كيف يواجه اللبنانيون أزمة الودائع بالبنوك؟

يسعي اللبنانيون لمواجهة أزمة الودائع بالبنوك

كيف يواجه اللبنانيون أزمة الودائع بالبنوك؟
صورة أرشيفية

ركود اقتصادي عميق وتدهور سعر الصرف وانكشاف ودائع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان، إضافة إلى الحاجة لإعادة هيكلة الديون السيادية، جميعها أزمات أدت إلى ضرر كبير في القطاع المالي، وقدر إجمالي خسائر القطاع المصرفي بما يزيد على 70 مليار دولار أميركي.

أزمات لبنان عادة لا تحتمل أي ضغوطات على الشعب اللبناني الذي يعيش منذ فترة في أزمات واضحة حولت البلاد إلى مكان صعب العيش به في نهاية المطاف.

كيف حدثت الأزمة اللبنانية؟

الأزمة التي يمر بها الاقتصاد اللبناني كان يجب ألا تحدث، لأنه من النادر أن تقع دولة في أزمة مالية واحتياطها بلغ في منتصف عام 2019 نحو 50 مليار دولار، وهو ما يفوق الدين العام بالدولار بـ 150 في المئة ويغطي 45 في المئة من الودائع، وكان على مصرف لبنان أن يتوقف عن توفير السيولة للمصارف واتخاذ إجراءات إصلاحية مالية ونقدية فوراً، ولكن ما حدث كان العكس.

ومع تفاقم الأزمة النقدية وتقلص احتياطات العملات الصعبة لدى البنك المركزي، التي هوت من نحو 34 مليار دولار في بداية الانهيار عام 2019 لتصل إلى نحو 9.3 مليار دولار حالياً.

تعميم مصرف لبنان 

وقد بدأ تطبيق تعميم مصرف لبنان الذي يسمح لأول مرة للمودعين بالعملات الأجنبية سحب جزء من ودائعهم بالدولار ضمن شروط معينة، وكان عدد من المواطنين اشتكى من اشتراط المصارف وتوقيع المودعين على أوراق تفرض شروطاً غير الموجودة بالتعميم منها ما يتعلق بإبراء ذمة للمصرف في حال التوقف عن الدفع لأي سبب من الأسباب، والتعهد بعدم المطالبة بأي تعويضات تتعلق بفروقات سعر الدولار، فضلاً عن رفض المصارف أن يطلع المودع محاميه على هذه الشروط قبل أن يقرر التوقيع من عدمه.

وبدأت المصارف منذ مطلع شهر يوليو الحالي تنفيذ تعميم لمصرف لبنان يسمح لكل مودع بالدولار في المصارف اللبنانية ضمن شروط معينة، الاستفادة من سحب 400 دولار نقداً و400 دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف منصة صيرفة أي 12000 ليرة.

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عمد إلى تعديل مضمون قرار سابق كان يفرض على المودع سحب مبلغ إضافي موازٍ من وديعته بالدولار، ولكن بالليرة اللبنانية وبسعر 15 ألف ليرة للدولار، مع أن سعر الصرف في السوق السوداء يناهز 90 ألف ليرة للدولار.

ويتوقع العديد من المراقبين في البلاد أن أعداد المستفيدين ستتضاعف جراء القرار الجديد، في ظل استمرار عمليات التطور بعمليات إيفاء لحقوق المودعين في المصارف اللبنانية.
وأضاف الخبراء: أن مخطط عودة الديون بالتقسيط ضمن الحصص المتاحة حاليا، أصبح إنجازاً كبيراً وتحولاً نوعياً في إدارة السيولة النقدية لصالح عملاء البنوك الذين عانوا الأمرين على مدى 43 شهراً، في تحصيل مبالغ محدودة من مدخراتهم العالقة والقبول رغماً عنهم بتحمل خسائر نقدية مباشرة أو عبر تسييل الشيكات.

اللبنانيون يفقدون الأمل

ويقول طوني حبيب المحلل السياسي اللبناني: إن اللبنانيين في نهاية حبلهم، إنهم على شفا الفقر وفقدوا الأمل في حكومتهم وقضائهم وبنوكهم، كما أن سلسلة التعثرات المصرفية التي حدثت في البلاد للوصول إلى المدخرات الشخصية التي تم تجميدها لمدة ثلاث سنوات هي مظهر من مظاهر هذا اليأس.

وأضاف في تصريحات لـ"العرب مباشر": انفجرت الأزمة مع انتفاضة أكتوبر 2019، مع سقوط حكومة تلو الأخرى، وبقي القضاء غير المستقل في وضع حرج بسبب الاقتتال الداخلي، فرض البنك المركزي اللبناني قيودًا صارمة على عمليات السحب والتحويلات.

وتابع: استمر الاقتصاد ومستويات المعيشة في التدهور، وانخفضت الليرة اللبنانية إلى 85 ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار، وكانت إحدى نتائج كل هذا والتي لم تكن مفاجأة للبعض، اقتحام البنوك من قِبل الناس العاديين للمطالبة بالوصول إلى مدخراتهم من أجل سداد الاحتياجات اليومية الأساسية.

وأضاف: "حالت التوترات السياسية المستعصية والعوامل الطائفية في لبنان دون تمرير الإصلاحات التشريعية والهيكلية اللازمة لتمهيد الطريق أمام تنفيذ خطة الحكومة للإنعاش، كما أن الإرادة السياسية غير متوفرة" لإيجاد حل، والخلاف السياسي والاستياء أعاق تمرير التشريع.