هل يجوز إقصاء «الإخوان»؟
بعد ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية أقصت الدول جماعة الإخوان
المثقف السعودي د. خالد الدخيل، كتب على حسابه بـ«تويتر» مؤخراً، هذا الكلام: «في السياق الثقافي والسياسي ذاته تجد أنَّ كل المناهضين للصحوة تقريباً أو للإسلام السياسي عموماً ينطلقون في ذلك من مبدأ إقصاء المخالف ليس إلا، وليس من إيمان بحق الحرية، ما يعني أنَّ الذهنية التي تحكم مواقف الطرفين واحدة، ذهنية لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم، تعتمد على من يملك الدفة».
كلام الدخيل اعترض عليه فريق وباركه فريق آخر، لكنَّه جدل قديم، استعيد أثناء الربيع العربي من ديسمبر (كانون الأول) 2010 مروراً بأعوام 2011 إلى 2013 تقريباً، حين بدأ انكسار أمواج الربيع العربي، تلك الأمواج التي امتطاها الإسلاميون، وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون.
خلاصة الحجة حينها، من طرف مؤيد لثورات الربيع العربي، من بعض المحسوبين على الليبراليين، هي أن مبدأ الحرية للجميع، هو مبدأ ثابت حتى مع حق «الإخوان» ومن تفرع عنهم، بحكم الدول وتدبير شأن الناس، وتطبيق برامجهم السياسية الفكرية الاجتماعية... أليس هذا هو مقتضى الديمقراطية؟
تلك هي الحجة «الأخلاقية» السياسية، بعيداً عن الأغراض العملية والتنسيق العملي بين الطامعين في السلطة حينذاك، من مستثمري قوة «الإخوان».
بالعودة لبعض الردود من مثقفين سعوديين على كلام د. خالد الدخيل، نجد المثقف السعودي د. تركي الحمد يكتب هذا الرد: «كلامك ليس صحيحاً على إطلاقه، فليس إقصاء المخالف هو الهدف، بل حماية الحرية من أعدائها، ففي التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين وأمثالهم، فإنَّ الغاية هي عدم إعطاء الفرصة لأعداء التعددية من توجيه المجتمع وإقصاء الآخرين، كما يتضح من كتاباتهم. ما تسميه إقصاء هو دفاع عن التعددية وليس العكس».
كما كتبت الناقدة السعودية د. فاطمة العتيبي هذا الرد: «رفض الإسلام السياسي أو الصحوة قائم على رفض التكفير واستباحة الدماء، وامتلاك حق الحكم على دنيا الناس وآخرتهم. لماذا نرفض العنصرية وما تؤول إليه من إقصاء على أساس اللون والجنس والعرق ونقبل الصحوة أو الإسلام السياسي مع مآلاتهما الدموية؟».
الحال أن هذا الجدل يتجاوز العرب والمسلمين، والانقسام فيما بينهم حول حق المتطرفين ومستخدمي الذخيرة الدينية للتصويب على المخالفين، هذا جدل «عالمي» حقيقي، لأننا رأينا كيف نافح الليبراليون الغربيون «الغلاة» من ساسة ونشطاء، عن حق «الإخوان» في مصر بحكم بلاد الكنانة، وعلى رأس هؤلاء المنافحين كان الرئيس باراك أوباما.
لكن أثبتت أيام «الإخوان» الكئيبة في مصر: أي مصر كانوا يريدون تصديرها للعالم؟
السؤال المركزي هو: ماذا تريد شعوب المنطقة حقاً؟ هل هو الصندوق الانتخابي المجرد، والإيمان «الصوفي» به، أم تريد أمناً وتنمية وإبحاراً نحو المستقبل؟
بالمناسبة، نشهد هذه الأيام محاولات من صناع الربيع العربي، ربيع الخراب، لإعادة بعثه من جديد... حتى إنَّ مسؤولاً عربياً متقاعداً، من أصدقاء العقيد القذافي، يحاول التبشير بذلك، في لقاء تلفزيوني... ولذلك حديث آخر.
نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط