حزب الله بين الانهيار والدعم الإيراني: مليار دولار لإنعاش الذراع الأهم لطهران في لبنان

حزب الله بين الانهيار والدعم الإيراني: مليار دولار لإنعاش الذراع الأهم لطهران في لبنان

حزب الله بين الانهيار والدعم الإيراني: مليار دولار لإنعاش الذراع الأهم لطهران في لبنان
حز

يشهد تنظيم حزب الله في لبنان مرحلة صعبة من تاريخه السياسي والعسكري، إذ يعيش حالة من الضعف الداخلي ومحاولة حثيثة لاستعادة قدراته بمساندة مباشرة من إيران، في وقت تُشير فيه التقديرات إلى أن طهران ضخت ما يقارب مليار دولار في خزائن الحزب منذ مطلع عام 2025 لتعزيز نفوذه العسكري والاجتماعي، حسبما نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية.

حزب الله بين الضعف ومحاولات الاستعادة


في خطابه الأخير بمناسبة يوم الشهيد، وجّه نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، تحذيرات مبطّنة إلى إسرائيل وقيادات الدولة اللبنانية، مؤكدًا أن استمرار العدوان والقتل لا يمكن أن يستمر دون رد، وداعيًا الأطراف المعنية إلى التنبه إلى خطورة الوضع.


لكن خلف هذا الخطاب، تكشف تقارير أمنية وإعلامية عن أن الحزب يمرّ بمرحلة حرجة، إذ لا يملك القدرة على خوض مواجهة مفتوحة مع إسرائيل في ظل التدهور الكبير في وضعه الداخلي والضغوط السياسية التي يواجهها داخل لبنان.

دعم إيراني بمليار دولار منذ يناير 2025


رغم الضربات المتكررة التي يتلقاها حزب الله، يُواصل الحرس الثوري الإيراني عبر فيلق القدس دعمه المالي والعسكري له. 


كشفت مصادر أمريكية أن طهران حولت ما يقارب مليار دولار منذ بداية عام 2025 في إطار ما تصفه بدعم استراتيجي للحزب، الذي يعمل على إعادة بناء مخازن السلاح، وترميم منصات الإطلاق التي تضررت خلال الحرب، وتجنيد آلاف المقاتلين الجدد.


وفي هذا السياق، كشفت إسرائيل عن بيانات استخباراتية جديدة تظهر أن حزب الله استعاد مئات الصواريخ من سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، وأعاد تأهيل منصات مدمرة تم استهدافها سابقًا.

ضغوط داخلية لبنانية تتزايد ضد الحزب


على الصعيد السياسي، يعاني حزب الله من عزلة متنامية في الداخل اللبناني. فقد عبّر الرئيس اللبناني جوزيف عون وعدد من النواب والإعلاميين البارزين عن ضرورة فتح مفاوضات سلام مع إسرائيل باعتبارها حاجة وجودية للبنان، وهو ما رفضه الحزب بشدة في رسالته العلنية الموجهة إلى رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي، مؤكدًا أن سلاحه يمثل جوهر قوته ولن يتخلى عنه.

إيران تُعزز الغطاء الديني والإيديولوجي


تسعى طهران إلى ربط حزب الله بالمؤسسة الدينية الإيرانية لتعزيز شرعيته داخل الطائفة الشيعية في لبنان. 


ففي أكتوبر الماضي، أطلقت مؤسسة المرشد الأعلى علي خامنئي النسخة العربية من كتابه الفقهي حول الشعر والموسيقى في حفل أقيم ببيروت بحضور نعيم قاسم، الذي أشاد بدور خامنئي وقدم الولاء له كزعيم ديني للطائفة.


كما نشرت حسابات مكتب خامنئي باللغة العربية على منصة إكس صورة لنعيم قاسم إلى جانب قادة الحزب السابقين، وعلّقت عليها بعبارة تؤكد أن حزب الله سيبقى إرثًا دائمًا للبنان والمنطقة، في إشارة واضحة إلى استمرار الدعم الإيراني للحزب رغم الانتقادات التي يتعرض لها قادته داخل لبنان.

حماس إيراني يقابله تراجع ميداني لحزب الله


تُظهر التطورات أن إيران ترى في حزب الله ذراعها الأهم في المنطقة، رغم تنامي نفوذ الحوثيين في اليمن بعد مشاركتهم في الحرب الأخيرة المعروفة باسم “سيوف الحديد”. 


إلا أن طهران تعتبر أن الحوثيين لا يمكنهم ملء فراغ حزب الله أو القيام بدوره التاريخي في تنفيذ العمليات الخارجية ضد أهداف إسرائيلية، أو في إدارة الشبكات الشيعية المسلحة في العراق وسوريا.

 

إسرائيل والولايات المتحدة تتجهان إلى مواجهة الحزب فكريًا واجتماعيًا


يشير التحليل إلى أن إسرائيل، بدعم أمريكي، بدأت تدرك أن المواجهة العسكرية وحدها لا تكفي لإضعاف حزب الله. فالمطلوب هو ضرب نفوذه الاجتماعي والأيديولوجي من خلال مشاريع بديلة تستهدف جمهوره الشيعي في لبنان.


وتوصي تقارير إسرائيلية وأمريكية بإنشاء شبكات خدمية واجتماعية تنافس منظومة “الدعوة” التابعة للحزب، والتي تشمل التعليم والرعاية الصحية والدعم المالي. الهدف من ذلك تقليص اعتماد الشيعة اللبنانيين على الحزب، وتشجيعهم على تبني هوية لبنانية مستقلة بعيدًا عن الولاء لإيران.


من المتوقع أن تشكل الانتخابات النيابية المقررة في مايو 2026 اختبارًا حقيقيًا لشعبية حزب الله داخل قواعده، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية المتراكمة في البلاد. وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة أن هذه الانتخابات فرصة لتقويض نفوذ الحزب في الساحة اللبنانية إذا تم استثمارها عبر الدعم الاجتماعي والفكري للبيئة الشيعية خارج سيطرة الحزب.

نحو استراتيجية شاملة لمواجهة حزب الله


يرى خبراء أن الحل لا يكمن فقط في استمرار الضربات الجوية أو تشديد العقوبات الاقتصادية، بل في إطلاق مشروع استراتيجي طويل الأمد يضعف الحزب من الداخل ويحد من قدرته على تجنيد الأتباع والحفاظ على الولاء العقائدي له.

ويُركّز هذا التوجه على منافسته في المجالات الثقافية والتعليمية والخدماتية، بالتوازي مع الجهود الأمنية والعسكرية، بما يضمن تراجع نفوذه تدريجيًا داخل المجتمع اللبناني.