عيد بلا أضاحٍ.. الفقر والحوثي يتحالفان لإفساد فرحة العيد في اليمن
يتحالف الفقر والحوثي لإفساد فرحة العيد في اليمن
لم يختلف عيد الأضحى هذا العام عن ما سبقه من أعياد في اليمن خلال السنوات الماضية، فـ "ميليشيا الحوثي" تصر على إفساد فرحة العيد لليمنيين، فلا تكتفي بالأزمات الاقتصادية التي تهدد الشعب بمجاعة غير مسبوقة بل تصر على تهديد حياتهم وحياة أطفالهم، ومع اقتراب العيد تحشد العناصر الحوثية قواتها لتضرب حصارًا قويًا حول مدينة تعز اليمنية مع أول أيام عيد الأضحى المبارك، حيث يرفضون كافة الحلول لفك الحصار عن الشعب اليمني، بالإضافة إلى سرقة المساعدات الغذائية التي ترسلها منظمة المجتمع المدني لدعمهم المدنيين في محنتهم.
مأساة الأضحى
صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، أكدت أنه في ميدي، وهي منطقة ساحلية في محافظة حجة شمال غرب اليمن، كان مزارعو الأغنام أو الماشية المحليون يستعدون لعيد الأضحى المقبل، ولكن بعد أشهر من إطعام الماشية ورعايتها، اكتشف المزارعون أن بيع قطعانهم كان التحدي الأكبر في البلد الذي مزقته الحرب، وهو ما أكده مربي الماشية عبده يوسف قائلاً: "مصدر دخلنا الأساسي خلال هذا الموسم هو بيع الأضاحي، لكن ليس هناك الكثير من المشترين هنا بسبب الحرب، هذه مأساة لنا"، مضيفًا أن المدنيين هم من يتحملون العبء الأكبر للحرب التي طال أمدها في البلاد، وبالنسبة لليمنيين، كانت هناك صعوبة إقامة وليمة عيد الأضحى، إن لم تكن مستحيلاً، بالنظر إلى أن غالبية الناس يعيشون في فقر مدقع ولا يبعدون سوى خطوات قليلة عن المجاعة، وقال فايد علي، مزارع آخر في ميدي: إنه اضطر لبيع بعض ماشيته بأسعار منخفضة هذا الأسبوع لأنه كان بحاجة إلى المال لإطعام أسرته، مضيفًا "لقد قمت بتربية المواشي لأكثر من عام ونصف، لكن كان عليّ بيع بعضها بنصف السعر أو حتى أقل من ذلك لشراء الطعام والأدوية والملابس لعائلتي، كما أحتاج إلى سداد ديوني المتراكمة"، وتابعت الصحيفة، أنه في ميدي، يتم بيع خروف أو ماعز واحد بين 170 ألفًا إلى 200 ألف ريال يمني (حوالي 170 إلى 200 دولار أميركي)، وهو أمر مكلف للغاية نظرًا لأن الدخل السنوي للفرد في اليمن يبلغ حوالي 2100 دولار أميركي، وبالتالي فإن مربي الماشية، الذين يضطرون بالفعل إلى التعامل مع ارتفاع أسعار الأعلاف والنقص الحاد في الوقود، يتعرضون لضغوط إضافية نتيجة تقلص الطلب الناجم عن انتشار الفقر، علاوة على ذلك، أدت الحرب الأهلية والفوضى والانقسامات التي تسببها إلى صعوبة نقل الماشية أو الحبوب في البلد العربي الفقير.
حلم السلام الدائم
أكدت الصحيفة، أن الحرب الأهلية في اليمن اندلعت أواخر عام 2014 عندما سيطرت جماعة الحوثي المدعومة من إيران على عدة محافظات شمالية وأجبرت الحكومة اليمنية على الخروج من العاصمة صنعاء الحرب دمرت اقتصاد البلاد وقتلت عشرات الآلاف من الناس، وشردت أكثر من 4 ملايين شخص لتدفع الشعب اليمني إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم - حسبما وصفتها الأمم المتحدة-.
"يأمل أحمد عثمان، الذي يمتلك أكثر من 300 رأس من الماعز والأغنام، أن تمهد الهدنة الجارية بوساطة الأمم المتحدة بين الحكومة وجماعة الحوثيين الطريق لسلام دائم، الجميع يتمنى أن تنتهي الحرب التي دامت أكثر من ثماني سنوات وتطهر الطرق بين المدن وتزيل الألغام لتزيل معها مأساتنا، موضحًا أن الحرب تمنعه من الذهاب إلى الأسواق في المدن الأخرى لبيع الماشية، مضيفًا الحرب تجعلنا أكثر فقرًا وتعمق معاناتنا".
انتهاكات لا تنتهي
وكالة الأنباء الفرنسية، أكدت أن ميليشيا الحوثي مصرة على إفساد فرحة العيد، وزيادة معاناة الشعب، فقبل عدة أيام من حلول أول أيام العيد صدت القوات اليمنية عدة هجمات للحوثيين على مواقعهم في مديرية حارب جنوب مأرب، وأفادت مصادر ميدانية أن ميليشيا الحوثي حاولت التسلل إلى أحد الأودية المتعرجة في سلسلة جبال ملاء للالتفاف على قوات العمالقة المتمركزة تحت العقبة في الاتجاه الجنوبي بالتزامن مع هجوم من الطريق المؤدي إلى وسط المدينة، كما أفادت المصادر بمقتل وجرح عناصر من ميليشيات الحوثي بنيران القوات اليمنية، وأفادت الوكالة، أن هجوم الحوثيين يعد امتدادا لسلسلة انتهاكات الميليشيات الموالية لإيران للهدنة، ودفعت هذه الانتهاكات العديد من المنظمات الحقوقية، لمطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإجبار ميليشيا الحوثي وداعميها على تنفيذ بنود الهدنة الأممية أو إدانة صريحة لإفساد العيد على ملايين من الشعب.
تساهل المجتمع الدولي
صحيفة "آراب نيوز" الدولية، أكدت أن موقف المجتمع الدولي المتساهل هو السبب الرئيسي في عدم احترام الحوثيين لقدسية أيام العيد وتصعيد حصارهم على مدينة تعز، حيث رفضت الميليشيا المدعومة من إيران اقتراحات الأمم المتحدة بفتح طريق رئيسي وأربعة طرق فرعية حول المدينة خلال الجولة الأخيرة من المحادثات حول تعز بين الحكومة والحوثيين، ووافق الوفد الحكومي، الذي أصر سابقًا على رفع الحوثيين حصارهم عن تعز فورًا، على الاقتراح، فيما طلب وفد الحوثي وقتًا لمناقشته مع قادتهم في صنعاء، قبل أن يعلنوا رفضهم للمقترح ويزيدوا من معاناة الآلاف من الشعب اليمني، ووفقًا للصحيفة، تم عزل تعز فعليًا عن بقية البلاد منذ بدء حصار الحوثيين قبل سبع سنوات، لكن الميليشيا المدعومة من إيران فشلت حتى الآن في السيطرة على المدينة بالكامل بفضل معارضة شرسة من الجيش ومقاتلي المقاومة.
معاناة شعب
يقول يحيى العابد، المحلل السياسي اليمني: إن الشعب اليمني يعيش في معاناة كبرى في ظل الحصار الحوثي على العديد من المنطقة اليمنية وهو ما يهدد حياة الشعب اليمني الذي أصبح يعاني من غياب الاستقرار الأمني والاقتصادي وأيضا السياسي في ظل التهديدات التي تقابل الشعب اليمني من حصار وتدمير وترهيب مستمر من تلك الميليشيا الإرهابية.
وأضاف المحلل السياسي اليمني في تصريحات لـ «العرب مباشر»، أن الشعب اليمني يستقبل العيد الأكبر وهو ما يزال يعيش في معاناة واضطهاد وفقر واستيلاء على حقوقه وممتلكاته من ميليشيا إرهابية تعمل وفق مخططات إيرانية لتهديد استقرار المنطقة العربية، لافتا أن الشعب اليمني معظمه يعيش على المعونة التي يحصل عليها من الدول المجاورة، وتابع أن ميليشيا الحوثي تنهب أموال المواطنين وتفرض الإتاوات على الأماكن التجارية، بالإضافة إلى سرقة المعونات التي تصل إلى الشعب اليمني، وتمنع دخول الكثير منها للاستيلاء عليها، لافتًا أن صمت المجتمع الدولي تجاه تلك الجرائم المستمرة من قبل الحوثيين هو ما يشجعهم في التمادي، في السياق ذاته، يقول أحمد جباري، الحقوقي اليمني: إن حقوق الشعب اليمني ضائعة وسط تلك المعاناة التي يعيش فيها بسبب انتهاكات وجرائم الحوثيين المستمرة والتي تنوعت ما بين استيلاء على ممتلكات وأموال اليمنيين وسرقة ونهب منازلهم وتعرضهم للعديد من جرائم القتل والعنف المستمر.
وأضاف الحقوقي اليمني في تصريحات لـ «العرب مباشر»، أن الحوثي لم يلتزم بالهدنة الدولية وواصل جرائمه ضد الشعب اليمني، بالإضافة إلى استمرار تلك الانتهاكات في الأيام الجارية دون أي اعتبارات للأشهر الحرام وقرب حلول عيد الأضحى المبارك، وهو ما يتطلب تدخلاً دوليًا لوقف تلك الجرائم الحوثية التي تستهدف الشعب اليمني.