كيف يسعى الحوثي لملء فراغ نصر الله ؟
كيف يسعى الحوثي لملء فراغ نصر الله ؟

في مشهد غير مألوف، ظهر عبدالملك الحوثي بجرأة متزايدة في خطابه، واضعًا نفسه في موقع جديد داخل محور إيران الإقليمي، لم يكن حديثه عن سوريا مجرد موقف سياسي عابر، بل يعكس تطورًا استراتيجيًا قد يُغير معادلات النفوذ داخل هذا المحور. فبعد اغتيال حسن نصر الله، وجد الحوثي فرصة لإعادة تقديم نفسه كزعيم تعبوي جديد، يسعى إلى توحيد الخطاب وتحشيد الأتباع في مواجهة التحولات الإقليمية المتسارعة.
ملء الفراغ
في خطابه الأخير، هاجم الحوثي القيادة السورية الجديدة، متهمًا إياها بارتكاب "جرائم تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية"، في موقف أثار استغراب المراقبين، خاصة أنه يأتي في سياق استقطاب متزايد داخل المحور الإيراني، حيث تتسابق الأذرع المتحالفة لملء الفراغ الذي خلّفه نصر الله. فهل يسعى الحوثي إلى لعب دور أكبر داخل المحور، أم أن تحركاته محكومة بسقف تحدده طهران وفق أولوياتها الاستراتيجية؟
الحوثي في واجهة المحور الإيراني
من جانبه، أكد مصدر مطلع، أن الخطاب التصعيدي لعبدالملك الحوثي ليس مجرد اجتهاد شخصي، بل يعكس إعادة ترتيب داخل المحور الإيراني بعد خسائره المتتالية.
وأضاف لـ"العرب مباشر"، أن الميليشيا الحوثية تُعد اليوم الذراع الأكثر نشاطًا لإيران، مستفيدة من قدراتها العسكرية المتنامية، وتصاعد دورها في استهداف الممرات البحرية الدولية، مما منحها موقعًا متقدمًا داخل هيكل النفوذ الإيراني.
وبحسب المصدر فإن الحوثي كان يُنافس نصر الله منذ فترة، محاولًا تقديم نفسه كقائد ميداني لمحور المقاومة، لكن طهران كانت تفضل إبقاء نصر الله في المقدمة، بالنظر إلى خبرته الطويلة ورمزيته لدى جمهور المحور.
إلا أن المعادلة تغيّرت بعد اغتيال نصر الله، حيث ظهرت الحاجة إلى زعيم جديد يستطيع مخاطبة الأتباع بالأسلوب نفسه، وهنا برز الحوثي كمرشح رئيس لهذا الدور.
سوريا.. مدخل جديد للتأثير
اللافت أن هجوم الحوثي على القيادة السورية الجديدة لم يكن معهودًا في خطاباته السابقة، ما يُشير إلى تحول واضح في نهج الميليشيا.
فلطالما حافظ الحوثيون على موقف حذر من الملف السوري، متماشيًا مع سياسات طهران، إلا أن التحولات الأخيرة دفعت الحوثي للخروج عن هذا الخط، في محاولة لترسيخ حضوره داخل الدائرة القيادية للمحور الإيراني.
ويرى مراقبون أن الحوثي يسعى لاستغلال الظروف الراهنة لصالحه، إذ باتت إيران بحاجة إلى من يعوّض خسائرها القيادية، بينما يحتاج الحوثي إلى دعم إيراني متزايد لتعزيز موقعه في اليمن، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية عليه.
وأضافوا أن ما سبق جعل اغتيال نصر الله نقطة فاصلة في إعادة توزيع الأدوار داخل المحور الإيراني، فبينما تُعاني قيادات حزب الله من ضغوط داخلية وخارجية، ويواجه الحشد الشعبي في العراق قيودًا سياسية، يتمتع الحوثي بحرية أكبر في تبني خطاب أكثر تصعيدًا دون الحاجة إلى مراعاة توازنات داخلية معقدة.
يقول المصدر إن التصريحات الأخيرة للحوثي تأتي ضمن استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى إعادة ترتيب أذرعها، حيث بات الحوثيون في موقع متقدم بعد الضربات التي تلقاها حزب الله.
ويُضيف، إيران تبحث عن بديل يستطيع استقطاب الجماهير والحفاظ على تماسك المحور، وقد رأت في الحوثي خيارًا مناسبًا لهذه المرحلة.