تحفظات الدروز على الإعلان الدستوري السوري.. مخاوف من الإقصاء وهيمنة اللون الواحد

تحفظات الدروز على الإعلان الدستوري السوري.. مخاوف من الإقصاء وهيمنة اللون الواحد

تحفظات الدروز على الإعلان الدستوري السوري.. مخاوف من الإقصاء وهيمنة اللون الواحد
الدروز في سوريا

أثار الإعلان الدستوري الجديد في سوريا موجة من الجدل والاعتراضات بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية، وكان للطائفة الدرزية تحفظات جوهرية على العديد من بنوده، حيث اعتبرته خطوة تعزز هيمنة لون سياسي واحد على مستقبل البلاد، دون مراعاة مبدأ التعددية الذي يُفترض أن يعكس التنوع السوري.
تركيز السلطات بيد الرئيس.


أحد أبرز المخاوف التي أُثيرت حول الإعلان الدستوري هو منح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ما يُعزز من مركزية الحكم ويُقلل من مبدأ التشاركية في صنع القرار.


فقد تم تحديد أن رئيس الدولة يجب أن يكون من المسلمين، مع الإقرار بأن الفقه الإسلامي سيكون المصدر الأساسي للتشريع، وهو ما أثار جدلًا حول مدى قدرة هذا التوجه على استيعاب التنوع الديني والمذهبي داخل البلاد.


يرى منتقدو الإعلان الدستوري أن هذا النهج قد يؤدي إلى تضييق مساحة التعددية السياسية والحد من تمثيل باقي المكونات، مما يُثير المخاوف من طغيان لون سياسي أو ديني واحد على إدارة البلاد، وهو ما قد يُعزز الانقسامات بدلًا من تحقيق الوحدة الوطنية المنشودة.

إقصاء المكونات الأخرى وضعف التمثيل السياسي

من الجوانب التي أثارت قلق الطائفة الدرزية هو ضعف التمثيل العادل لمختلف المكونات السورية، حيث اعتبر المجلس القومي، وهو الهيئة التي يفترض أن تلعب دورًا رئيسًا في اتخاذ القرار، غير متوازن في تشكيلته، إذ يقتصر على عدد محدود من الأعضاء الذين ينتمون إلى توجه سياسي موحد، مما يعكس غياب التنوع في صنع القرار.

إضافة إلى ذلك، فإن طريقة تعيين أعضاء مجلس الشعب بدلًا من انتخابهم تثير تساؤلات حول شرعية تمثيل المواطنين ومدى توافق ذلك مع المبادئ الديمقراطية.


فحرمان المواطنين من انتخاب ممثليهم بشكل مباشر يعد انتقاصًا من حقهم في تقرير مصيرهم، الأمر الذي يزيد من المخاوف حول طبيعة النظام السياسي الذي سيتم ترسيخه من خلال هذا الإعلان.



مخاطر التجنيس وعدم وضوح معايير تولي الرئاسة

أحد النقاط التي أثارت تحفظات الدروز بقوة هو عدم وجود مادة واضحة تحدد شرط الجنسية الأصلية لرئيس الدولة، إذ لم يشترط في الإعلان أن يكون الرئيس سوريًا بالولادة، مما يفتح الباب أمام إمكانية تولي شخصيات من أصول غير سورية مناصب سيادية في المستقبل.

يعتبر البعض أن هذا الغموض قد يسمح لشخصيات تحمل جنسيات أخرى، سواء من دول إقليمية أو من خارج المنطقة، بشغل مناصب حساسة في الدولة، وهو ما ينظر إليه كتهديد لهوية الدولة السورية واستقلالية قرارها الوطني.

التخوف من تداعيات مستقبلية

مع تصاعد هذه التحفظات، يتخوف المراقبون من أن يؤدي تطبيق الإعلان الدستوري بصيغته الحالية إلى مزيد من التوترات الداخلية، حيث إن تجاهل الأصوات المعارضة وعدم تضمين تمثيل عادل لكافة مكونات المجتمع السوري قد يدفع بعض الفئات إلى العزوف عن المشاركة السياسية، مما قد يُؤدي إلى فجوة بين السلطة والشعب.

يُضاف إلى ذلك أن الإعلان لم يضع أي ضمانات واضحة للحفاظ على الحقوق المدنية والسياسية للمكونات غير الإسلامية، وهو ما يُعزز القلق من إمكانية فرض توجه سياسي أو ديني معين على البلاد، بدلاً من تبني نهج يراعي التنوع الموجود في سوريا.

ويرى منتقدو الإعلان الدستوري أنه لا يزال بالإمكان مراجعة بنوده وإجراء تعديلات تعكس مصالح جميع المكونات السورية، بحيث يكون الدستور القادم أكثر توافقًا مع متطلبات المرحلة المقبلة، ويؤسس لنظام سياسي يضمن العدالة والمساواة بين جميع المواطنين.


ويقول الباحث السياسي السوري سلمان شيب، إن تحفظات الدروز على الإعلان الدستوري ليست مجرد اعتراضات طائفية، بل تعكس قلقًا أوسع لدى العديد من المكونات السورية من غياب التشاركية، المسألة لا تتعلق فقط بمكانة الدين في الدستور، بل بالكيفية التي يتم بها توزيع السلطة والتمثيل السياسي.


وأضاف الشيب - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر" - أن سوريا دولة متعددة الطوائف والقوميات، وأي دستور يجب أن يكون نتاج حوار وطني واسع، لا وثيقة تفرض من طرف واحد، وهناك شكوك جدية حول نوايا الجهات التي صاغت هذا الإعلان، وما إذا كان الهدف منه تحقيق استقرار مستدام، أم مجرد إعادة إنتاج نموذج حكم استبدادي بصيغة جديدة.