الكبتاغون بين فكي حزب الله وإيران.. ضربة جديدة على خط التهريب
الكبتاغون بين فكي حزب الله وإيران.. ضربة جديدة على خط التهريب

في خطوة جديدة ضمن الحملة الأمنية المستمرة لمكافحة تصنيع وتهريب المخدرات، تمكن الجيش اللبناني من ضبط معمل لتصنيع الكبتاغون في منطقة حرف السماقة التابعة لمحافظة الهرمل، القريبة من الحدود السورية.
العملية الأمنية تأتي كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تشديد الرقابة على الحدود الشرقية للبنان التي طالما كانت بؤرة لنشاط التهريب بجميع أشكاله.
الموقع الجغرافي للمعمل المضبوط يعكس مدى التحدي الأمني الذي يواجهه لبنان في تلك المناطق، حيث تتشابك التضاريس الجبلية بالمعابر غير الشرعية، ما يجعل من هذه المناطق بيئة خصبة لتصنيع المخدرات ونقلها إلى الأسواق المحلية والإقليمية، وقد أدى تزايد النشاط العسكري والأمني على الحدود إلى كشف هذه البؤر وتصفيتها تباعًا.
إرث تجارة سوداء يمتد من الحرب
تجارة الكبتاغون ليست وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى سنوات الحرب السورية، حيث تحولت هذه الحبوب إلى مصدر تمويل رئيسي للعديد من الميليشيات المسلحة في المنطقة.
وقد ساهمت الفوضى الأمنية في تلك المرحلة بخلق شبكات تهريب منظمة عابرة للحدود، اتخذت من القرى الحدودية منصة لإنتاج وتوزيع هذه المادة الخطيرة.
بفعل التداخل الجغرافي والاجتماعي بين بعض المناطق اللبنانية والسورية، توسعت دوائر التهريب لتشمل تصنيعًا محليًا في الداخل اللبناني، مستفيدة من ضعف الرقابة في بعض الفترات وتورط عناصر نافذة في تسهيل هذه العمليات، وقد شكلت هذه التجارة خطرًا مزدوجًا، أمنيًا وصحيًا، على المجتمعات المحلية والمحيط الإقليمي.
دور إقليمي خفي في اقتصاد المخدرات
وتبرز علاقات غير مباشرة لكن مؤثرة، تربط حزب الله والنظام الإيراني بشبكات تصنيع وتهريب الكبتاغون، ولطالما اعتبر هذا النوع من التجارة وسيلة تمويل غير تقليدية، تستخدم لدعم أنشطة عسكرية وسياسية بعيدًا عن الأنظمة المالية الرسمية التي تخضع للمراقبة والعقوبات الدولية.
وقد استفادت هذه الجهات من سيطرتها الفعلية على بعض المناطق الحدودية، وتغلغلها في البنية التحتية واللوجستية، لتسهيل عمليات الإنتاج والتوزيع، مستفيدة من الغطاء السياسي والأمني الذي وفرته الظروف الإقليمية خلال العقد الماضي، ومع تشديد الخناق الدولي، أصبحت تجارة الكبتاغون وسيلة بديلة للاستمرار، في ظل العقوبات المالية الخانقة التي تواجهها طهران وأذرعها.
كما أن استخدام شركات وهمية، ممرات بحرية غير خاضعة للتفتيش، وشبكات تهريب عابرة للحدود، يؤكد الطابع الاحترافي المنظم لهذه التجارة، التي لم تعد مجرد نشاط إجرامي عشوائي، بل تحوّلت إلى ما يشبه "اقتصادًا موازيا" يستفيد منه أطراف عدة.
الردع مستمر.. لكن الحرب لم تنتهِ
بالرغم من النجاحات الأمنية التي تحققها الدولة اللبنانية، فإن الحرب على الكبتاغون ما تزال بعيدة عن نهايتها، فكلما تم تفكيك معمل، يظهر آخر في مكان مختلف، ما يعكس مرونة التنظيمات المتورطة في هذه التجارة وقدرتها على التكيف مع التغيرات الميدانية.
وقد ساعد تراجع نفوذ بعض القوى غير الشرعية مثل حزب الله في الداخل اللبناني، نتيجة للضغوط السياسية والعسكرية الإقليمية، في إفساح المجال أمام الجيش لتعزيز انتشاره في المناطق الحدودية.
كما ساهمت هذه التحركات في الحد من تهريب المواد الأولية المستخدمة في تصنيع الكبتاغون، وفرض رقابة أكبر على حركة الأفراد والسلع المشبوهة عبر الحدود.
لكن من الواضح أن التحديات ما تزال قائمة، حيث تُبقي هذه الشبكات على أساليب متعددة في التخفي والتحايل على القانون، والحاجة إلى استمرار التنسيق الأمني الداخلي والدولي تبدو ضرورية أكثر من أي وقت مضى، في سبيل إنهاء هذه الحرب الخفية التي تهدد المجتمعات وتستنزف الأمن والاستقرار.