوفًا من نفوذه المتزايد بين بعض الشيعة الأفغان المتحمسين للتمرد على الحركة التي اضطهدتهم لعقود، ولكن بعد سيطرتها على الحكومة تتكدس قوات طالبان حول المنطقة التي يسيطر عليها - وكان المهدي ورجاله مستعدين للقتال، حيث أكد أحد المقاتلين، سيد قاسم (70 عامًا): "إذا كانت طالبان لا تريد حكومة شاملة، وإذا لم تمنح حقوقًا للشيعة والنساء، فلن نتمكن أبدًا من إحلال السلام في أفغانستان، ولطالما لدينا دماء في أجسادنا، سنقاتل".
استبداد طالبان
الاشتباكات التي وقعت في مقاطعة سار إي بول في شهر يونيو الماضي تعد هي الأحدث في صراع يدور عبر شمال أفغانستان حيث تتحدى فيه فصائل مسلحة حكومة طالبان، وهو تذكير قاسٍ بأن أفغانستان لم تنجُو بعد من الأزمات الأمنية والاضطرابات الأهلية، ومن العنف وسفك الدماء التي ميزت البلاد على مدى السنوات الأربعين الماضية حسب ما أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، والتقت الصحيفة بالمتمردين في سار إي بول في يونيو، وحاورت قيادات الجماعات المسلحة التي على الرغم من محدوديتها وصغر حجمها نسبيًا، نجحت في تحدي حكم طالبان، حيث ترسم المقابلات مع المهدي ومقاتليه والقرويين صورة للمقاومة مدفوعة بمظالم الأقليات التي تعيش في ظل حكومة استبدادية والعقلية المعذبة للرجال الأفغان الذين لم يعرفوا سوى الحرب ومصممون على القتال.
سحق المعارضين
من جانبهم، سعى مسؤولو طالبان إلى التقليل من شأن أي انتفاضة من أجل الحفاظ على صورة الدعم الشعبي وتوفير السلام والأمن للبلاد، ومن غير المرجح أن تشكل أي من مجموعات المقاومة الثماني التي ظهرت حتى الآن تهديدًا مشروعًا لسيطرة طالبان على البلاد، إلا أنها تهدد الاستقرار الهش في أفغانستان، وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه على الرغم من ضعف هذه الميليشيات، فإن حركة طالبان عازمة على القضاء على أي بقايا معارضة بوحشية حيث قامت الحكومة الجديدة بإغراق معاقل المقاومة بآلاف الجنود الذين نفذوا عمليات إعدام بإجراءات موجزة للمقاتلين الأسرى وعذبوا السكان الذين يعتقدون أنهم يدعمون المعارضة المسلحة، وفقًا لـ"هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية، وتعد حملة القمع هي أحدث علامة على أن الحكومة الجديدة، مثل نظامهم الأول، تعتمد على القوة والترهيب لسحق أي شكل من أشكال المعارضة، لكن التكتيكات الوحشية تخاطر بعزل الأفغان الذين هم بالفعل على حافة الهاوية بسبب اقتصاد البلاد المنهار والعودة إلى حكم طالبان الإسلامي المتشدد.
قابل للاشتعال
في السياق ذاته، جمع القيادي الشيعي المتمرد "المهدي" حفنة من المستشارين في منزله في وسط بلخ آب وأطل من النافذة ليرى عشرات من المسلحين على طول الطريق الرئيسي المنتظرين لأوامره بالسير، فقبل أسبوعين فقط، سيطر المهدي على هذه الشريحة الجامحة من شمال أفغانستان؛ ما دفع قوات طالبان إلى حشد قوات على طول حدودها، الآن، حيث بدأ هجوم طالبان وشيكًا وقابل للاشتعال في أي لحظة، ويرى مراقبون أن اشتعال الأوضاع لن يطيح بطالبان، ولكن سيدخل أفغانستان في موجات من الصراعات الداخلية التي تزيد من أزماته الاقتصادية والأمنية.