محللون لبنانيون: اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة يعمق الأزمة اللبنانية
اعتذر سعد الحريري عن تشكيل الحكومة اللبنانية
اعتذر رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، الخميس، عن تشكيل الحكومة اللبنانية، وذلك بعد لقائه مع الرئيس ميشال عون.
وخلال مؤتمر صحفي عقب لقائه عون، قال الحريري في كلمة مقتضبة إنه لم يتوصل إلى اتفاق مع الرئيس، قائلا: "من الواضح أننا لن نتمكن من التوصل إلى اتفاق".
ويمثل اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة أزمة كبرى للوضع اللبناني، الذي يشهد وضعا اقتصاديا متدنيا، في وقت حذر البنك الدولي الشهر الحالي من أنها تُصنّف من بين أشد عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، منتقدا التقاعس الرسمي عن تنفيذ أي سياسة إنقاذية وسط شلل سياسي.
اعتذار متوقع
وقال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني محمد الرز: إن اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة اللبنانية كان متوقعا، وذلك لسببين أولهما وأهمهما استمرار رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره بزعامة صهره جبران باسيل في محاولة الانقلاب على الدستور، ورفض اتفاق الطائف الذي حقق العدالة في مناصب الدولة وصلاحياتها حين أوكل بعض صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء.
أضاف الرز في تصريحات لـ"العرب مباشر": "لقد كانت لرئيس لبنان قبل الطائف صلاحيات إمبراطورية شكلت أحد أهم أسباب اندلاع الحرب الأهلية فجاء اتفاق الطائف عام 1989 وبموافقة كل الفرقاء مسلمين ومسيحيين لتعديل الخلل، لكن ميشال عون كان الوحيد الرافض للاتفاق وللحل العربي، وهو اليوم يستغل منصب رئاسة الجمهورية ليستعيد هذه الصلاحيات وأبرزها تعيين رئيس الحكومة والوزراء أو على الأقل التحكم بهما من خلال الثلث المعطل، وهو لذلك رفض التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف دافعا إياه إلى الاعتذار".
مقاييس الانتخابات المقبلة
وأشار الكاتب اللبناني إلى أن السبب الثاني يتلخص في اعتبار جهود الطبقة الحاكمة في لبنان تنصب حاليا، ليس على مواصفات الوزراء في الحكومة وإنما على مقاييس الانتخابات النيابية المقبلة بعد سبعة أشهر، وبعدها الانتخابات الرئاسية، لافتا إلى سعي أطراف الطبقة الحاكمة إلى استعادة سطوتهم وتقاسمهم لما تبقى من مقدرات الدولة.
أردف: "أن ما لفت النظر هو تجاهل رئيس الجمهورية وتياره لكل المساعي العربية والدولية لتشكيل الحكومة، وفي مقدمتها المبادرة المصرية التي واكبها تحرك فرنسي فاعل، ومع ذلك فضل الرئيس عون مصالحه الخاصة الفئوية على مصلحة الوطن والمواطنين".
محدودية الخيارات
اعتبر الرز أنه لم يعد هناك خيارات واسعة في لبنان فالعالم يتغير، والمطلوب خطوات سريعة في لبنان تحافظ على مقومات الدولة الوطنية كي لا تضيع في مهب هذه المتغيرات، وأبرزها مواصلة وتكثيف المسعى العربي والمصري خاصة لتحقيق الآتي: أولا، إعادة تكليف حكومة حسان دياب بممارسة عملها كاملا بعد تعديل في بعض الوزراء، وثانيا وضع قانون انتخابات جديد يتلاءم مع نص الدستور لإجراء انتخابات نيابية غير طائفية ومجلس شيوخ يمثل الطوائف، وثالثا إصلاح القضاء وتحويله بقانون إلى سلطة مستقلة.
اختتم حديثه قائلا: "هذه الإجراءات تساهم بقوة في لجم الفوضى والانهيارات في لبنان وتمنع تحويله إلى ساحة للتسويات الطائفية الفئوية داخليا أو إلى ميدان للوصايات الأجنبية".
عودة العقارب للوراء
من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي اللبناني فادي عاكوم، أن اعتذار الحريري يعيد عقارب تشكيل الحكومة إلى الوراء، ويخصم من عمر الدولة اللبنانية والشعب اللبناني 9 أشهر.
أضاف عاكوم في تصريحات لـ"العرب مباشر": "بالتالي الأزمة، بالوقت الحالي تنطلق من عدم معرفة من سيكون على رأس الحكومة، لكي يرضي المجتمع الدولي وفي نفس الوقت يرضي حزب الله وجبران باسيل".
كما لفت إلى أنه ليس هناك قرار دولي يرضي حل الأزمة اللبنانية في الوقت الحالي، وبالتالي الأزمة مرشحة للاستمرار، متابعا: "وحتى لو تم اختيار رئيس حكومة جديدة سيكون صورة طبق الأصل من حكومة حسان دياب والتي ليس لها ثقل دولي كونها مؤسسة على قواعد المحاصصة والمذهبية".
نتائج الاعتذار
قال عاكوم: "بالتالي الأوضاع ستكون من سيئ إلى أسوأ، حيث ستشهد الليرة اللبنانية مزيدا من ارتفاع سعر صرف الليرة والمزيد من الانتكاسات الاقتصادية".
وكانت الليرة اللبنانية قد سجلت تراجعا قياسيا جديدا في سعر الصرف أمام الدولار الأميركي، بعد اعتذار سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، وتجاوز سعر صرف الليرة اللبنانية حاجز الـ20 ألفا مقابل الدولار، بعد اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة.
وكانت الليرة قد سجلت هبوطا قياسيا غير مسبوق، الأسبوع الماضي، حين سجلت العملة اللبنانية 19400 ليرة مقابل الدولار الأميركي.