ازدواجية وانتهازية.. حماس تبرر تطبيع تركيا مع الاحتلال لحماية استثماراتها
كشفت حماس تطبيع تركيا مع الاحتلال لحماية استثماراتها
اشتهرت حركة حماس طول تاريخها بالانتهازية والتناقض والمزاجية في تعاملها مع القضايا الإقليمية، حتى لو كانت هذه القضايا تتعلق بالقضية الفلسطينية نفسها، فقد دأبت الحركة المتطرفة، ومن ورائها جماعة الإخوان الإرهابية، على تطويع خطابها الأيديولوجي وفقاً للأهواء وبما يخدم مصالحها، فمرة تطبق التهم على الدول جزافا، ومرات تبرر لدول أخرى تصرفاتها المارقة.
وكشفت إسرائيل وتركيا رسمياً عن تطبيع العلاقات بينهما، بعد خلاف دام ست سنوات بسبب الهجوم الذي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على السفينة التركية "مرمرة"، والتي كانت تهدف إلى كسر الحصار على غزة وإيصال المساعدات.
خطاب حسب الأهواء
ورغم الهجوم الحاد الذي شنته حماس على دول الخليج بسبب معاهدات السلام الإبراهيمية، إلا أن الحركة المتطرفة لم تخجل من تطويع خطابها للثناء على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يستقبل الرئيس الإسرائيلي هرتسوج حاليا.
ولم يكن الأمر بغريب أو جديد على الحركة الإرهابية، فقد صمتت حماس طويلاً عن علاقات معلنة أو خفية بين إسرائيل وبعض الدول التي تحتضن قياداتها وأفرادها، خصوصا قطر وتركيا.
وبينما يرى البعض في ذلك براغماتية تخدم مصالحها وخارطة تحالفاتها وتموضعها الجغرافي، يراها آخرون مراهقة سياسية بحتة.
وخرج قادة حماس على الملأ يبررون تلك العلاقات بين تركيا والاحتلال الإسرائيلي، فعلى سبيل المثال، اعتبر موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" أن اتفاقيات التطبيع الخليجية خيانة تفتح باب الشرور في المنطقة، لكن هذه الأيام جاءت تصريحات أبو مرزوق من إسطنبول، يبارك العلاقات التركية الإسرائيلية، ويمجد في سياسات أردوغان.
ومن قبل أبو مرزوق، كان موقف رئيس حماس، إسماعيل هنية، الذي أعلن في عام 2016، وغداة إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن اتفاق لتطبيع العلاقات التركية والإسرائيلية، تقدير الحركة لمواقف الرئيس التركي تجاه القضية الفلسطينية، وغض الطرف عن الاتفاق التركي الإسرائيلي واعتباره قراراً تركياً خاصاً.
بعيدا عن المصلحة الوطنية
وفى تصريحات خاصة لـ "العرب مباشر"، قال الدكتور جهاد الحرازين، القيادي بحركة فتح، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن حماس دأبت على مواصلة المواقف غير المعقولة، والتي تتوافق فقط مع مصالحها الخاصة بعيدا عن المصلحة الوطنية التي تتطلب وحدة الموقف وتوحيد كافة الجهود في إطار بوتقة العمل الوطني ولصالح القضية، ولكن حماس دائما تبتعد بمواقفها عن الكل الوطني وخاصة المواقف التي تتناقض مع المصلحة الوطنية بالموقف المتعلق بتشجيعها للتقارب التركي الإسرائيلي في ظل أن إسرائيل هي الدولة القائمة بالاحتلال والتي تعتبرها حماس عدوا لها وهذا يدلل على أن الأمور مجرد شعارات ترفعها حماس ولكن على الأرض ما يحدث مخالف فعملية التشجيع لصالح عملية الارتهان للخارج واتباع أجندات خارجية.
خوفا على مصالحها
ويؤكد الدكتور جهاد الحرازين، أنه دفع حماس لهذا الإعلان خوفها على مصالحها وارتباطاتها واستثماراتها في الدولة التركية ومحاولة إيجاد وسيط بين حماس وإسرائيل لتحقيق مصالح الطرفين الأمر الذي يسقط القناع عن الوجه الحقيقي التوجهات السياسية لحركة حماس ومحاولاتها لخلق البديل وطرح نفسها كبديل، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية حيث كان بالأحرى على حماس أن تشجع عملية التقارب الفلسطيني الفلسطيني وإنهاء الانقسام الذي دخل عامه الخامس عشر والذي نتج عن انقلاب حركة حماس عام ٢٠٠٧ والتجاوب مع الدعوات التي أطلقها الرئيس أبو مازن وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة أكتوبر ٢٠١٧ وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة لحماس التي ترفع شعار الموت لإسرائيل ترفع بجانبه شعار تشجيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا.
على حساب الشعب الفلسطيني
وشدد القيادي الفلسطيني، على أن هذه الازدواجية في التعامل والشعارات تأتى لمصلحة حزبية بحتة لصالح حركة حماس، والتي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني، ولذلك حماس مطالبة اليوم أكثر مما مضى بإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، والعمل ضمن إستراتيجية وطنية خالصة لأنها هي من أفشلت كافة جولات المصالحة، ولم تنفذ أيا من الاتفاقات التي وقعت عليها لإنهاء الانقسام، ولكنها لا زالت تراهن على الأجندات الخارجية والتبعية لحرصها على إرضاء تركيا وغيرها من الدول الأخرى حتى لا تفقد امتيازاتها ومكانتها واستثماراتها التي لها الأولوية على القضية الوطنية.
استثمارات حماس في تركيا
كذلك، يوضح الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح وأستاذ العلوم السياسية، قصة التقارب بين تركيا وإسرائيل وحركة حماس، لافتا إلى أن استثمارات حماس الأكبر موجودة في تركيا، وبالتالي فإن أي تقارب ستدفع ثمنه حماس في عملها داخل تركيا، لافتًا إلى أنه كان هناك طلب من حكومة الاحتلال بإبعاد نائب رئيس حركة حماس، صالح العاروري، من تركيا منذ سنوات، وبالفعل تم إبعاده إلى قطر.
موقف خجول
وأضاف الدكتور أيمن الرقب، في تصريحاته لـ "العرب مباشر": إن الأمر قد يعود مرة أخرى بسيناريوهات أكثر صعوبة، من خلال طلب الاحتلال بمغادرة شخصيات من حركة حماس من الأراضي التركية، مضيفًا أنه للأسف فإن موقف حركة حماس الخجول في انتقاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واستقباله لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي هو بيان خجول يؤكد على مخاوف حماس من احتمالات انهيار مصالحها في تركيا، معتبرًا أن تبرير حماس لعلاقات الاحتلال بأنها تجوز مع هذا ولا تجوز مع هذا، فهي بالطبع ازدواجية من حماس التي تخشى على استثماراتها ووجودها في تركيا دون التفات أو موقف حاد تجاه هذا التقارب التركي الإسرائيلي.
علاقات لم تتوقف
وتابع: "نحن كفلسطينيين، كنا نتمنى أن يكون هناك موقف جاد من حركة حماس والوضوح مع النظام التركي، لافتا إلى أنه حتى استثمارات الاحتلال الإسرائيلي في تركيا لم تتأثر ولم تتضرر جراء توتر العلاقات السياسية بين البلدين، وتصل تلك الاستثمارات إلى 8 مليارات دولار في تركيا.
وأضاف: "آن الأوان من جانب تركيا أن تظهر فعلاً أنها تتحدث بشكل واضح عن العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكدًا أن وصول العلاقة إلى هذا الحد تعني أنها لم تتوقف يومًا، وإنما كانت تسير وفق مصالح أي دولة، لتعود بعدها إلى شكلها الطبيعي.