على خُطى زايد الخير.. الإمارات تودع رئيسها الشيخ خليفة بن زايد
توفي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وأعلنت البلاد الحداد
شُيع الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، مساء اليوم الجمعة، إلى مثواه الأخير، بعدما وافته المنية عن عمر يناهز 74 عامًا، وبعد رحلة حافلة بالعطاء والإنجازات.
وُلِد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في عام 1948 في قلعة المويجعي في مدينة العين الإماراتية، وهو النجل الأكبر للمرحوم بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ووالدته هي الشيخة حصة بنت محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان، واسمه الكامل هو خليفة بن زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان بن فلاح بن ياس.
وينتمي الشيخ خليفة إلى قبيلة بني ياس، وهي بمثابة القبيلة الأم لمعظم القبائل العربية التي استقرت في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعُرفت تاريخياً باسم "حلف بني ياس".
رحلة عطاء
بدأت رحلة العطاء المديدة للشيخ خليفة بن زايد عندما تولى أول مسؤولية عمل عام، ممثلا لحاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية، ورئيساً لنظامها القانوني في أغسطس/آب 1966، وكان عمره وقتها لا يتجاوز الـ18 عامًا.
ثم تدرج الراحل في المناصب والمسؤوليات، وذلك بالتزامن مع مرحلة هامة في تاريخ الإمارات، إذ رافق الشيخ خليفة بن زايد والده ومؤسس الإمارات وباني نهضتها الأول، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
عاش الشيخ خليفة مع عائلته في قلعة المويجعي في مدينة العين، حيث قضى معظم طفولته في واحات العين والبريمي، وتلقى تعليمه المدرسي في مدينة العين في المدرسة النهيانية التي أنشأها الشيخ زايد رحمه الله.
قرب الشيخ زايد
ولزم الشيخ خليفة والده المرحوم الشيخ زايد في معظم نشاطاته وزياراته اليومية، في منطقتي العين والبريمي، ذات الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لإمارة أبوظبي كأكبر منتج زراعي، وكمركز استراتيجي رئيسي لأمن المنطقة.
كما لزم والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان متابعًا لجهوده الكبيرة في تحسين حياة القبائل في المنطقة، وإقامة سلطة الدولة، مما كان له الأثر الكبير في تعليمه القيم الأساسية لتحمل المسؤولية والثقة والعدالة.
من التأسيس إلى التمكين
وتدرج الشيخ خليفة بن زايد في المناصب حتى وصل لانتخابه رئيسا للدولة من قبل "المجلس الأعلى للاتحاد" في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2004، بعد وفاة القائد المؤسس، ليكون ثاني رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها.
وعلى خطى الأب المؤسس، تسلم الشيخ خليفة راية الحكم في 4 نوفمبر 2004 وسار على النهج حتى يوم وفاته رحمه الله، لينتقل بالإمارات في نحو 35 عاما من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التمكين.
ومنذ توليه مهام الرئاسة قاد البلاد نحو مرحلة الإنجازات التي ساهمت في تمكين المواطن الإماراتي، وازدهار دولة الإمارات وتألقها محليا وعالميا وتحقيق قفزات تنموية واقتصادية في مختلف المجالات، حتى أضحت قصة نجاح دولة الإمارات نموذجا يحتذى ومصدر إلهام في العالم أجمع.
وعرفت فترة حكم الشيخ خليفة بن زايد في الإمارات بالمخططين الاستراتيجيين والتنمويين مجرد خطتين تنمويتين، حيث تبوأت الإمارات مراكز الصدارة في مؤشرات التنافسية المقياس المعياري لتقدم الأمم.
وأصبحت الإمارات ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة العربية، لتحقق ذلك الإنجاز الضخم رغم صغر مساحتها وعدد سكانها، بل وأصبحت أول دولة عربية وإسلامية تصل إلى المريخ وواحدة من دول قليلة لها السبق في عالم الفضاء.
أطلق المغفور له الشيخ خليفة خطته الاستراتيجية الأولى لحكومة الإمارات لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة وضمان تحقيق الرخاء للمواطنين بمجرد توليه الحكم، وذلك انطلاقًا من القواعد الصلبة التي أسسها والده المغفور له الشيخ زايد.
وفي عام 2009 أُعيد انتخابه رئيسًا للدولة بفضل قيادته الرشيدة التي مكنت الإمارات من تجاوز الأزمات المالية والقلاقل السياسية التي عصفت بالمنطقة، إضافة إلى السياسة الخارجية النشطة التي تبناها المرحوم خليفة بن زايد في الإمارات ودعمت مركز بلاده كعضو فاعل إقليميًا ودوليًا.
إنجازات رائدة
وكانت سياسات الشيخ خليفة بن زايد داعمًا لتمكين الإمارات، فكان من أشد المناصرين لمجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى عمله على تعزيز العلاقات الدولية باستقبال قادة دول آسيا وأوروبا والدول العربية.
كما تبنى الشيخ خليفة بن زايد سياسات إغاثية وإنمائية تدعم الدول والشعوب المحتاجة، فأصبحت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ثالث أكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في دولة الإمارات، ووصلت مساعداتها المختلفة لأكثر من 70 دولة في مختلف أنحاء العالم.
مبادرات الشيخ خليفة بن زايد
وكانت مبادرات الشيخ زايد على مدى فترة حكمه شاهدًا على ذاكرة الإمارات وتمكين الدولة سياسيا واقتصاديا وعلميًا ورياضياً وعلى كافة المستويات، وجميعها مبادرات تهدف لتحسين جودة الحياة في الإمارات.
وكان من أبرز هذه المبادرات إطلاق جائزة الشيخ خليفة للامتياز (SKEA)، التي أطلقتها غرفة تجارة وصناعة أبوظبي هذه الجائزة في عام 1999 كخارطة طريق،ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية التي تأسست في 2007، إضافة إلى جائزة خليفة التربوية التي بدأت عام 2007 أيضًا.
كما أنشأ الشيخ خليفة بن زايد صندوق معالجة الديون المتعثرة في 2 ديسمبر 2011، وأطلق مبادرة إحلال المساكن القديمة قبل 1990، لبناء وإصلاح منازل الإماراتيين، خصوصا في إمارات الشارقة، ورأس الخيمة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة. وبلغ عدد الوحدات السكنية التي تم حصرها 12.500 مسكن، بتكلفة تقدر بـ10 مليارات درهم.
كما شهد عهد الشيخ خليفة بن زايد إطلاق مبادرة أبشر في عام 2012، لتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل، وتأهيلهم بالتدريبات اللازمة، وتشجيع المواطنين على الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص، وكذلك مبادرة العلوم والتكنولوجيا والابتكار في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، ودعمها بميزانية تزيد على 300 مليار درهم حتى العام 2021. والهدف من هذه المبادرة هو تغيير معادلات الاقتصاد الوطني، ودفعه بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية، والاستثمار في المواطن الإماراتي، والارتقاء بمعارفه في مجال العلوم والتكنولوجيا.
وإلى جانب ذلك العديد من المبادرات البنّاءة، مثل إعلان عام 2015 عاماً للابتكار، وإعلان 2016 عام القراءة في دولة الإمارات، ومبادرة أقدر لتمكين الطلاب وترسيخ مكانة الإمارات الدولية في مجالي الإبداع والابتكار.
وإعلان 2017- عام الخير في الإمارات، و2018- عام زايد، و2019- عام التسامح، وتطوير البنية التحتية في دولة الإمارات في 2005 حتى 2013، حيث تم إنجاز أكثر من 24 ميناءً، وتشييد مستشفى الشيخ خليفة في رأس الخيمة، وبناء 2000 منزل، بالإضافة إلى عدة طرق سريعة، وتقاطعات، وأنفاق.